Facebook Login JavaScript Example

 

 

 
 

> الصفحة الرئيسية - الحكمة - مقالات أخرى

 

 

القدرات الخارقة للعادة


1-المعجزة
2-الكرامة
3-القدرات النفسية
4-القدرات الذهنية (العقلية)
5-القدرات الجسدية


المعجزة
حسب التقيم السابق الخاص بمستويات الوعي (راجع هرم الوعي ومستويات الوجود)، فإن تصنيفي للأمور الخارقة يستند على فكرة التأثير على المستوى الوجودي من قبل المستويات الأعلى، فالأمر الخارق للعادة والطبيعة يحصل في الحقيقة على المستوى الذري أو (الوجودي)، وأي ظاهرة في الكون تحصل على المستوى الذري لأنه الأساسي ويتم ملاحظتها لاحقاً على المستويات الوجودية الأكبر، هناك تعريفات عديدة للخوارق، لكن جميعها بلا استثناء هي فرض سيطرة وتأثير على المستوى الذري لحرفها عن السلوك الطبيعي (الأساسي) من قبل "وعي" يقع في المستويات الأعلى للوجود، وهذا يعني أنه لا توجد ذرة تستطيع صنع معجزة أو أمر خارق للعادة لأنه ببساطة ليس هناك مستوى أدنى منها لتمارس عليه هذه السيطرة، فهي أدوات للخوارق والظواهر الكونية وليس العكس.

إن وجود الخوارق لا يعتمد على كونها ممكنة أو غير ممكنة فكل المستويات فوق الذري يمكنها الوصول إلى درجة الخوارق، لكن تختلف درجة اختراقها للقوانين بإختلاف نوع الوعي المتصل بالمستوى الذري، إن أعلى درجات الاختراق على الاطلاق، يطلق عليها "المعجزة"، حيث يلزم تدخل أمر الله لتغيير النظام على المستوى الوجودي، فالمعجزة وإن ظهرت على أيدي الأنبياء (عليهم السلام) فهي بالأساس من أوامر الله ولا علاقة للأنبياء بها سوى احتوائها (كمعجزة اليد البيضاء) لموسى عليه السلام أو حملها (كمعجزة العصا) لسيدنا موسى (عليه السلام ) أيضا، أو الاصطدام بها مباشرة كمعجزة النار الباردة التي ألقي بها سيدنا إبراهيم عليه السلام.. ولنتأمل حادثة النار تلك.. فالله تعالى يقول:

((قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ )) 69 سورة الأنبياء
((وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ ،من الأية)) 44 سورة هود

فأساس المعجزة هنا أن الله يخاطب الشيء (بما فيه من وجود) ويصدر الأمر إليه، ولأن الله هو الذي يصدر هذا الأمر، فالمادة تطيعه إلى أعلى حد ممكن، فلا يصح أن تتجاوز الخوارق الأخرى ذلك الحد، ولذلك عند مبارزة موسي (عليه السلام) للسحرة وقد أتوا بأمور خارقة وسحروا أعين الناس، فإن سحرهم مع أنه يعتبر أمراً خارقاً للعادة (التأثير على أعين الناس وسحرها) لم يبلغ حد المعجزة، لأنه في حالة السحرة فالمادة لا تطيع المخلوق أكثر مما تطيع الخالق بحد ذاته، وهنا يظهر الفرق بين الإله والإنسان العادي، إنه حتى وإن قام الإنسان بإختراق النظام الكوني باستخدام وعيه وإراته فإنه لا يصل بشي إطلاقاُ إلى درجة المعجزة، بسبب الفرق بين وعي وإرادة الإله وبين وعي وإرادة الإنسان، وهو(أي الإنسان) وإن قام ببعض الخوارق لا يقوم بها إلا بسلطان، كسلطان العقل، أو سلطان النفس أو سلطان الروح على النسيج الطبيعي المادي.

