|
|||||||||
> الصفحة الرئيسية - الحكمة - مقالات أخرى |
|||||||||
قدرات الصبر والتسامح
نحن في جميعنا ندرك القيم السامية من الصبر والتسامح وكظم الغيظ وندرك كم شدد عليها القرآن الكريم وأعلى من شأنها في سبيل اتباعنا لدرب الله، ولكن هنا في هذا السياق سوف أطرح موضوعا هاما حول هذه القيم والتي ينبغي أن نضعها في الوضع السليم والسياق السليم حتى تؤتي أكلها وثمارها علينا وتجذب لنا أفضال الله كما وعدنا الله في آياته، حيث من المهم الوعي أن هذه القدرات حتى تؤتي ثمارها حقا علينا ينبغي أن تنبع من المقدرة الروحية والذي يأتي من يقيننا ووعينا الإيماني وأن نكون صادقين فيها ولا يكون اتباعنا لها تغطية على ضعف داخلي أو تخاذل في تغيير أحوالنا واصلاحها وبالتالي نوهم أنفسنا بوجوب الصبر على الحياة وفي واقع الحال لا نفعل شيئا جادا في سبيل تحسين حياتنا ونكون متخاذلين مستسلمين للحياة ومجرياتها ونبرر لأنفسنا ونغطي بلزوم الصبر في حياتنا، أو في سياقات لا يكون الصبر في محله كالصبر على ظروف صعبة في العيش أو العمل أو التعرض لأذى متكرر ويمكننا تجاوز هذا الحال والسعي لتغييره، وأشعر بأهمية أن نكون صادقين مع ما بأنفسنا أو الدافع الذي يدفعنا حقيقة أو نبرر فيه لجوءنا إلى الصبر والتسامح حيث لا يحدو بنا هذا الفعل إلى تحويل ما نشعر به ونتلقاه من أذى إلى طاقات سلبية تكبت في داخلنا وتحدو بنا إلى الآلام النفسية والجسدية وعرقلة أحوال الحياة نتيجة عدم وجود المقدرة الكافية على استيعاب الطاقات السلبية وتحويلها، وأن يكون لدينا الرؤية الكافية والوصل بالله والنية الصادقة في الصبر ابتغاء وجه الله حتى تتفتح لنا الرؤية والقدرة على التفريق والتمييز في أنفسنا عن ما يجب علينا فعله في أوضاع حياتنا المختلفة والأحوال التي يثمر فيها صبرنا، ومن هنا أود أن أذكر أن الإنسان نفسه هو الأقدر على إدراك ما ينفعه ويناسبه ويرضي أمانته لنفسه وللاخرين في ظروف حياته التي يعيشها، وكثيرا ما تغفل الثقافة الدينية اليوم عن إدراك هذه الأبعاد في نفس الانسان أو التمييز بين حال انسان وآخر، وما يقدر عليه انسان ولا يقدر عليه آخر، وكثيرا ما يتم اطلاق نصائح أو رؤى غير واعية من قبل الأهل أو المجتمع أو الوعاظ والاصدقاء عن وجوب الصبر على الزوج أو الزوجة أو الانفصال عنها أو البقاء على هذا الحال أو العمل أو تركه، أو أن تفعل هذا ولا تفعل هذا، وكثيرا ما تكون مبنية على مقاييس جامدة أو لا ترى أبعاد الحال أو الاختبار الذي امر به أو متأثرة بعواطف وانفعالات لا تراعي اتباع الوعي الفعلي ووجهة الله الحقيقية في حياتنا أو صوت ضميرنا. صبغة الصبر المنسجم مع وجهة الله تكون مختلفة تماما ويكون فيها القدرة على تحويل الطاقة السلبية إلى طاقة إيجابية، وفيها يقين داخلي بتحسين الحال والانفراج، ونتيجة سنلقاها جراء المجهود الذي نبذله في أنفسنا، ويكون بعيد عن صبغة الكبت والسخط في أنفسنا، حيث لا ينفع أن أتوهم بالصبر على مشقات الحياة وأن لي الأجر وأنا أحيا السخط والمقت على الحال الذي اختبره في أعماق نفسي ولن يثمر