|
|||||||||
> الصفحة الرئيسية - الحكمة - مقالات أخرى |
|||||||||
الوعي الديني (المعتقدات)
دعونا نتأمل في المعتقدات وفي هذه الأفكار الصلبة التي نحمل الكثير منها ونتلقاها من محيطنا ومجتمعاتنا من الثقافة الدينية والمذهبية التي نشأنا فيها ومعتقدات كثيرة نحملها حول الغاية من وجودنا وطبيعة الحياة والدور الذي ينبغي أن نؤديه فيها والمعتقدات الدينية عن حياة القبر والقيامة وطبيعة الحياة بعد الموت، ولكن السؤال الذي نحتاج أن نسأل أنفسنا به هو عن علمنا ووعينا الحقيقي بهذه المعتقدات التي نحملها، فهذه المعتقدات الصلبة والقاسية التي نحملها وعندما لا تكون واعية تعيق عنا الوعي والنضوج أو سبيل السعادة والخير الذي أحتاج أن أسير عليه في حياتي، وعلى سبيل المثال عندما أعتقد بأني امرأةضعيفة ودوري في الحياة محصور في الرعاية والتربية ورضا الله يتحقق عندما أحيا في قمقم الواجب والطاعة، وكثير من هذه المعتقدات التي تحجب عنا المعرفة الحقيقية لله وتغفلنا عن دورنا الحقيقي في حياتنا والعيش بما يرضي شغفنا ومواهبنا الحقيقية فيها، والكثير منها يقف عائقا أمام الاصلاح والتغيير للأفضل في حالنا وأنفسنا، مثلا عندما نتامل الآية القرآنية (يحسب أن ماله أخلده) ووصف حال الإنسان عند الاعتقاد والظن بأن المال هو محور الحياة أو هو السبب في خلودنا وعيشنا ثم بطلان هذا المعتقد وعدم انسجامه مع جوهر وغاية الحياة وما نحتاج أن نسعى إليه فيها، والنتيجة التي تكون من اختبار حال من الخيبة والحسرة بسبب تأثرنا وحملنا لهذا المعتقد الباطل وما انتجه علينا من ظلم لانفسنا وضياع وقتنا وجهودنا او ضلالنا عن الجوهر الحقيقي في الحياة، وحال هذا حال كثير من المعتقدات الباطلة التي قد نحملها أو قد تقودنا إلى الانحراف في مسارنا وتعليق أنفسنا ووجهتنا بالأمور الفانية بالمال والولد والممتلكات، وبهذا نحن نحتاج إلى التأمل والتفكر في هذه المعتقدات التي نحملها. أحيانا كثيرة نحمل معتقدات صحيحة عن الحياة ولكن لا يكون عندنا الوعي الكافي فيها ونحتاج أن نعي الفرق ما بين المعتقد الذي نحمله في فكرنا وما بين وعينا ويقيننا والذي يحمل ثماره وانعكاسه الحقيقي علينا، فالكثير منا نعتقد بحتمية الموت والانتقال من عالم الدنيا ونشهد على هذه الحقيقة من واقعنا، ولكن عند التأمل في هذا فمجرد الاعتقاد لا يكفي وإذا كنت أعي حقيقة بحتمية الفناء وانتهاء المحطة المقدرة لي على هذه الأرض فهذا الأمر سيجعلني أكثر وعيا وتقديرا للحياة التي احياها وبالأمانة التي أحملها، والوعي بغايتي والتفكر والمراقبة المستمرة لنفسي وفيما أصرف عليه وقتي وجهدي وفي سبيل ماذا، والوعي بحتمية الموت لن يجعلني أعيش حياة عشوائية عديمة الهدف والغاية وسيجعلني أكثر سعيا لمعرفة نفسي ورسالتي ومحبة نفسي ورفع قدرها وامانتها وعدم ظلمها وتكليفها فوق طاقتها أو ربطها بما هو فاني من الماديات والبشر، أو اظلم أمانات الآخرين واهمالها، وأحمل هذا الوعي الذي يجعلني اقدر الآثار الذي سأتركها وما سأخلفه من بعدي بعد مغادرة الجسد وانتهاء المحطة التي أعيشها على هذه الارض، ولو تأملنا في هذا الحال فإنه ينطبق على الكثير من المعتقدات التي نحملها أو نظن أن الغاية المرجوة فقط هو صلاح معتقداتنا وهو سبب نجاتنا، فنعتقد بوجود الله أو نعتقد بشهادة (لا إله الا الله) ولكن في ظاهر حالنا لا نعيش بما ينسجم مع هذا الاعتقاد ولا نجد انعكاسا حقيقيا على حالنا ورؤيتنا وأعمالنا في الحياة، ولكن التأمل في هذا يجعلنا ندرك أننا بحاجة إلى التأمل الذي يفتح باب الاختبار الذي يبني اليقين في داخلنا، وعلى سبيل المثال الاعتقاد أن (الضرر والنفع الحقيقي) هو بيد الله ، فربما أكون في واقع الحال الجأ إلى الكذب ومجاملة في تعاملي مع الناس وبسبب وجود هذا الشعور الخفي في اللاوعي والاعتقاد أنهم سيحققون مصلحتي وهم من ينفعوني، وبعدها اتعرض للخذلان وهدم التوقعات، فهذا الاختبار الحقيقي وعند فهمي لمغزى هذا الالم ومغزى رسالته وادفع بها لاصلاح ما في نفسي واصلاح معتقدي. هذا الاختبار والشعور الحقيقي هو الذي سيشكل انطباعا حقيقيا في اللاوعي، وأحمله معي طيلة حياتي، فهو الآن تحول إلى وعي وليس مجرد معتقد احمله في رأسي، ويكون فتح باب التأمل والتعمق بالذات هو سبيل لفتح أبواب اللاوعي والاختبار في حياتنا والوصول إلى اليقين في كثير مما نعتقده في حياتنا، فإذا كانت معتقدات صحيحة تتثبت ونعيشها بيقين وتحمل أثارها وانعكاساتها علينا، واذا كانت معتقدات باطلة ندرك زيفها ونتركها ونسعى لتبني الحق وعيشه في حياتنا، ومما يعيننا أكثر في هذا هو السعي الصادق للمعرفة ولمقابلة المرشدين الملهمين، فالوعي قد ينضج بشكل كبير في هذا الحال، ويوفر علينا سعيا كثيرا في الاختبار، فاللقاء بالمرشد الملهم أو فتح قلوبنا وأرواحنا لقراءة كتبه أو الاستماع لكلماته وتجاربه سيترك آثرا مباشرا في داخلنا ويكون بليغا في أنفسنا ونحصل على الخلاصة والحكمة لكثير من تجارب الحياة واختباراتها حتى وإن لم نختبرها بأنفسنا. اشعر دوما أن المشكلة الحقيقية لا تكمن فيما نعتقده عن انفسنا وعن الحياة وعن الله ونستطيع بسهولة فتح باب الوعي والتفكر فيها، ولكن في أنها تكون كثيرا محاطة بعواطف دينية أو القومية أو التي تنبع من التعظيم والاستكبار وتدفعنا للصد والرد وبدون أن يكون لدينا علم ووعي حقيقي في أنفسنا، وهذه المعيقات تكون عاملا حقيقيا في حجب وعينا ونضجنا أو حجب الخير والوفرة والسعادة التي تنبع من عيش الحق واتباع وجهة الله ورحمته في حياتنا، وعندما نتأمل في الآية الكريمة (إلا من أتى الله بقلب سليم) وهنا يكمن الدور والمحور للوعي الديني والتنبه لكل ما نتاثر به من حولنا ومن وسائل الاعلام والدعوات الدينية، وهذه السموم القلبية والفكرية التي ممكن أن نتلقاها أو التي تقود بنا إلى التعظيم، وغرور الأنا، وتصب في تغذية الانقسامات والتحزبات والكبرياء الديني، وعدم الرحمة بأنفسنا وبالناس وادانتهم وتعظيم هفواتهم والبعد عن الرحمة والمحبة التي هي جوهر الدين، وقد تكون سببا حقيقيا في تلوث قلوبنا وضمائرنا اوالضياع في المساعي والجهود إذا سلمنا لها ولم نكن على هذا المستوى من الذكر وشهادة الحق في أنفسنا، ونحتاج إلى التفكر الجاد بنسبة الذين يتحدثون بعلم ووعي في مجتمعاتنا وندرتهم، والوعي بهذه الأمانة التي تجعلني أحمل أمانة نفسي وعدم التسليم لأي فكر وأي انسان ضحية في الجهل، ويكون سببا في اسقاط شعوره المتدني بالذنب والعواطف المرضية علي، فأنا الأمين على نفسي وقلبي ووعيي والمسؤول الأول والأخير عن وجهتي وخياري واختباري في الحياة.
مقال معاد نشره
| |||||||||
|