يقول الله تعالى:

((يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لَا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ)) (33) سورة الرحمن   

هناك من ينظر إلى المعجزة كظهور من العدم أي نوع من الخلق، وهناك من ينظر إليها كتأثير إلهي على شيء موجود مسبق، وأنا أميل إلى الرأي الثاني، إيجاد الشيء من العدم (الخلق) هو أعظم من التأثير عليه (المعجزة)، ولأن وعي الناس كان متدني في الماضي فكانوا يرون المعجزة أعظم من الوجود ذاته، كمن ينظر إلى السماء  فسيتعظم مرور الشهاب وينسى وجود النجوم رغم أنها أعظم حجماً وقدر، لكن نحن في هذا العصر ومع تقدم وعينا وعلومنا، علينا أن ندرك أن الوجود ذاته (إيجاد الشيء من العدم)  هو أعظم من المعجزة (التأثير على الموجود مسبقاً) وليس العكس.

لذلك يقول الله تعالى:

((وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَابًا فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ (7) وَقَالُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ أَنْزَلْنَا مَلَكًا لَقُضِيَ الْأَمْرُ ثُمَّ لَا يُنْظَرُونَ(8) ))  سورة الانعام
((وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَارًا وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (3))) سورة الرعد 

فنحن بوعينا الحالي لسنا بحاجة لرؤية المعجزات كي نؤمن، بل يجب أن نعي ما هو أعظم منه، وجودنا ووجود الكون من حولنا هو المعجزة الحقيقية، فالأيات الأعظم هي أيات الخلق، ومهما بلغ عظم المعجزة فالكفار لا يؤمنون بها لأنهم ببساطة لا يؤمنون بخلق الوجود وهو أعظم فكيف يؤمنون بما هو أقل؟

هل هناك حد معين تقف عنده المعجزة؟ فلو إستيقظنا صباحاً ورأينا ان شمس جديدة ظهرت، فأصبح لدينا في السماء شمسان فهل ستصنف الأمر على أنه معجزة أم خلق جديد؟ في الحقيقة أجزم أن الأمر إن حصل فهو إرادة إلهية وليس معجزة، لأنه لا يوجد مخلوق قادر على خلق مخلوق آخر، ولأن مرحلة الخلق سبقت كل شيء وهي أولى المراحل، يقول الله تعالى:

((هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)) (29) سورة البقرة

فكلمت "خلق" فعل ماضي، فكمية المادة والطاقة في الكون هي كمية ثابتة جدا، القانون الأول في الميكانيكا الحرارية، ولو افترضت أن عملية الخلق مازالت مستمرة، فأنت تفترض دخول مزيد والمزيد من المادة، ولأدى ذلك إلى تغيير الكون فيزيائياً وتغير قوانينه، على عكس الملاحظ، وحتى في معجزة المائدة التي نزلت إلى عيسى عليه السلام والحواريين فإنها نزلت من السماء (أي من خارج نطاق الأرض والكون المرئي) ولم تخلق خلقاً من العدم أمامهم، لأنه لا عدم موجود داخل الكون الموجود أصلا، مع عدم انكاري لقدرة الله على فعله، أي خلق عدم داخل الموجود ثم خلق وجود من ذلك العدم، ثم إعدام وجود العدم الذي نشأ في الموجود السابق، ولكن ألن يكون الأمر أذكى قليلاً لو كان الأمر عبارة عن تحويل المادة والطاقة من شيء إلى آخر؟ كتغيير النسيج الطبيعي الموجود أصلاً؟ فمثلاً فلو صنعت قطعة من القماش وثم قمت بتغير شيء بها كتغيير تشكيلات النسيج بحيث يتخذ شكلا جديداً ألن يكون ذلك أكثر إبداعاً من مجرد إحضار قطعة ملونة جديدة من قماش آخر ولصقها لصقاً فوق القماش القديم؟ ورغم أن كلا الأمرين مبدع ولكن الإبداع في الحالة الاولى أكبر، لأنه يفترض معرفة مسبقة عن كيفية التعامل مع النسيج والمهارة الناتجة عن تفادي الأخطاء والمشكلات التي قد تقع عن فرض تشكيلات جديدة، لذا فتفسير المعجزة كتغيير في النسيج الطبيعي أو خلق من العدم كلاهما أمر معجز ومبدع، ولكن التفسير الأول يعطي عمق أكبر وأعظم للقدرة الإلهية، والذين يفترضون أن المعجزة تخلق خلقاً من العدم داخل كوننا هذا هم بالأساس يفترضون  أن الله عاجز عن التعامل مع النسيج الطبيعي الموجود أصلاُ وتعقيداته كما هو لإيجاد المعجزة منه، مع ان كلاهما معجز، إلا أن تغييرا النسيج الطبيعي الموجود أصلاً إلى صورة  جديدة معجزة، أي خرق القوانين الموجودة أصلاً بدلاً من إيجاد قوانين جديدة للحظات يبدو أكثر إعجازاً بالنسبة لي، ويظهر براعة الإله في التعامل مع النسيج الطبيعي والتحكم به.