صبري في هذه الحالة ولا ينفع أن يكون الصبر أو التسامح على حساب ارهاق النفس أو تكليفها فوق طاقتها أو يكون فيه تغطية على العجز أو الضعف عن مواجهة الاختبار الذي أعيشه أو التعامل السليم معه. لذا من المهم أن ندرك الدوافع وما يكمن خلف قراراتنا وخياراتنا في الحياة، فهي التي تلعب الأثر الأكبر في قبول أعمالنا أو اثمارها وانسجامها مع السبيل الذي يسعدنا ويرضينا، وعلى سبيل المثال ربما تطلب زوجة الانفصال عن زوجها بعد زواجه من أخرى، وتكون الغيرة هي المؤثر الأساسي الذي خلف قرارها والذي كثيرا ما تدفعنا هذه الصفات إلى اتخاذ قرارات غير واعية، ويكون فيه انعكاس سلبي على حياتها أو تحملها فوق قدرتها مع أطفالها أو عيشها والمشاكل الاجتماعية التي قد تواجهها، وكذلك عندما تكون الخيارات مبنية على ضغوط فكرية أو مجتمعية بوجوب فعل هذا الشئ وأنه المقبول في المجتمع والمخاوف الواهمة مما يحصل في المستقبل، وبالمقابل يمكنني اتخاذ قرارا معينا بعد أن أفحص قدرتي وطاقتي على هذا الحال وما اقدر عليه وعلى تحمله، والأمانة التي أحملها ومراعاة حفظها بكل ما أقدر عليه، وحيث من المهم الوعي هنا أن الضمير لا يتجزأ ولا ينفصل ولا ينفع أن أرى وأرعى الضمير مع الناس حولي أو انساه في نفسي، أو أرى الضمير في نفسي وانساه في الناس حولي، ومن المهم جدا أن يكون ما نعمله ليس مبنيا على نقص أو جروح في النفس أو يكون خياري وقراري وعدم قدرتي على حال معين بسبب وهني وعدم التقدير للذات أو عجزها وضعف توكلها على الله ورحمته، أو نزعات الغيرة والاستكبار، حيث كثيرا ما كنت أسمع عن حالات رغبة في الانفصال لدوافع يلعب فيها كبرياء النفس والغيرة والتعلق بالماديات، ومن المهم أن نضع النية المسبقة في اتباع وجهة الله ورحمته في حياتنا أو عندما نواجه الحاجة إلى اتخاذ وجهات وقرارات حاسمة في حياتنا، حيث يكون هذا الصدق في أنفسنا ميسرا ومذللا للأسباب التي نحتاجها، أو يعطينا إشارات أو توجيهات ندركها في أنفسنا أو في فكرنا عن السبيل الصحيح وما ينبغي أن نتوجه فيه بما يلاؤمنا ويلاؤم قدراتنا ويرضي قلبنا وضميرنا ويكون هذا هو الوضع الأمثل أو وضع التسليم لله، وعلى التقدير الأقل نكون ضامنين لدرجة السلام والنجاة في أنفسنا حين لا نتخذ وجهات أو أعمال باطلة أو تكون مبنية على ضعف وخوف واتباع مقاييس مجتمعية أو فكرية باطلة توقعنا في ظلم أنفسنا أو نحمل أوزار من هم في أمانتنا أو يشاركوننا حياتنا أو اختباراتنا فيها، مثل كثير من حالات التي يكون فيها ظلم للاطفال أو للزواج، عندما تتصرف الزوجة أو تنفصل عن الاسرة غيرة منها، ويقوم الزوج بخيار مصيري في حياته أو اتباع زواج آخر لمجرد نزوات وشهوات أو الركون إلى حلال ما يقوم به بناء على ظاهر الشرع، ويكون النتيجة سلبية ومكلفة فوق الطاقة عليه ماديا ومعنويا ولها ابعاد سلبية على حساب أطفاله أو زوجته وحيث لم يكن مدركا لهذه العواقب أو واعيا لخياره منذ البداية. الصبر والتسامح وتولد القدرة الروحية عليها وحيث الدعاء يعطيني القدرة على التحويل للطاقة
مقال معاد نشره
| |||||||||
|