Facebook Login JavaScript Example

 

 

 
 

> الصفحة الرئيسية - الحكمة - مقالات أخرى

 

 

الكارما قانون كوني

 

يجابية هي أي فعل أو نية قد نويتها في الماضي بقصد نفع الآخرين ونفع نفسك ألا وآخرا... وتثاب عليها في المستقبل، فإذا عملت خير سوف تفلح لأنه ( قد أفلح من زكاها )

 قيل أن الكارما السلبية تطفئ البصيرة... وأنا أقول أيضا أن الكارما السلبية تستدعي نسيان الله لعبده .. ومن رحمة الله إنه يهدي من يشاء .. فحتى لو كثرة الكارما السلبية وغرق صاحبها في بحرها... هناك من يرسله الله ليوقظ صاحب هذه الكارما السلبية ويفوق من نومته وينجو من الغرق في ذلك البحر... حتى لو انطفأة البصيرة فهناك أمل أن ترجع البصيرة تنير بنور الهدى .. نور الله.. لهذا أرسل الله الرسل في وقت تكون الكارما السلبية قوية لشعب ما، ولكن قبل أن يرسل الله الغضب عليهم، فقد يرسل رحمتة قبل غضبه لهداية الناس، وفي هذا الأمر فتدبر.

كما أن أثر الكارما السلبية على الإنسان: تحرمه من العلم وتوقف الرزق عنه، كما إنها تقصر العمر تولد بالقلب وحشة، وتعثر الأمور أمام صاحبها وتظلم القلب وتكون الظلمة حقيقية كظلمة الليل ... لأن الكارما السلبية تطفئ نور الإنسان فيسود وجهه، وتكون هالته النورانية ضعيفة.

 وسمعنا كثيرا أن المعاصي تزيل النعم... وأنا أقول "نعم" وهذا قانون واضح في الكارما، فإذا قدمت شر ستأخذ شر... وفي قالب هذا الشر مغلب صغير، يتقلب ويتغلب... تكسب الشر وتخسر خير من خيراتك ونعمك الذي أنعمها الله عليك... وهذا القانون للمؤمنين والملحدين والمشركين والكفار... لأنه قانون كوني صريح.

 إذن!! ماذا عن الأغنياء الذين يبذرون أموالهم وقد كسبوها من ربا وقمار؟
أقول له هناك عدة إجابات... لا أستطيع أن أحصرها لك... إما لأن رصيدهم وصل العالي .. وهذه الجملة لها متخصصين لا يسعني الورق أن أكتب عنه... وإما أن الله ينعم عليه لكي يزيد من فرص توبة هذا التاجر والرجوع إلا الله، لأن الله ينعم عليه لكي يعرف المنعم عليه... وربما أيضا قد يكون الله يريد أن يشبع طمع التاجر لكي يعرف إنه ليس دائم في هذه الدنيا وإن المال لا يساوي هذه الحياة وأن الدنيا صغيرة وهناك من يوفر هذه النعمة يجب أن نتوجه له بالشكر،لأن الإنسان إما أن يتعلم من العطش أو يتعلم من التخمة، ولكن هذه الأيام التخمة هي التي تعلم في عالم طغت فيه المادة... وأستطيع أن أقول إن مكسب المال الحرام تجعل الملابس التي يرتديها وأكله الذي يملئ بطنه منه وحتى أولاده حرام... فعيشته بالتالي حرام وحياته غنية مادياَ لكنها فقيرة بالبركات وكما قلت أن المعاصي تظلم القلب وتوحشه فلا تظن أن مكسب الحرام وتاجر المال العاصي سعيد بحياته حتى لو ملئ قصره بأطنان من جبال الذهب والألماس والفضة... فهو سيعيش غريب من بين الناس وغريب عن نفسه، فملهاته تجعله أيضا غريب عن الله... وإذا كان سعيدا بالمال فباله مشغول طوال الوقت بكيفية إنفاق المال والمحافظة عليه والزيادة منه...فينسى عبادة الله، ويتوجه فكره إلى الماديات والحياة الواقعية المحدودة، ناسيا الجمال التمخفي وراء سخافة الوجود المادي... فيكون سعيدا بحياته الدنيا القصيرة وليس حياته الكبيرة.