فيمكن النظر إلى المعجزة أو الأمر الخارق كأمر ممكن الحدوث ولكن إحتمال حدوثه في الحالة الطبيعة ضئيل جداً إلى  العدم تقريب، وعندما يحدث فإنه لا يحدث لأنه يحدث أو لأن "شيء ما" أتى من "مكان ما" بل لأن القدرة الإلهية جعلت إحتمال حدوثه يصل إلى 100% فيحدث.

فمثلاً ميكانيكا الكم تفترض أن إختراق اليد للجدار أمر ممكن تماما، لأن الذرة في معظمها فراغ وكل ما يلزم لإختراقها الجدار هو تساوي تردد ذرات اليد مع ذرات الجدار، فتمر اليد من خلاله ببساطة، فإحتمال حدوث الأمر ممكن، ولكن إحتمال حدوثه "وحده" ضئيل جداً جداً أي يلزم أن تدفع الجدار إلى المالانهاية ليحدث، من يستطيع أن يعرف تماماً أين توجد كل ذرة وكيف تعمل؟ وكون الله هو الوحيد القادر على الوصول إلى تلك الحقائق والتحكم، فهو الوحيد القادر على جعل الأمر ممكن الحدوث، ولو رأيت الأمر أمامك "إختراق اليد للجدار"، فسيبقى الأمر معجزة، ورغم أنك تعرف تماماً كيف حصل الأمر، فإن ذلك لم يقلل من تصنيفك للأمر على أنه خارق، لأنك تعلم أن تنفيذه يحتاج إلى قوة خارقة، فالخارق في المسألة هو الله وليس الشيء المفعول به، فالمعجزة تكتسب إعجازها من تدخل الله لحدوثها وليست خارقة لذاته، فالنار عندما أصبحت باردة على سيدنا إبراهيم (عليه السلام) فعلت ذلك لأن الله أمرها بذلك وليس لأنها خارقة أو أن الله إستبدلها بنار آخرى باردة مختلفة عنها من خارج الكون، بل النار غيرت شيء من خطائصها بناءاً على أوامر الله، أعتقد أن ذلك يكفي لإيضاح الفكرة المقصودة، هل الله يأمر المخلوق بشيء لا يستطيع المخلوق فعله؟ كأن يأمر الإنسان بمعرفة المستقبل أو إفناء الكون أو بناء أكوان آخرى؟ ولو حدث ذلك فهل يعني الامر ان الإنسان بالفعل هو من قام بالأمر أم الله؟! هنا تظهر الطبيعة الحقيقية للمعجزة "كأوامر من الله إلى مخلوقاته" أي من الإرادة والوعي الإلهي إلى الوعي الوجودي، وإذا تجاوزت المعجزة القدر الذي يمكن للمخلوق الوصول إليه، لا تعد معجزة بل تعد قدرة إلهية، تدخل مباشر من الإله، إن مفهومنا عن طبيعة المعجزة هو مفهوم مغلوط، حيث نتصورها كشيء قائم بذاته يضعه الله في الأشياء فتصبح خارقة لذاته، مع انها ببساطة جزء من الطبيعة الحقيقية للوجود (إطاعة المخلوق للخالق).

