|
|||||||||
> الصفحة الرئيسية - الحكمة - مقالات أخرى |
|||||||||
من أسرار الصبر والتسامح
من المهم الوعي أن هذه القدرات من الصبر والتسامح والجهاد (بذل الجهد) في مراقبة فكرنا وشعورنا وصلاح أنفسنا بشكل عام، عندما نؤديها بحق ونية صادقة تكون معينة لنا على التعامل مع الطاقات السلبية في أنفسنا ومن محيطنا والقدرة على تحويلها وفتح الأبواب وتيسير وجهة الله في حياتنا، وعندما نتأمل في هذا الموضوع وما نحتاج أن ننتبه له، هو أن الضعف في التعامل مع عواطفنا المسيطرة أو المشاعر السلبية المؤثرة علينا أو توجيهها بالمسار الصحيح يؤدي إلى كبت هذه الطاقات في أنفسنا والتأثير علينا نفسيا وجسديا، وهذا ما أثبته العلم حيث تم الحديث عن تأثير عواطف معينة وتركيزها وبالتالي انعكاساتها على الجسد وما يحل به من خلل وأمراض، مثل عاطفة (الشعور بالضغط الزائد والمسؤولية) والمرتبطة بمرض السكري والخلل الهرموني الذي يحدث في البنكرياس وهذه الغدة التي ترتبط بمركز طاقة (شاكرا) معينة في الجسم، ومرض السرطان المرتبط بشعور (تضييع الهدف في الحياة ) وأمراض القلب والجلطات المرتبطة بالمشاكل والتراكمات القلبية وعدم القدرة على تنفيسها بشكل صحيح والتسامح معها. حيث سندرك في نهاية الأمر أن ما نعاني منه نفسيا وجسديا وما يعيق حياتنا، هو مرتبط بشكل أو بآخر بعدم المقدرة على التعامل الصحيح مع المشاعر أو الطاقات السلبية التي نتعرض لها، فالمقدرة على التسامح والصفح مع أنفسنا ومع الناس ومواقف الحياة التي نمر بها يحررنا من كثير من الطاقات السلبية العالقة والمحدثة للخلل والمرض في أنفسنا وأجسادنا، وكذلك المقدرة على الصبر عندما تكون في محلها وعندما أحمل الثقة واليقين في داخلي بإثمار هذا الجهد وبانصلاح الحال، ومن المهم الوعي بالصورة الفعلية والمثمرة لهذه القدرات ولا تكون تغطية على ضعف أو عجز في أنفسنا، فالصبر الفعلي الذي يؤتي ثماره والمنسجم مع وجهة الله في حياتنا والذي ينال صاحبه الفيض من الأجر والأفضال، له صبغة مختلفة تماما عما ندعيه (صبرا) ويكون بدون خطة واضحة أو يكون فيه مداراة للحال ونبرر فيه ضعفنا وعجزنا أو علينا الصبر وماذا يمكننا أن نفعل، ومثل ذلك عندما أصاب بمرض معين أو أسعى لهدف معين ويكون عندي اليقين والثقة على انصلاح الحال وعلى الوصول، وبالتالي يكون هذا الصبر في هذه الفترة ما قبل الشفاء وتحقق المبتغى أو على ما أختبره من ألم وأذى (وإدراك أثرها المؤقت والزائل) في سبيل الوصول إلى هذه الغاية واتباع وجهة الله.