***

 

 أن كل شيء بالمطلق متوازن، ولكن ما إن يبدأ بالتجافي-عكس التجلي- تبدأ معه عملية "كسر التوازن" وعلى حسب هذا الكسر ونسبته، تبدأ ردة الفعل معاكسة تسبب نتائج... فبسعة الحركة تسبب مقدار سعة الحركة المعاكسة لها وهنا تبدأ عملية كسر للتوازن، في عالم أدنى من التوحيد، أي عالم التعددية القائم على ميزان التضاد والتوازن.

 وفي الواقع، كل فعل ينتج عنها ردة فعل (سؤال، جواب/ عطاء،أخذ) فإننا نسمع عن الكوارث الطبيعية وأمم تنقشع خلف الضباب جاهلين الأسباب الحقيقية وليس الظاهرية لموت هذه الأمم  واختفائها، فالأسباب الحقيقية غير مرئية لنا... إذ ربما تكون الأسباب كونية سببها يعود إلى آلاف السنين... والإنسان بإدراكه وإرادته يشارك بها مباشرة وغير مباشرة في خلق هذه الأسباب. وهذا هو السر في رؤيتنا لشخص سيء السمعة يمده الله بأسباب النعيم والرفاهية والسعادة ويزيد من ماله وجماله، بينما نرى جاره الفقير ذو السمعة الحسنة مصاب بأمراض ويقع بكثير من المشاكل... فإننا نفسر هذا المنطق خطأ، لأننا نجهل جذر هذه الظواهر ونحاول أن نرضي فضولنا بتفسير سطحي ذو بعد واحد فقط... ولكن علم الكارما يعطينا بعدا آخر، لنفسر من خلاله ما يحصل حولنا من ازدواجية الفعل وردة الفعل المعاكسة... فهنا يكون الميزان الذي وضعه الله عندما رفع السماوات... وخصوصا في طبقة اسمها طبقة "الحجب" –طبقة تسجل بها اعمال كل نفس، وترجع هذه الطبقة الأعمالي(والسماء ذات الرجع)

ما هذه المشكلات والحوادث التي ظهرت لنا في آخر الزمان ونهاية الحياة في هذه الأيام... بالماضي كنا قليلا..قليلا جدا... بل نادرا جدا جدا ما نسمع حوادث وقوع طائرات في إيران... أو فيضان في سيلان... أو تفجير بركان ببلد من بلدان اليابان... ولكن هذه الأيام كثرت حالات وفاة البشر... وفي الحيوانات والشجر... بل هذه السنة هي سنة النار، أي تكثر بها حوادث الحرائق، لأن موجة هذه السنة في الأفق تتعلق بعنصر النار، ما هو السر يا ترى؟؟ من هو السائل والمسئول؟؟ ومن هو العارف المعروف؟؟ ومن هو العالم بهذه الأمور؟

وحده الإنسان هو السائل والعارف والعالم... كلنا اشتركنا بهذه الجريمة الكبرى الشنعاء... كلنا حملنا سلاح الجريمة وكلنا شهدنا الجريمة، وكلنا قتلنا الضحية، ونحن أيضا دفناها، ونحن الضحية ذاتها، ولكننا نحاول النسيان، ونجعل أعمالنا وما اقترفت أيادينا في بحر النسيان... ولكننا سنلتقي وقت القضاء... والقضية لا تزال تدرس ... والحُكم مازال في المهد... وتنفيذ الحكم لا زال مستمرا إلى أن يموت كل البشر ويأتي الله ببشر غيرهم ويبدلهم بأحسن منهم وغيرهم، ويورثهم أرضنا...