في الحقيقة أكره الحديث في الإلاهيات وتفصيلها لأنها من بوابات الزندقة، من المستحيل أن تعرف كل شيئ عن هذا الأمر لأنه يتطلب معرفة بالطبيعة الإلهية وهذا مستحيل بكل ما للكلمة من معنى، الهدف من كل هذا الكلام ليس التقليل من قدر المعجزات، بل جعل الأمر أكثر قبولاً للعقل والقلب، فهو محاولة لفهم الإعجاز فيه، ومساعدة الناس في عصرنا على تقبل فكرة وجودها في نفس الوقت، سمعت مرة قصة مشهورة بأن أحد المجاهدين الأفغان ألقى بصخرة على دبابة سوفيتية فانفجرت وتطايرت قطع صغيرة، الذي يؤمن بحدوث هذا الأمر من منطلق الرغبة في الإيمان سيخالجه الشك طوال الوقت، لكن من يقوم بتفسير الأمر يمكن أن يجد إيمان وتقبل أفضل للمسألة، وعندما سمعت الـمر للمرة الاولى وكنت صغيراً وقتها صرخ في وجه الذي قالها لي: "يكفي خزعبلات!.. هات الدليل!" لكن بعد أن درست الفيزياء الحديثة بدأت أفهم الأمر، فالحجر مثلاً كمادة هو تكاثف هائل للطاقة، نرى تحرر مشابه للطاقة من المادة في الإنفجارات النووية، حيث تتحول جرامات صغيرة من المادة إلى طاقة هائلة جداً تدمر مدن بأكمله، فالمسألة هنا هي تحرير جزء بسيط من تلك الطاقة المختزنة، من يمكن ـن يأمر المادة بأن تحرر نفسها إلى طاقة، يمكن أن تقف أمام الصخرة وتحاول إقناعها بفعل الأمر وتقول "هيا! تحرري إلى طاقة هيا!" لكن لن تطيعك أبدا، (كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاءِ لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ من الآية 14 سورة الرعد)، لكن يمكن أن تفرض إرادتك عليها فرضاً إجبارياً لتطيعك، فتدخلها إلى مفاعل نووي وتقوم بتفتيها إلى طاقة بالقوة الإجبارية، الله لا يحتاج إلى كل ذلك بل يأمر الصخرة فتنفذ بكل بساطة، لذا فالأمر ممكن تماماً بالنسبة إلى الله، ومعجز تماماً بالنسبة للبشر، وفهمنا لميكانيكا حودث المعجزة لم يؤثر على إيماننا بها بل زاده لأننا فهمنا بالضبط أين تدخلت اليد الإلهية، وأي المفاصل قامت بتحريكه عن موضعه الطبيعي لتوجد المعجزة، وأنا أعرف ان السواد الاعظم من البشر يرفض فكرة "وجود معجزات" في العالم المادي والذين يؤمنون بوجودها يرفضون فكرة "دراسة المعجزات"، وتركها معجزات يتم الإيمان بها كما هي ولا يبحث في الطريقة التي حدثت به، فكيف نوفق بين الإثنين؟! نحن ندرس الوجود الفيزيائي وأسرار الخلق والإعجاز الإلهي فيهم، لكن نرفض دراسة المعجزات (وهي أقل عظمة من الوجود) وفهمها، مع ان كلا الأمرين من مصدر واحد هو الله، لا أحاول هنا أن أضع المعجزات الإلهية في المختبر وإلقاء التجارب عليه، بل محاولة إثبات إمكانية حدوثها بالعلم، فيؤمن العقل والقلب معاً.. ولا يؤمن القلب ويكفر العقل، كجزء من نظرية ثنائية الإدراك، أؤمن بالمعجزة بقلبي وأدرسها بعقلي، لذلك أدعو مثلاً إلى تحليل تركيب الحجر الأسود الموجود داخل الكعبة المشرفة لإثبات أنه من مصدر غير أرضي، وإلى البحث عن الصدوع القمرية وسجلات الشعوب والحضارات القديمة لإثبات حادثة إنشقاق القمر، وإلى البحث بين علاقة التركيب الطيني بالتركيب البشري الحالي، والبحث في مراحل خلق الإنسان وحقيقة نظرية النشوء والتطوّر، والبحث عن دلائل الطوفان القديم في الطبقات الجيولوجية وغيره، وحقيقة الفوائد الصحية في مياه زمزم والطب النبوي والصلاة وغيره، وكم من البشر آمنوا فقط لأنهم علماء وشاهدوا أدلة علمية على وجود المعجزات، فجمعوا "ثنائية الإدراك"، الإيمان المجرد والعقل، فهؤلاء إيمانهم أصبح أقوى، لأنهم فهموا إعجاز الأمر بشكل اكبر من الذي يطأطأ رأسه مسلماً بالمعجزة عن جهل، ولو كنت حقاً مؤمناً بوجود المعجزة فلا يجب أن تقلق من بحثها علمي، ضمن معايير معينة، لا تنتهك الحرمة الدينية، لأنك لو كنت تؤمن بصدق الله فعليك أن تعرف بأن العلم لابد أن يتحد مع الدين في النهاية، أمّا إن كنت تخشى أن يثبت العلم شيئاً مخالفاً للدين فعليك أن تراجع مفاهيمك الدينية الخاصة وحقيقة ما تؤمن به، لا يمكن أن تجلس هكذا تعيق البحث العلمي بحجة القصور العقلي.

