|
|||||||||
> الصفحة الرئيسية - الحكمة - مقالات أخرى |
|||||||||
العلة في الإنسان وليس الأديان
وصلنا في الماضي إلى الهند والسند، وفتحنا الأندلس سابقا، وكُتُبنا التاريخية مليئة بالفتوحات الإسلامية، وتراثنا الإسلامي فخر هويتنا الإسلامية العربية، ونحن مهد الحضارة الإنسانية، كما إننا منبع الديانات السماوية العلية، ولغتنا لغة أهل الجنة، وسلامنا هو سلام اليمين، وغيرها من الأقاويل التي يفتخر بها الإنسان المسلم العربي أمام إخوانه وجيرانه تحت شعاع الشمس... وإن نظرنا إلى واقع الحال، وجدنا أن كيان هذا الإنسان الذي إلتهي بالتكاثر والماديات، وانبهر بحضارة الغرب وعلومها، وحضارة الشرق وحكمتها، ونسي أن موطنه موطن الأبعاد وباب أهل السماء للأرض، ومعراج أهل الأرض للسماء، وكنتيجة ضرورية بعد احتلال فلسطين والعراق مؤخرا، أصبح كيان هذا الإنسان مليء بالحيرة والقلق، خوفا من أن يمحى اسم حضارته الإسلامية العريقة والغنية من كتب التاريخ العالمي، كما انمحى أسم حضارة أتلنتا والمو - والتي كانت أشد قوة وبطشا – من كتب التاريخ غير المكتوب، وخوفا من أن تتبدل لغته العربية بأخرى أجنبية، كما ماتت اللغات الأصلية الأم التي هي منبع هذه اللغات الحالية التي كانت بالأصل لهجات كاللاتينية والعبرية واللغة الثالثة الأم وهي العربية... سهرت يوما مع هذا القلم والأوراق، مفتشا عن سبب هذا الخلل في الميزان، باحثا عن إلهام ملائكة الرحمة، كي تلهمني سبب هذا الضجيج في العالم كما إنها في كل فرد من هذا العالم... ولا بد أن أذكر هذه القصة الرمزية علها تقرب المفهوم، يوم ما أتى الولد إلى أبيه كي يلعب معه، فوجد الابن أبيه مشغولا في قرائة أخبار السياسة، كما أن الأب حنون وأراد أن يحن على ابنه وأن يقرأ المزيد عن السياسة، فوجد خريطة العالم مرسومة في صفحة ما على الجريدة، فمزقها له وطلب منه إعادة ترتيبها... وبعد فترة رجع الطفل إلى أبيه وقد ألصق ورتب القطع كلها، حتى تشكلت الخريطة من جديد، وعندما سأل الأب عن سر هذه السرعة والإتقان، فأجاب الطفل ، بأن في الوجه الآخر من الورقة ذاتها وجه إنسان، فرتب أوراق الوجه ومن ثم فقد ترتبت خريطة العالم من جديد.. ومن هنا ابتدأ العالم يتهدم رغم ناطحات السحاب التي تزدحم به، فالإنسان هو مصدر الحب أو الحرب في هذا العالم... فهو جزء لا يتجزأ منه، و كذلك لأنه يتمتع بالإرادة و هي الجانب الأرقى في الكيان الإنساني. ولو نظرنا إلى واقع الحال فنجد أن اقل الديانات عرضة للحرب هي البوذية و أقلها مشاكل في العالم، ربما لقلة عدد البوذيين في العالم! أما الإحصائيات سجلت بأن الإسلام هو الدين الذي يظم تحت عنوانه عناوين أخرى لحروب ومشاكل مع العالم، ربما أيضا لكثرة عدد أفراده! ولكن ليس العدد هو الحكم في هذه الدراسة، إنما نحن هنا نبحث عن السبب، فنجد أن من يمتلك العالم ويديره هم اليهود الذين يتحكمون بالاقتصاد العالمي لما يمتلكون من شركات عالمية في كل المجالات، وكذلك يتحكمون بالإعلام العالمي، وذلك يعود إلى عقولهم الذي استخدموه في الوصول لما يريدون (mind, mony, and media)
فلماذا لا نصير على ما صاروا إليه؟ إن هذه السلبيات التي نعيشها في عالمنا الباطني والظاهري ليس خطأ في الإسلام وإنما في المسلمين...أي ليس في الدين وإنما في الإنسان ذاته... ...ها هي الديانات كلها تحث على السلام والمحبة... إن كانت سماوية أم وضعية... فنتأكد هنا بأن الإنسان وإن كان مؤمنا لا يصور حقيقة دينه، ولو حكمنا على الواقع، إن السر هنا يكمن في كيان الإنسان وما يحمله من أفكار وقيم ومبادئ حتى لو لم يتثقف ويتفقه في دينه، وعلى درجة وعيه بحقيقته الكونية. هلا تقول لي ما أجمل أن تجتمع الإنسانية على مائدة الرب المقدسة، وتتشارك في التراث الذي قدمته لهذا العالم... أوليس الديانات كلها تحث على المحبة والسلام ؟ إننا الآن لا نلقي اللوم على عقيدة الشخص وكتابه كما أن العلة ليست في الإسلام وإنما في المسلمين... كما إن المحاضرات والندوات لا تنفع شيء لأنها تنشر تعاليم فقط، وإنما نحن نحتاج إلى ما يزيد من أفق وعينا ويرتقي بجودته... إن أكثر الشعوب كرامة هي أكثرها قرائة، وإن العالم العربي لا يتصلح كما نعتقد عن طريق المحاورات السياسية، ولا عن طريق الدراسات الفلسفية، وإنما على كل شخص أن يرتقي بفكره ويصلح ذاته لأنه بنية هذا المجتمع العربي، وهكذا يتصلح العالم العربي. حلمنا يا أخوتي ليس لسنه حتى نزرع قمح، ولا لعشر سنين حتى نزرع شجر، وإنما حلمنا للحياة كلها فتعالوا نزرع بالبشر...
أحمد الفرحان
28-9-2008
| |||||||||
|