القانون الذي يقول أن "لا تزر وازرة وزر أخرى" لا تعني إننا غير مسئولين عن الجرائم التي حلت بالعالم... فسلاح الجريمة بين أيدينا وبصماتنا جميعا موجودة على السلاح تشهد جريمتنا... فلقد كررنا أن "لا تزر وازرة وزر أخرى" لكننا نسينا أن الساكت عن الحق شيطان أخرس ؟؟ ولك التبصير بقضيتك أيها المجرم الخطير... فأنت يا من ترى وجهك في المرآة ألا تعلم إنك أخطر الحيوانات وأكثرها دمارا في العالم ؟؟

لقد هلكت وتعبت الديانات وهي تقول وتكرر "انتبهوا لتصرفاتكم وكلامكم مع الآخرين"... لقد أخبرنا الإنجيل أكثر من مرة وكذلك القرآن حذرنا وأعطانا إشارات أكثر من مرة لعلم الكارما وسبب المصائب في الحياة فلقد (ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس) ذلك (ليذوقوا بعض الذي عملوا) وفي هذه الآية الكريمة ذكر كلمة (بعض الذي عملوا) أي كل هذه المصائب التي حول العالم والتي يمكن أن ينقرض الجنس البشري منها ما هي إلا نتيجة لبعض أعمال البشرية وكسب أيديها... فما بالك لو أن يغضب الله ويحكم علينا حسب عملنا كله... فماذا سيحل بالكون؟؟ وماذا سيحصل ؟؟ إنني أتكلم عن ذرة غبار في الكون التي تسمى الأرض ونحن نعيش عليها... ماذا سيحل بها عندما يغضب الجبار القوي المتين ؟

لو يشاء الله لأرسل لنا ذنوبنا وتلقيناها دمارا على الأرض (أولم يهد للذين يرثون الأرض من بعد أهلها أن لو نشاء أصبنهم بذنوبهم، ونطبع على قلوبهم فهم لا يسمعون) (100 الأعراف) ولكنها رحمة من الله الرحمن الرحيم فهو يستطيع أن يعجل لنا العذاب(وربك الغفور ذو الرحمة لو يآخذهم بما كسبوا لعجل لهم العذاب بل لهم موعد لن يجدوا من دونه موئلا)(58الكهف)العذاب يأتي نتيجة عملنا السيئ، الذي هو نتيجة تفكير سيئ، والتفكير السيئ  يأتي من تأثير النفس الأمارة بالسوء(ما أصابك من حسنة فمن الله وما اصابك من سيئة فمن نفسك...) (79 النساء) وكل إنسان لديه نفس مطمئنة ولنفس أمارة بالسوء ونفس لوامة، ولكل إنسان له أن يغذي إما نفسه الأمارة بالسوء، وإما نفسه المطمئنة... إما أن يزكي نفسه أو أن يدنسها... وحين يدنسها ، فإنه يدنس الـأرض كذلك، فلا تتعجبوا حين يهز أرض الكويت زلزال، ويكسر واجهات المباني والمحلات على شاطئ البحر.

في سالف الأزمان شرب الناس الخمر وعزفوا الآلات وزنوا , فقال الله للأرض زلزلي وعندما زلزلت الأرض وضع حبيب الله عليه السلام يده عليها وقال " أسكني فأنه لم يحن وقتك " وعادت وزلزلت مره أخرى في عهد عمر بن خطاب ... وأدرك الناس أن الزلزال يحدث لأمرٌ ما ذلك لأنه ليس هناك عبث بالموضوع فلكل حادث حدث ولكل سبب مسبب ...