الخلاصة أنه يجب أن تعتقد بأن كل أمر مهما بلغ بالغرابة حداً كبيراً فهو ممكن الحدوث إذا أمر  الله المخلوق ذلك وكان ذلك ضمن إمكانات المخلوق، وعندها يسمى معجزة، والمعجزات ظهرت على أيدي الأنبياء فقط ولذلك فهي معروفة ومحدودة العدد، وتمثل الحد الاعلى الذي قد تصل إليه المخلوقات الموجودة.

ففي معجزة انشقاق القمر التي ظهرت على يد سيدنا محمد (عليه أفضل الصلاة والسلام) إنشق القمر إلى نصفين، فلو أتى إليك أحدهم وقال مثلاً رأيت القمر ينشق إلى عشرة أقسام، فقبل أن تبدأ بالتهليل والتكبير حاول أن تفهم الأمر، وكثيراً ما كنت اسمع الناس يتناقلون أخبار وعجائب يومية لم تظهر في أيام الأنبياء عليهم السلام  ولا عهود الصالحين ويصنّفونها على أنها "معجزات" ويهللون ويكبورن ثم يظهر بعد فترة زيف إدعاءاتهم وأخبارهم، عندها يظهر المؤمنون بها بمظهر المغفل، وقد لا يظهر زيفها لفترة طويلة، ويبقون متمسكين بها إلى حد الموت، وأعتقد أنني في النهاية وجدت حلاً لهذه المسألة، "لقد طال الأمر" قلت في نفسي، في حرب غزة التي حدثت قبل عامين، زعم البعض أن المجاهدين كانوا تطلق عليهم الرصاصات ويبقون واقفين دون أن يصابوا بخدش، أو أن المتفجرات والألغام تتفجر لوحدها ودون وجود صواعق كهربائية.

