|
|||||||||
> الصفحة الرئيسية - الحكمة - مقالات أخرى |
|||||||||
مابين رؤية العقل المنفصل والواهم والرؤية بالبصيرة الروحية
نحتاج الانتباه بأن الفكر والمنطق الذي نتبعه فيه حياتنا ينبغي أن يكون منسجما ومكملا للرؤية القلبية والروحية وتابعا له وأن العقل والفكر في طبيعته هو وسيلة وأداة وهبنا الله اياها لتكون مكملة وداعمة لما ينسجم ويتوافق مع القلب ورؤيته والهامه، وننتبه من سلطة وسيادة الفكر والمنطق على أعمالنا ورؤيتنا، فعلى سبيل المثال أحيانا قد نرغب في البذل أو المساعدة بالمال أو بالوقت ولكن التفكير المنطقي يحددنا ويوهمنا بالعدد والكم وعدم القدرة على الصدقة لان المال لن يكفي أو ليس عندنا الوقت الكافي للمساعدة، ومن المهم الانتباه لمنطق الفكر المفصول عن الادراك القلبي والايماني وأن لا ننجرف له والوضع الصحيح أن يكون فكرنا وعقلنا مكمل لايماننا وهذا يتحقق عندما يدفعنا وعينا الايماني لعمل الصدقة أو الاحسان وفكرنا يساعدنا على ايجاد الطريقة والوسيلة الأمثل لتحقيق وأداء هذه الغاية، وعندما يكون هناك التوحد والتكامل بين الفكر والجسد والروح وجعل السيادة والأولوية لصوت القلب والروح، فوقتها ندرك أن العطاء والمساعدة لن ينقص المال أو الوقت وأنه سيعود علينا أضعافا مضاعفة ويبارك لنا فيه. من المهم الانتباه بأن وقتنا اليوم يسود فيه التفكير المنطقي والآلي وحسابات العقل الخالية من البعد الإيماني والإنساني وغالبا ما يدفعنا العقل والفكر المنفصل إلى الحلول الخارجية والواهمة والبعد عن الأبعاد والجذور والرؤية الكلية للحال، وعلى سبيل المثال قد يدفعنا الفكر إلى اثارة المشاكل أو الصراع الخارجي من أجل رد الحق، ولكن الحال الذي ينبع من الرؤية الروحية الكلية ومن التصديق بأحقية الأمر والايمان به ورؤية الضمير الذي يحفظ الحق والأمانة في كل شئ له صبغة مختلفة تماما، وعلى سبيل المثال كثيرا يلجأ الأهل أو المربون في المدرسة على تقييد الأطفال والشد عليهم بالكلام الصارم في سبيل حفظ النظام والقانون وبدون مراعاة لهم ولطبيعتهم والحاجة إلى الموازنة بين حاجاتنا وحاجاتهم ولكن هذا في الحقيقة لا يؤدي إلا إلى كبتهم ورهق أنفسنا وتكبيدها الاوزار، وهذا يحصل كثيرا أيضا عند سيطرة القوانين والعقاب أو الاستناد عليها بشكل أساسي ومحوري في معالجة الجريمة في المجتمع مما يؤدي إلى حل سطحي ومؤقت للمشكلة وأحيانا كثيرة كبت هذه النزعات الاجرامية واستمرار تفريغها في حالات وبأشكال سلبية اخرى على الرغم من تحقق العقاب بشكل ظاهري، والغفلة عن الحاجة الأساسية والجوهرية في علاج الجذور والمنابع التي تنبع منها هذه الظواهر والانحرافات والظواهر في مجتمعاتنا. من المهم أن ننتبه لهذه الرؤية العقلية أو الفكرية القاصرة في حل المشكلات أو الاستناد عليها كشئ محوري، واستخدامها بغير حق في خدمة قواعد الأسرة والمجتمع والأنظمة الغير منسجمة مع طبيعة الانسان وفطرته والأمانة التي نحملها بحق أطفالنا ومن نقوم عليهم، والتنبه أن الرؤية المنفصلة والواهمة للعقل قد تدفع إلى اثارة المشاكل والصراع الخارجي في سبيل رد الحق أو تحقيق ما نريد، والتنبه أن الرؤية الروحية ورد الفعل الصائب مع الأمور تنبع من اليقين بداخلنا بأحقية ما نعمل والايمان الفعلي الذي يتولد في النفس بالحاجة إلى حفظ حقها أو حفظ الأمانة وغالبا ما تضعف هذه القوة وهذا اليقين عندما نكون مسلمين أنفسنا ومؤمنين بمقاييس مجتمعية وفكرية باطلة، وعلى سبيل المثال لا ينفع أن أكون داخليا أشعر بالضعف والخجل بسبب حال أو وضع اجتماعي معين ومتأثر بالرؤية المجتمعية التي تدينه وتحكم عليه مثل (الوضع المادي والتعليمي أو تأخر الانجاب والزواج) وبنفس الوقت أرغب في اكمال الطريق وحفظ الحق أو تجنب الوقوع في الظلم والاجحاف فهذا سيعمل انقسام في داخلنا ويضعف يقيننا بالحق وقدرتنا على الدفاع عنه وتبنيه، وحيث نحتاج أن نسعى لهذه الرؤية الروحية وهذا اليقين بالحق قبل أي شئ وقبل أن نفكر بالوسيلة والطريقة لرد حقنا أو التعامل الصحيح، ونحتاج كثيرا أن نراجع أنفسنا لادراك ما فيها والتنبه للحاجة إلى رفع رؤيتنا الروحية والادراكية للأمور وحتى لا نقع في ظلم أنفسنا وأماناتنا وتضييع طاقاتنا بشكل خارجي وصراعات لا تسمن ولا تغني من جوع بسبب عدم وصولنا إلى اليقين والوعي الكامل بأفعالنا وآثارها، وننتبه أن هذه الغاية هي الأقرب لفلاح أعمالنا واثمارها وحيث ننتبه أنه كثيرا نتوهم بأحقية ما نعمل ولكن في الواقع وفي باطن الأمر تصب أعمالنا في خدمة أنظمة وقوانين مصنوعة مجتمعيا وبعيدة عن الوعي الإنساني والإيماني، مثل الكثيرين الذين يقومون بالضغط والتأثير على ابنائهم في الدراسة والنظام وفي سبيل طموحات فكرية واجتماعية بعيدة عن جوهر الحياة، وحيث من المهم جدا أن نحيي هذا الوصل والتواصل بين القلب والعقل، وعدم التسليم لبرمجة المجتمع الفكرية والمنطقية واللاهثة خلف المال والضمانات المادية والفكرية الواهمة لحياتنا، والالتزام والمواظبة على ما يحيي فينا هذا الوعي الإيماني واليقظة الروحية من التأمل والصلاة التي تصلنا بأنفسنا وبنور الحق والالهام فيها.
مقال معاد نشره
| |||||||||
|