وأثبت العلماء أن سبب الزلازل يمكن أن يكون من كثرة المعاصي وخاصة سماع الموسيقى الصاخبة والرقص السريع ... فكل هذه الموجات الصادرة من الجسد والموجات السمعية تدخل قشرة الأرض ومع تأثير الصخور داخل الأرض تتضاعف هذه الموجات حتى تصل إلى لب الأرض ومن ثم تنعكس وهي متضاعفة أضعاف قوتها عندما دخلت تحت سطح الأرض، ومن ثم عندما تمر من خلال صخور قشرة الأرض تبدأ تهتز هذه القشرة وتسبب لنا هزه على شكل زلزال ... هذا ما أكده لنا علماء علم الذرة والذبذبات وهذا السبب ليس السبب الوحيد للزلازل ولكنه يمكن أن يسبب زلزال طالما تم دراسة تأثيره فهذا السبب ليس للحصر ... واللعنة التي تأتي من الله للناس وتشملهم جميعا حتى لو لم يفعلوا جميعهم منكر، لكنهم لم ينكروا فعلت الملعون الذي فيهم ومعهم ولهذا فهم يستحقون العقاب فهم مسئولون معه، ومسئولون عنهُ.

***

 

أشهر كارثة أصيبت البشرية ضمن التاريخ المكتوب هي التي تسمى بالطوفان العظيم... هذا الحدث العالمي الذي حدث عل الأرض وأغرق معظم البشر والكائنات على سطحها، وأغرق أرقى الحضارات وأعظمها في كل العصور وهي حضارة أتلانتيد، لقد جاء ذكر هذا الحدث العالمي بالكتب السماوية والمدونات البشرية القديمة، كما تم ذكره في الملاحم والأساطير... كل ما سبق يتفق في الخطوط الرئيسية لوقعة الطوفان، لكنها تختلف في التفاصيل الصغيرة... فهي تتفق بأن حدث طوفان على سطح الأرض أغرق معظم الكائنات الحية ومن بينها الكائنات البشرية، وهي تتفق أيضا بأن سبب هذا الحدث جاء نتيجة لخطأ قام به الجنس البشري... فالكتب السماوية تقول بأن الإنسان الذي عاش قبل هذا الطوفان قد كفر، وزاد أذاه، رغم النعم الكثيرة التي أنعمها الله عليه من علم ومعرفة وترف، فأغضب الخالق، فأغرق الخالق هذه الأرض بالماء ومن عليها، إلا مجموعة صغيرة من صفوة الصفوة من الجنس البشري قد نجت من هذا الفيضان المدمر عن طريق بناء سفينة ضخمة...

والتاريخ يعيد نفسه، فالطوفان آتي لا محالة، فمن ماضينا نعرف مستقبلنا... وكما ذهبت الأرض أكثر من مرة قبل هذا الطوفان، ونحن الجيل البشري الرابع، وسيذهب هذا الجيل بكارثة عظمى على وشك البدأ.

ويلك، ويلك أيها الإنسان، قد خبأت في حساب أعمالك شيكات سوداء، وبورصة الفساد الأسود قد غطت ضوء الشمس عنا... قف مكانك لا تتحرك... اصمت، فتنصت إلى ضميرك، لتعضك نفسك وتتعلم... طوفانا سيطوف على الأرض لا محالة، واحتمال كبير بأن نكون أنت وأنا في دوامة هذا الطوفان نصرخ، الطوفان سيأتي والكارثة ستكون، إما فيضان ماء وإما فيضان مصائب... ويا للمصاعب أمامنا

فقد أنذر من أنذر... وأين هو المفر؟

***

 

الكارما يمكن أن تأثر على الحالة الفسيولوجية للإنسان ، أي الحالة المادية، أي على ماله وجسده وممتلكاته... فبعض الأمراض الخطيرة تكون نتيجة أعمال شريرة أو أفكار سيئة أو مشاعر سلبية عاشها الإنسان في الماضي ... فأثرت عليه في الحاضر... وهذه هي نتيجة الكارما السلبية... وهذا هو السر الذي يسأل عليه البعض... فما علاقة الإيمان بالمرض عندما قال المسيح  بعد الشفاء :"إيمانك خلصك/شفاك" و"مغفورة لك ذنوبك"... وكان يقصد شفاء النفس، وإن الشفاء الجسدي لهو دلاله على الشفاء الروحي في كل الكتب المقدسة.

