|
|||||||||
> الصفحة الرئيسية - الحكمة - مقالات أخرى |
|||||||||
انتبهوا للفن
دائما نسعى إلى الكمال، نجد أن فطرة الإنسان تتجه إلى كل ما هو طاهر وجميل... الفقير يسعى إلى الغنى، والغني يسعى إلى الجود والكرم والغنى الباطني... وهلم جرا الأم تسعى بأولادها إلى تربية أفضل، والمدارس تسعى إلى مناهج علمية أعلى، والوزارات تسعى إلى نظام عمل أرقى.. والكل في رحلته الأبدية يناشد كمال العالم وجماله... ليس التربية هي ما ترقي الإنسان فقط، ولا العلم هو ما ينير فكرة أو الهواية ما تصقل موهبة فقط... إنما كذلك الفن، هو ما يأخذ بأيدينا إلى مراتب أعلى من الخيال والوجدان وأجمل من جمال هذا العالم، لأن مصدره من الفناء عبر الإنسان إلى ذاكرة البقاء... وعندما نعرف قليلا عن دور المسرح في بداياته عند الأغريق، فندرك اهميته في حياة الإنسان، أي أهمية الفن في حياة الإنسان، كالشعر والرسم والعمارة والموسيقى، الذي تجتمع تحت سقف المسرح في قالب متكامل. لقد كان المسرح قديما كالبرلمان، يطرح قضايا مهمة تدخل في السياسة والدين، كما أنه كان نوع من مناجاة آلهة الأولومبوس كما يعتقدون بها ويؤمنون حينها. ما أريد ان أقوله بعيدا عن امور المثيولوجيا، هو أن الفن نسمة من نسمات السماء، وفتنة من الجمال، ما إن نسمع موسيقى انغامها تحاكي العالم اللامحدود حتى يتحرك حنين الإنسان إلى ذلك العالم الأبدي... وما إن نشاهد لوحة تصور طبيعة خلابة فيها من تجليات الوجود ألوانا، وتجليات الفكر جمالا، حتى يبدأ الإنسان في الخشوع إجلالا، إجلالا لآيات الله في الوجود حتى لو كانت اللوحة من خيال الرسام، إلا أنها تغنى كما الفن يغني ويثري الإنسان بالجمال، خصوصا لأن إنسان اليوم أصبح يعيش في علب المدينة المصنعة بعيدا عن الطبيعة وقد انفصل عن الطبيعة وما بها من آيات، فأصبح يحتاج إلى لمحة من جمال العالم. لهذا فإننا نجد أن الدول الراقية هي التي تقدم فن للمتذوقين العارفين، يسمو بكيانهم حتى تتفتح قنوات وشيفرات فيهم، أغلقتها زحمة الحياة اليومية وتوترها، ولوثتها الحضارة المادية القاتمة. وكما للإذاعة والتلفزيون والصحيفة أهمية في اعلان خبر ما أو مناقشة قضية ما، فإن المسرح له أهميته في تربية الإنسان، واثراء ملكاته... فلماذا لا تعصفوا بإبداعكم يا أبناء الفن المبدعين تحت سماء المسرح بفنكم ؟ وتشغلوا فراغات فكرنا بما هو جميل وطاهر؟ وكفوا عن أيديكم كتابة النصوص التجارية التي تضيع من الإنسان وقته وماله كما إنها تقتل ملكات فكره. ومن هنا يبدأ دور الأم والأب في صقل مواهب الأولاد، وتجد ذلك واضحا في الدول الأجنبية أكثر في حصاد مواهب الأولاد من قبل اخصائيين محترفين، كما يكون دور ولي الأمر في الوعي والانتباه لما يشاهده الأولاد من مسلسلات ورسومات متحركة، كما ينتبه إلى نوع الأغاني والموسيقى التي تحيط بأولاده... فأن كان فن راقي فليشجع ما يريد كي يرى منه المزيد.. وإنما لو كان تجاري وهابط فالأفضل أن يمنعه عنهم. ومن هنا ايضا، يحتم على أولياء الأمور وما ينوب عنهم أن يعرفوا في تقييم الأعمال الفنية المطروحة في الساحة، وعلى النقاد في التلفاز والإذاعة والصحافة أن ينتقدوا وبأسلوب لازع وصريح وجريح حتى يكف من في قلبه طمع للمال والشهرة عن تقديم اعمال غير لائقة للانسانية. كما إننا نحتاج إلى رابطة للفنانين والفن، تهتم بهذا الجانب حتى تسري مركبة المجتمع نحو الشاطء الآمن والمكان المنشود... هو معراج الإنسانية نحو كمال الوجود.
أحمد الفرحان
| |||||||||
|