من الأسرار الرائعة حول هذا هو أن وعينا بامكانية
تحويل الطاقة السلبية إلى ايجابية والاستفادة منها والسر يكمن عندما نشعر بقبولها
والرحمة لها ولأنفسنا، وكثيرا ما اختبرت هذا الشئ حيث عندما كان أحد أقربائي أو من
أحبهم يواجهون حالا صعبا أو اختبارا مؤلما وأشعر بالتأثر والحزن لما يحصل، أحول هذه
الطاقة إلى طاقة دعاء من القلب وألمس تأثيرها الفعلي على الواقع، والسر هو عندما
ننمي المحبة وقبول ما نواجهه ونشعر به في أنفسنا، ولمست كثيرا من هذا في واقعي حيث
كانت العديد من الأزمات النفسية أو مشاكل جسدية مزمنة ووقوف وتعرقل في سير الحياة،
حيث تحل بصورة مذهلة ودون جهد مادي بقوة الدعاء عندما نتأمل في الآية القرانية (الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء والله يعدكم مغفرة منه وفضلا) وأيضا الآية (يجعلون فتنة الناس كعذاب الله) والتي تتحدث أن أيماننا الحق يدفعنا إلى التجاوز والصفح وعدم تعظيم فتنة الناس أو أذاها في أنفسنا، في سبيل الله وفي سبيل اتباع ما ينبغي أن نسلكه فعلا في حياتنا والمنسجم مع ما يحقق لنا السعادة والرضى فيها فتمسكي بهذه الخطة القدرية المنسجمة مع وجهة الله وهذا اليقين الداخلي بنيل الأجر والوصول إلى الهدف هو المدد الفعلي للقدرة على الصبر والتحمل واستيعاب الأذى والتغاظي عنه من قبل الجاهلين، وحينها لا تقوى الطاقة السلبية علينا وحيث أرعى أنه إنسان جاهل أو عنده مشاكل مؤثرة عليه وينبغي أن أتعامل معه بمحبة ورحمة لكن لا أسمح له بعرقلتي واسقاط مشاعره السلبية لتفتأ تؤثر علي أو استمر بالانشغال بها وأوهام الذنب والعجز وغيرها من الأوهام المؤثرة والتي ممكن أن أتأثر بها.
الدعاء الموصول بالله: من أعظم أسرار الدعاء أنه يمكننا تحويل الطاقة السلبية إلى ايجابية و بدلا من الاستسلام للمشاعر السلبية أو الحزن أو الألم أو صرفها بطرق تزيد الحال سوءا وتعقيدا مثل الشكوى واللوم وإدانة الحال، يمكننا توجيه هذه الطاقات وتحويلها بالدعاء، وعندما نرى مشاهد مؤسفة مثل فيضانات السودان أو صور التشرد من الحروب في بلداننا ونظن بالعجز وأنه لا يمكننا التأثير في الواقع فنحن نقع في وهم كبير، وحيث أنه من أفضل الأشياء التي يمكننا عملها هو اصلاح أنفسنا وتنظيفها من الداخل، وهذا بدوره يؤثر على الوعي الجمعي ككل فهذه سنن كونية فعالة وليست مجرد هراء والآية تقول (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) وعند رفع وعينا وادراكنا يمكننا تحويل الألم والسخط وما نشعر به من طاقات سلبية إلى طاقة دعاء ورحمة لانفسنا ومن نرغب بالدعاء لهم أونشعر بالتوحد والاندماج مع شعورهم وألمهم، وحيث ندرك أن الشعور بالرحمة والقبول لما نعيشه ونختبره أو الحال الذي نواجهه (وبعيدا عن المشاعر المنخفضة من الذنب أو جلد الذات والسخط من الحال) هو السر في قوة الدعاء وأثره. من المهم الوعي أن صبغة الدعاء المبارك والمجاب يكون فيه شعور مريح ولذيذ بالالم ما يعرف (بالتضرع) وليس فيه تعذيب ورهق للنفس وهنا مثال حقيقي على تحويل الطاقة السلبية لايجابية والصعود بها لجلب عطاء ورحمة الله ويكون الخضوع والتسليم وسجود القلب من أعظم النشوات التي يمكن اختبارها ولا يحمل صبغة الخضوع والتذلل الظاهري كما يتهيأ للكثيرين، فأحيانا وبسبب الرؤية الظاهرية لمن يؤدون الدعاء وضعف الوعي الديني يحصل خلط بين الحالتين ونظن ان التضرع أو الدعاء المجاب يكون فيه مشقة ورهق للنفس، أو ننخدع أو يتهيأ لنا أن الدعاء الصادق يحدو إلى البكاء واللوعة المبنية على الالم وعذاب النفس، ولكن في الحقيقة قد ننخدع كثيرا بظاهر الأمور والمشاعر الكامنة خلفها، ويكون الدعاء والاستغفار الذي يجلي القلب ويشفيه ويحرره من آثار الالام والذنوب والمكبوتات، هو الذي يشعرنا بالارتياح وري هذه الالام بمشاعر الرحمة، ويكون الوصول إلى هذه المرحلة وفهم هذا السر هو من أروع الأمور وكنز ثمين يزكينا ويجلب لنا رحمة الله وافضاله.
مقال معاد نشره
| |||||||||
|