ليس كل الأمراض هي نتيجة لكارما سلبية فربما يكون سببها عضوي، ومن سوء التغذية أو خلل في الطاقة العاملة للجسد، ولكن من لديه كرامة الكشف أو الجلاء البصري يستطيع أن يرى الكارما الماضية للإنسان إن كانت سلبية أو ايجابية ويحدد إن كان المرض نتيجة كارما سلبية من خلال النور الأثيري الذي يحيط كل إنسان وبه يسجل كل عمل للإنسان، وفي هذه الحالة أي عندما يكون المرض نتيجة كارما سلبية لا يستطيع أي علاج أن يشفيه ويعالجه... وإن شفي في الوقت الحاضر فإن نفس المرض يعود له في المستقبل وتظهر الأعراض ذاتها ثانية، لأن الكارما تحتم عليه هذا المرض، إلا إذا استطاع أن يمحي هذه الكارما السلبية... وأفضل شفاء لمرض كهذا -سببه الكارما السلبية- هو الصلاة بأنواعها والاستغفار والصيام أيضا.

 

كيف لي أن أمحو الكارما السلبية.. وأتحرر منها؟
كل الكارما الشخصية تتحرر منها من خلال الوعي وبعض الأعمال التي سنذكرها لاحقا إلا الكارما المتعلقة بحقوق الآخرين... أي الكارما الغيرية... مثل الديون والظلم، وحتى الزنا.

فرجة الآخرين ومسامحة زلاتهم وغفران خطاياهم تجعل الله يرحمك ويسامحك ويغفر لك... فلقد قال المسيح(طوبى للرحماء لأنهم يرحمون ..متى 5:7). لذلك قال الحكيم" استغفروا ثم توبوا إليه" أي أمحوا جميع خطاياكم ثم قدموا توبتكم... والمسيح قال" فان قدمت قربانك إلى المذبح وهناك تذكرت أن لأخيك شيئا عليك فاترك هناك قربانك قدام المذبح واذهب أولا اصطلح مع أخيك.وحينئذ تعال وقدم قربانك.

الكارما السلبية تأثر على هالتك النورانية التي تحيط بجسدك المادي... فلو عملت خطأ ما فيراه من لديه جلاء بصري عن طريق رؤية الكارما... لذلك الإسلام يقول أن " الذنوب تتساقط مع قطرات الماء المتساقطة عند الوضوء" فأنت بالوضوء تغير ذبذبات الهالة النورانية، لذلك إن أردت أن تزيل فكرة سلبية أو حزن من قلبك، أو تطفئ غضب فعليك بالوضوء أو السباحة بالبحر... وهنا يأتي عظمة الإسلام عندما فرض خمس صلوات يستحب معها خمس مرات وضوء

كذلك الاستغفار يمحو الكارما السلبية والتوبة أيضا تمحيها بأذن الله... ولكن هناك كارما تتعلق بحقوق الآخرين كسرقتهم بشتى الطرق، وجميع الصور-  أن تتهرب من دفع الضرائب المستحقة أو التحايل على تخفيفها أو الإقلال من ساعات العمل المطلوبة، أو أن تدفع له أجراً أقل مما يستحق، أو يعمل العامل أكثر من الوقت المقرر - وهذه الكارما التي تحاسب عليها ولا تمحى إلا إذا الشخص عفى عنك... فهذا النوع من الكارما لا تكون قد أعطيت ثم أخذت ولكنك أخذت دون أن تعطي كالسرقة ... وهذه هي الكارما الغيرية من النوع الأول... والكارما الغيرية من النوع الثاني تكون قد أوقعته بمعصية معك أو دونك ولكنك تكون أنت سبب معصيته كالزنا مثلا، والكارما الغيرية من النوع الثالث هي أن تخطأ بحق غيرك كالظلم... هذه الكارما تتعلق بالغير وليس بالأنا الخاصة بك... هي التي لا تغتفر إلا إذا صاحبها أي من غلطت بحقه يسامحك فالله يسامحك... لذلك أمر السيد المسيح بمسامحة من أخطأ بحقنا، لكي يغرف لنا الله خطايانا... هذه أيضا كارما.