المعجزة التي لم أسمع بها في حياتي! المعجزة الخارقة، رجل من المجاهدين أخذ صاروخ بيده وتوجه بها إلى دبابة ميركافا 4 (دبابة بنظام استشعار عن بعد قادر على رصد فأر على بعد 500 متر) ثم فتح باب الدبابة "هكذا" بكل ما للكلمة من معنى ووضع الصاروخ بالداخل، ولسبب ما لم يراه أحد، ثم خرج وأغلق باب الدبابة وراءه، وذهب إلى مسافة مناسبة.. وبالطبع لم ينسى الصاروخ أن ينفجر وحده كالعادة، وقتل كل من في الدبابة، حدثني بهذا الأمر إثنان من أقربائي وهما يقسمان جهد إيمانهما أنه ممكن، وعندما قلت لهما: "كيف حدث ذلك؟" صرخوا:"لا يجب أن يكون كل شيء منطقي.. لا يجب أن يكون كل شيء بالورقة والقلم والمسطرة!

لا يجب أن يكون كل شيء بالورقة والقلم!!". قلت  في نفسي: "لا يجب أن يكون كل شيء بالإيمان فقط.. أليس كذلك؟" ولو كان أخونا المجاهد "سوبر مان" موجوداً حقا، فكل ما نحتاجه لتحرير بلادنا هو أن يقوم "بحركة الصاروخ"5500 مرة وهذا هو عدد البابات الموجودة في إسطول العدو، فكل الرويات التي خرجت خارج نطاق المنطق  صورت مجاهدينا كعملاقة يسيرون في الأرض ويسحقون الأعداء كحشرات صغيرة، صورة جميلة ولكن غير حقيقية، الحقيقة أن الصحابة المجاهدين كانوا يقاتلون ويقتلون ويجرحون، وكانوا يلجؤون إلى الحلية والتخطيط ويأخذون بالأسباب، ولم يكون يفجرون الأرض أو يخرجون أشعة الليزر من أعينهم أو يطيرون في الهواء، بل كانوا بشر، يتنفسون ويأكلون ويشربون ويتغوّطون، يواجهون الأعداء ببسالة، وأحيانناً يوفقهم الله لبلوغ القدرات الجسدية والعقلية والروحية النهائية للبشر وليس تحويلهم إلى ما يشبه "الوحوش الأسطورية" وهذه هي الحقيقة المجردة.

الجميل في الإيمان أنه يمكنك أن تؤمن بأي شيء تريد، حتى الله أعطى البشر الحرية في الإيمان والإعتقاد، لكن لكل إيمان عواقبه، فإيمانك بالوهم هو إيمان باللاشيء، وأسوء الإيمان على الإطلاق هو أن لا تؤمن بشيء. 

عندما تفهم ميكانيكا المعجزات وطبيعة حدوثه، ومقياس إختراق النسيج الطبيعي، عندها فقط يمكن أن تصنف الأخبار كمعجزات (إختراق حقيقي للطبيعة)  أو خرافات (وهم) مثل خرافات التيارات الصوفية وغيرهم من الأخبار والخزعبلات التي يتناقلها كثير من عوام الناس ممن لم يرحمهم الله.

 

"المعجزة لا تحدث عندما تحدث، بل تحدث عندما يريد الله أن تحدث"

 

 

 

مقال معاد نشره

 

طباعة الصفحة من أجل طباعة الصفحة، تحتاج إلى قارئ PDF

 

 

للاتصال بنا

ahmad@baytalsafa.com

أحمد الفرحان -الكويت.

 

 

 

facebook

أحمد الفرحان

مجموعة الاسقاط النجمي

مجموعة التحكم بالأحلام

 

 

 

 

 

"لو كان الفقر رجل لقتلته" رغم حجم الصدقات التي يدفعها الشعب البترولي. إلا أن لا زال الفقر والمرض والطمع موجود. نحتاج إلى حياة جديدة تنفض الغبار لتنتعش الإنسانية من جديد.

مالك أمانة، فانتبه أين تصرفه.. للسلاح أم للسلام.

 

الدعم المعنوي لا يقل أبدا عن الدعم المادي، لأن كلاهما يعبران عن قدرتنا على صنع واقع صحي جديد.

 

 

____________________________

جميع الحقوق محفوظة بالملح وبعلب صحية