|
|||||||||
> الصفحة الرئيسية - الحكمة - مقالات أخرى |
|||||||||
المسار الصحيح للسعي والجهاد في حياتنا
نحتاج أن ندرك المكان الحقيقي والشئ الحقيقي الذي ينبغي أن نصرف عليه وقتنا وجهدنا حتى نقطف ثمرة هذه الجهود، فعلى سبيل المثال يضيع وقتنا وجهدنا أو ينعكس علينا بصورة سلبية وخاطئة عندما نعتقد أن معنى (جهاد النفس) هو المقاومة او القمع للرغبات والحاجات التي نشعر بها، والصورة المثمرة لهذا الجهاد تكون عندما أتعرف على هذا الكبت الموجود في النفس وأبعاده والمنبع المؤدي إلى سلطة رغبات الأكل والجسد بصورة مؤذية علينا، ويكون السعي لفك هذا الكبت الداخلي والتعرف عليه وتوجيه طاقة الحياة بصورة صحيحة بالصلاة والتأمل وعيش الشغف الروحي في حياتنا جهادا فعالا لأبعاد رغبات النفس الهمجية التي تؤثر علينا، ومثلها تماما عندما نقوم بصرف طاقتنا وجهدنا بشكل فارغ أو ضغط على النفس في سبيل أداء صلة رحم أو التعامل مع أناس معينين ونشعر بثقل النفس وعدم الطاقة في التعامل معهم، والوضع الصحيح أن يكون جهدنا موجها للشفاء القلبي والتصالح مع النفس وإدراك أبعاد هذا الحال أو هذا الانزعاج في أنفسنا، وتوجيهها في المسامحة أو التقبل لأنفسنا وللآخرين وعلى أقل تقدير التعامل الصحيح مع الأمر بشكل يضمن رد الحق وعدم ارهاق النفس وحفظ أمانتنا مع الناس. أتأمل كثيرا في المشكلات التي تظهر في مجتمعاتنا والمتعلقة بعلاقتنا وتعاملنا مع أهل بيتنا وأقربائنا وأرحامنا، والأمر الجاد في هذا هو رؤية الكثير من المشاكل وضعف التعامل الواعي مع هذه المشكلات والكبت الداخلي الذي يترجم إلى أمراض وصراعات خارجية، بسبب ضعف فهمنا ووعينا لمعنى صلة الرحم، أو معنى الصبر أو مشاعر الذنب التي تكون في غير محلها، أو استسلامنا للزيف والصلة المزيفة والتوهم بأننا أدينا الحق وأرضينا الله على الرغم من وجود التلوث والرفض الداخلي وعدم الصفاء الفعلي في قلوبنا، ومن هنا نحتاج إلى التأمل الفعلي في أنفسنا، وعلى المقدرة بداخلنا ولا نتوهم بالصبر وأداء صلة الأرحام وتكون هذه الصفات على حساب كبت أنفسنا وظلمها أو تحميلها فوق طاقتها، أو على حساب تضييع الحق والتعامل الصحيح مع المشاكل التي نمر بها، أو الانفصام والنفاق الذي يوهمنا بأداء الحق الخارجي ومع وجود السخط والكبت في داخلنا جراء الاستكبار وعدم الوعي الفعلي بأنفسنا وبحفظ الميزان والحق مع من حولنا، ففي قصة وردت عن عمر بن الخطاب أن لصا سرق له متاعا، ولكن ما كان منه إلا أنه صار يركض وراءه ويشهده أنه ملكه اياها حتى لا تمسه النار، و هنا نعي أن توافر المقدرة الروحية بداخلي تجعلني أقدر على الصفح وأرحم بنفسي وأرى هذا الجهل فيمن ظلمني وأرحم ضعفه وجهله، وحتى لا نضل عن السبيل أو نتعامل مع ما نواجهه بالشكل الغير واعي أو تتحول تجارب الحياة إلى آلام ومكبوتات تعيق عنا السعادة والخير، نحتاج إلى فحص ما بداخلنا وفحص مقدرتنا الداخلية فاذا كنت أقدر على العفو والصفح وعمل ما يمكنني عمله في سبيل صلاح الأمور. حفظ الحق فهنا الأجر الكبير والدرجة الفضلى، وإن لم يكن لدي القدرة الكافية على هذا الآن فوقتها استعين بالله وبالعمل الذي يكون في سبيل شفاء القلب أو رد الحق، والوعي بالرؤية الكلية للامور فمعنى الظلم لا يكون محصورا فقط بتعاملنا مع الآخرين واحتاج أن أعرف نفسي ولا أظلمها، ومن يستطيع حفظ نفسه يمكنه حفظ الآخرين وحقهم وأماناتهم، وهذه القدرات من العفو والصبر والتسامح تنبع عندما نكون سليمين من الداخل، فالفيض من الرحمة والمحبة للناس تنبع من امتلاءنا بهذا في أنفسنا أولا، ولن يكون تسامحي صادقا أو عندي المقدرة الكافية لهذا وانا مغيب لحق نفسي أو متصارع ومزعزع من الداخل، وعند الوعي بهذا تكون قدرتنا على التسامح نابعة من كليتنا، ومن قلبنا وضميرنا الموصول بالله، وليس مجرد فكر ووهم بعيد عن الله وعن معرفة النفس والحال، ومن عرف نفسه عرف ربه. هذا الموضوع يحمل أبعاد كثيرة مهمه فكثيرا ما يتم صرف طاقتنا وجهودنا بالمسار الخاطئ وتضييعها هباءا، بسبب تركيزنا على الطرق والوسائل والرؤى العقلية القاصرة والغفلة عن أبعاد الحال ومنابعه، ومنها العلاج الجذري للأمراض الجسدية والذي يأتي من ادراك أبعاده في أنفسنا والرسالة التي يحمله لنا، والجهد المحوري الذي ينبغي أن يكون في رفع الحالة الشعورية والتفاؤل أو المقاومات العقلية والشعورية التي كثيرا لا نعي بها، وتكون سببا في عرقلة سبل العلاج والحلول الفعالة، وبالتأكيد قبول حالنا أو اختبارنا قبل أي شئ، فمشاعر السخط أو السأم وعدم التقبل في داخلنا هي أبعاد خطيرة جدا على المستوى الروحي وينبغي التأمل والوعي بها قبل أي شئ. مثل ذلك تماما عند رغبتنا في جذب وتحقق أهداف حياتية معينة كالمال أو الأولاد وتكون مشاعرنا منخفضة أو نشعر بالحرمان تجاهها أو متعلقين بها، ويكون الجهد مصبوبا في العالم الخارجي والتفكير والانشغال بالطرق والوسائل التي نحصل عليها بها، والوضع الصحيح هو السعي والجهد في صلاح مشاعرنا وصلاح نوايانا ورفع وعينا الإيماني وادراك زيف بناء أنفسنا وقيمتنا وقيمة الحياة التي نعيشها بالناس وبالأمور المتغيرة والفانية والتعلق فيها، ويكون جهادنا وبذلنا في المسار الصحيح هو الذي يضمن انصلاح حياتنا وسيرها للافضل وضمان زوال العقبات أمام الحلول الميسرة والسهلة لأمور حياتنا وتجليها لنا، وبالتأكيد صلاح حياتنا الآخرة وتحقق السلام الداخلي والسكينة فيها وسلامة قلوبنا وضمائرنا وهذا هو الأمر المحوري والذي نحتاج أن نسعى إليه و قبل أي شئ.
مقال معاد نشره
| |||||||||
|