هذه الكارما قد أخذت دون أن تقدم إيجابية، بل تسببت بخلق كارما سلبية لغيرك... أنت أخذت من حق الآخرين وهذه الكارما لا تمحى عنك لكن ستأثر على الكارما الإيجابية التي تتبعك... كما أتي في الحديث الشريف أن حسناتك تقص حتى تفنى، إذا أخطأت بحق فلان، وفلان يطالبك مالا...فحسناتك تذهب لهذا وهذا حتى تفنى ... لذلك الكارما السلبية التي تكون قد ولدتها أنت بنفسك وأخذت من حق الآخرين هذه التي لا تمحى ويطالب بها منك القانون السرمدي الكوني وسنة الله التي لا تبدل.

 

*** 

تكلمنا عن بعض ما يمحو الكارما السليية، وهنا سنقرأ المزيد عن كيفية محو هذه الكارما السليية..

إن مغفرة ذنوب الآخرين ونسيانها هي أيضا تمحو الكارما السلبية... يجب علينا كل يوم نذكر أسماء أعدائنا... ونستغفرلهم... وننسى... ونتوب لهم... لأننا إن غفرنا للناس زلاتهم, يغفر لنا الله الذي في السماء كما قال يسوع :"إن غفرتم للناس زلاتهم يغفر لكم أيضا أبوكم السماوي .

بعض الناس عدائيين ويردون الخير بالشر... أغفر لهم ذنوبهم على أي حال .

إذا عملت خيراً سوف يتهمني الناس بأن لي مصلحة ما ولكني أحبهم على أي حال وأغفر لهم.

بعضهم يكون شعارهم السن بالسن وعين بالعين... أحبهم على أي حال وأغفر لهم .

هناك من يكرهني ويتمنى موتي ويسبب لي المصاعب... أغفر له سيئاته على أي حال.

هناك من يحاول أن يوقعني بمشكلة وبقبضته... أسامحه وأغفر له.

أما الصيام فهو محو الكارما السلبية، فقديما إذا حلت عليهم مصيبة أو كارثة طبيعية كانوا يصومون على طريقتهم... الصيام يمحوا الكارما السلبية، لأنك تراقب نفسك وأهوائها فلن تغوص بالملذات، فترقي روحك وتزكيها عن طريق الرياضة الروحية وعن طريق التوبة والإعراض عن المحرمات، فإن الكارما السلبية تقل نسبتها في حساب أعمالك من خلال ارتقائك الروحي.

كما كتبت سابقا أن الاستغفار والصلاة تمحو الكارما السلبية... فإذا وقف معارض يعارضني وقال أن الحياة الدنيا لا تعتمد على الصلاة والاستغفار.. ذلك لأن الله يريد منا العمل وليس المكوث في المعبد أو المسجد أو الكنيسة ونردد كلمات لأن الله ليس صنم نردد له الكلمات.. كما أن الصلاة والاستغفار لا ينفع بشيء في الحياة الدنيا ،فالحياة تتطلب العمل.. ولأن الحياة الدنيا تقوم على الماديات ولكن الاستغفار والصلاة أمور روحية وليست مادية... فإذا صليت واستغفرت والله يعطيك ما تحتاجه فتكون كالخادم  الذي يطلب ويتوسل من سيده أن يعمل معه عن طريق طلب مساعدته... لذلك الله يريد منا العمل وليس الصلاة.

