|
|||||||||
> الصفحة الرئيسية - الحكمة - مقالات أخرى |
|||||||||
الرؤية الضيقة للحلال والحرام
نحتاج أن نتفكر في هذه الرؤية التي نرى فيها الحلال والحرام ومدى حقيقتها وبعدها، وعندما أتأمل في هذا الأمر أرى كثيرا أنه ما نرى بالرؤية السطحية ونفتقر الرؤية الكاملة لابعاد هذا الحال، وبسبب فقدان الوعي الديني وبسبب التعلق بظاهر الشرع فالكثير نضيع جوهر الاسلام والغاية الحقيقية التي ينبغي أن نصل إليها منها من أعمالنا وعباداتنا، أو المبالغة في التهويل والذنب في غير موضعه، وكثيرا ما نتعلق بقيمة المبلغ الذي تجب فيه الزكاة، وعدد الأيام الواجب قضاؤها من الصيام، وشكليات الطهارة والوضوء والاختلاف بين الغسل والمسح وكأنها كل شئ وكأنها الغاية المرجوة التي نحتاج أن نصل إليها، أو كأن الله سينتظرنا بشديد العقاب إن سهونا بشئ، وعندما أتأمل في هذا كثيرا ما أتأسف أو أصل إلى النتيجة أن الثقافة الإسلامية اليوم مضيعة لجوهر الإسلام، وأكثرية هذه الفتاوى والأحكام لا تبنى على رؤية وبصيرة ولا على الرؤية الكلية والكاملة لغاية الأحكام، والوعي بهذه الرؤية للحلال والحرام والتي ينبغي أن تنبع من اتباع الحق والضمير في أنفسنا. فكثيرا ما ألمس في مجتمعاتنا صور التعلق بظاهر الشرع أو التدقيق على الأحكام الظاهرية مثل حكمنا على صلاحية الزواج أو العيش الظاهري بالحلال من مجرد عدد الطلقات وصلاحيتها أو فلاح صلواتنا واثمارها من مجرد عدد الركعات أو صحة الصلاة من مجرد الالتزام الظاهري بالوقت وحرفية الركعات وأحكام الوضوء، وبالتالي يكون هناك تعلق بظاهر الشرع وحرفية الأحكام مع غياب الرؤية الحقيقية التي تنبع من الحق والضمير، وكثيرا ما ألمس هذا الشئ عندما أتابع برامج للفتاوى، وكثيرا ما تكون هناك أسئلة تبنى فقط على خشية الحرام الظاهري، ومنها أن تكون ظروف الزواج غير مستقرة أو يعيش فيها الزوجان بظروف من الغضب والشحناء أو ظلم فعلي واقع للزوجة ومع ذلك يكون الهم فقط منصبا على العيش الظاهري بالحلال وعلى الاهتمام بصلاحية وقوع الطلاق من عدم وقوعه وكأن هذا كل شئ في رؤيتنا لحلال العيش الزوجي، ونرى أن رؤيتنا الحقيقية للحلال وعيشه في حياتنا ينبغي أن تنبع من إدراكنا للحق وللضمير، وليس مجرد تعلق سطحي بظاهر الشرع، ومثله تماما الزوج أو الرجل الذي يخوض تجربة تعدد الزوجات ولا يكون قراره واعيا أو يكون مبنيا على دوافع ونزوات جسدية وعاطفية ويبرر بإباحة هذا الحكم شرعا، ويؤدي إلى انعكاسات وآثار سلبية على زواجه وأسرته أو تكليف فوق الطاقة والقدرة في العيش والانفاق والحمل النفسي والشواهد من هذه القرارات والخيارات الخاطئة التي لا تعد ولاتحصى في مجتمعاتنا.
مقال معاد نشره
| |||||||||
|