أرد عليه وأقول  يجب على الإنسان يجب أن يعمل في دنياه كما لو سيعيش أبدا، ويعمل للعالم الآخر كما لو سيموت غدا... وأسأله إن كان يعرف ما هو تأثير عالم اللطائف على عالم الكثائف؟؟ أتمنى لو أن يبحث في الموضوع... فالكارما الذي أتكلم عنها يكون تأثيرها في عالم الدنيا وعالم الآخرة لأن الكارما التي أتكلم عنها ليست دنيوية فحسب ... فأنا لا أتكلم عن تجارة عالمية أو بورصة... أنا أتكلم هنا عن قانون كوني ينظم الأكوان السبعة  ويحفظ التوازن بها... لأن الإنسان يسفك الدماء بها ويكسر خط التوازن.

وهذا العلم خارج حدود فهمك لأنك إنسان تحت سيطرة قوانين دنيوية، لا ترى غير الدنيا من حولك، وهذا يعتبر حجاب... ولقد قال يسوع المسيح على صوت تلاميذه :" فكل ما تربطه على الأرض يكون مربوطا في السماوات , وكل ما تحله على الأرض يكون محلولا في السماوات " لأن الأرض هي ما تتبع قانون السماوات وليس العكس.. كما الشجرة تتبع قانون التربه لكي تحلق عاليا في السماء.

كما أن ليس هناك ثبات في الكارما بل هناك نسبه وتناسب تتناسب مع الظروف وتتغير معها وفق الوعي الفردي والجماعي...  وليس هناك حالة ركود ولكن هناك حالة شبه راكدة وهي عندما تتحرر من الكارما من خلال ارتقائك الروحي وغفرانك للآخرين.

وعندما تتخلص من معظم الكارما السلبية الخاصة بك ولم تسبب الأذى لأي أحد أو لأي شخص عندئذ فلا يوجد شيء تخاف منه... لا شيء يستطيع أن يؤذيك (صلاحي هو ترس حمايتي) إن قانون الكارما يحمي مستقبلك وحاضرك وحياتك من تقلبات أيام حياتك... وفي حالة شبة الركود، وحالة الوعي الصامت ... سوف تعرف سبب المشكلات التي تتوجه نحوك وتدركها... فإذا تشكلت وتمشكلت بمشكلة سوف تعرف إن سبب المشكلة هو الاعتداء على حق فلان في يوم من الأيام أو قد أخطأت بحق فلان... والآن يوم حسابها... لأن إذا قل الاحتكاك بينك وبين الناس يقل نشاط الكارما لديك، ومع الوقت تكون الكارما راكدة كسطح المياه الراكدة... فتستطيع أن ترى وجهك المنعكس على سطح المياه... وعندما تعدو على حق فلان تعمل عمل الحجرة التي ترميها في المياه الراكدة وتنتج دوائر بسطحها... وستعرف أن تموجات الكارما وانعكاس الكارما السلبية عليك التي أنت سببتها... فالكارما السلبية هذه بسبب الخطوة الخطأ التي تخطيتها بحق فلان وهي الحجرة التي ألقيتها في بركة المياه الراكدة... فانتبه واحذر وتبصر.

ومن الوصايا العشرة في الكتاب المقدس:"لا تزن، لا تقتل، لا تسرق، لا تشهد زورا، ولا تسلب، اكرم أباك وأمك"... ولو لاحظنا أن الوصايا تتعلق بالكارما الغيرية... فالزنا يكون مع الغير... والقتل يكون بقتل الغير... والسرقة سرقة الغير... كذلك الشهادة بالزور هي ظلم الغير... والسلب أيضا كذلك، لأن هذه الأعمال لا يرحمها الله وتتحاسب عليها... ومن عوامل تقوية الكارما الإيجابية هي إكرام الأب والأم، لأن الأب والأم منبع رحمة الله كما جاء في القرآن.

ما الذي ترعاه لكي تحافظ على الكارما؟
نظافة الملبس والمكان والجسد والأكل والتوفير وعدم الصرف... الرضا بكل شيء والقناعة بالقليل... ضبط النفس وتهذيب الذات من كل حقر وابتذال... والصحبة الصالحة والتسليم بالقضاء والقدر والعمل وعدم البطالة.

وما يجب أن نتجنبه للحفاظ على الكارما؟
عدم الإيذاء...وعدم الكذب وعدم السرقة وعدم اكتناز المال، وعدم الإسراف في الجنس أو في شهوات الجسد كالنوم والأكل كثيرا.

هناك أربعة أمور تقوي الكارما الإيجابية، تمحو السلبية وهي التقوى والوفاء... بر الوالدين، ووصل الرحم... الكرم والمروءة والاستغفار... الذكر والقيام الصلاة... وأقوى صلاة تأثر على الكارما هي الصلات التي تكون خاشعة خاضعة لوجه الله فقط... أي لذات الإلهية في الكون فقط.

ملاحظة هامة جدا للعالم والجاهل:
كلما زادة معرفة الإنسان ووعيه، وأصبح يدرك الأمور بشكل أفضل، يزداد بالمقابل وقعت الكارما وتأثيرها عليه.. فالعالم الذي يهدم مجتمع يكون حسابه عسيراً أكثر من حساب ملك جاهل يهدم مجتمع... وهذا ما قال عنه المستنير بالروح بقوله:" من لا يعرف ويفعل ما يستوجب الضرب يضرب قليلاَ، ومن يعرف ويفعل ما يستوجب الضرب، يضرب كثيرا. وكما قال أمير المؤمنين-عليه الصلاة-:"إن العالم العامل بغير علمه كالجاهل الحائر الذي لا يستفيق من جهله، بل الحجة عليه أعظم والحسرة له ألزم، وهو عند الله الملوم"

وهل يستوي الذي يعلمون والذين لا يعلمون؟
سمعتهم يقولون
"استخدم ماضيك وحاضرك لمساعدتك على تشكيل مستقبلك"... بمنظار الكارما إذا قدمت عمل سيء سوف تحصد نتيجة سيئة... ولا يوجد هناك عبث بهذا الكلام.

فإذا صرفت ماضيك بالعبث واللهو فحتما سوف تضيع بالمستقبل... ولكنك إذا كان في حساب أعمالك أعمال صالحة فأنت لن تصبح فقير في المستقبل لأن خير الزاد التقوى كما نعلم.

يقولون رجال الدين، بعضهم أو جميعهم بأن الكارما مبدأ من مبادئ ديانات الشرق الأقصى الوضعية ... نعم، إن الكارما ككلمة من اللغة فهي كلمة هندوسية ، لكن مبدأ الكارما أو جوهره وفكرته فإنها موجودة في كل الديانات السماوية والوضعية... ولم تختلف في خطوطها الرئيسية أي ديانه، فإذن الكارما هي العدل الإلهي في الكون... ودون أن ندخل في تفاصيل مفهوم الكارما وطريقة عملة، فإن ما كتبته في المقالات السابقة يكفي لنا أن نعرف تقنية الكارما وكيفية عملها... سواء السلبية منها أو الإيجابية.

 

أحمد الفرحان

 

 

 

11-2008

مقال معاد نشرة

 

 

طباعة الصفحة من أجل طباعة الصفحة، تحتاج إلى قارئ PDF

 

 

 

للاتصال بنا

ahmad@baytalsafa.com

أحمد الفرحان -الكويت.

 

 

 

facebook

أحمد الفرحان

مجموعة الاسقاط النجمي

مجموعة التحكم بالأحلام

 

 

 

 

 

"لو كان الفقر رجل لقتلته" رغم حجم الصدقات التي يدفعها الشعب البترولي. إلا أن لا زال الفقر والمرض والطمع موجود. نحتاج إلى حياة جديدة تنفض الغبار لتنتعش الإنسانية من جديد.

مالك أمانة، فانتبه أين تصرفه.. للسلاح أم للسلام.

 

الدعم المعنوي لا يقل أبدا عن الدعم المادي، لأن كلاهما يعبران عن قدرتنا على صنع واقع صحي جديد.

 

 

____________________________

جميع الحقوق محفوظة بالملح وبعلب صحية