توقف عن التوتر واسترخ
"مع
قرائتي لكتب تحكي عن التقمص، الذي يجيبنا على الأسئلة
التي تدور في
عقلنا حول الحياة والعدل الإلهي... تتضارب
هذه الإجابات مع أفكارنا
وإيماننا بيوم
الحساب وقانون الثواب والعقاب...
فأين هي الحقيقة ؟؟"
"أثناء تصفحي للانترنت، واستماعي لرجال الدين الذين يتهمون مواقعكم بأنها تنشر
الفتنة والضلالة وتلبس الحقائق وتشتت الذهن،
فأين هي
الحقيقة، هل في علوم الطاقة الحديثة
أم في كتب السلف الصالح القديم ؟"
"دراسات حول أهمية الموسيقى في ذكاء الطلاب، وتأثيرها الممتاز على نشاط الذهن ومزاج
الإنسان والحيوان والنباتات، وكتب الدين تحرم علينا الموسيقى... فمن هو الصادق؟
وأين هي الحقيقة؟"
"أوشو الذي يحرر
الآخرين من قيود التقاليد
والأعراف والديانات، يتهمه البعض
بإشاعة الفاحشة وتعامله مع الصهيونية.. وحينما نقرأ كتاباته نجده يأخذنا
برحلة روحية.
أيا ترى هو يقدم لنا خمر ومخدر من خلال
كلماته وأسلوبه البسيط، بينما يدس السم فيها
لنا؟"
"في الآونة الأخيرة دائما ما أقرأ على مواقع تهتم
بمثل مواضيعكم،
أن ساي بابا وأوشو وغيرهم كمعلمين روحانيين، فتصفهم هذه المواقع بأنهم حلقة من
سلسلة أو لبنة في هرم الأنبياء ومعلمين السماء! فهل هذا يعتبر
إعلاء لأشخاص لا يستحقون، أم هو
إنزال الأنبياء
السماويين لمرتبة أشخاص مثقفين؟"
هذه
أسئلة وغيرها الكثير، تدور في عقل
معظم القراء الكرام والذين يقفون حائرين أمام مفاهيم
وأمام شخصيات يقرؤون عنها أو يقرؤون لها بعض
الكتب والمقالات أو الصفحات الإلكترونية... فيحتارون
ويتوترون.
إما
بسبب تخبط الأفكار و تناقضاتها في عقولهم بين المفاهيم
التقليدية الدينية، وبين المفاهيم الجديدة، أو حتى بين
التشابهات والاختلافات فيما بينها.
وإما
بسبب تمني البعض العروج إلى منازل من المعرفة في الحقيقة - التي يرونها بعيدة عنهم
- وعليهم أن يسرعوا في قراءة جميع الكتب والمواقع والمقالات، إلى جانب التطبيق
العملي للتأمل إلى جوانب عدة من التزامات الحياة وقصر الوقت وغيرها من
الأعذار.
كما قال لي أحدهم:
"أنا متوتر كثيراً وأشعر بالحزن والعجز أمام الكم الهائل من الكتب والمقالات والعلوم، والتي يتطلب قراءتها الجهد الكبير لبذله من أجل الوصول إلى الكمال في
المعرفة.. وأنا حائر حتى الآن، لضيق الوقت والضغط النفسي للحياة"
.. وغيرها من الأقاويل.
وأنا مثلكم
كنت ولازلت احتار، ثم أرجع وأتذكر وأختار..
فأقول لمن يعاني مثلي من هذا
الأمر...
"استرخ".
نعم، أنا
أتفهم ما تصبو إليه وما تعاني منه، لأنني كنت ولازلت أقل قليلا أعاني من مثل هذا
الأمر، ولكن دائما ما أعود وأتذكر أنه لا زالت قدماي على الأرض، ولا زلت أتنفس
الهواء وأعيش.. آكل وأشرب.
أما الهم
الذي ينتابني حينما أرفع رأسي وأرى فوقي مراتب ودرجات من المعرفة، عليَّ أن أرتفع
إليها.. وأن هناك كتب كثيرة أريد قرائتها، وهناك ما يغيب عن ذهني، علي أن أبذل جهد
لأتذكره... ثم أعود وأتسائل، فإن وصلت إلى
قمة هرم المعرفة،
فهل سأكون مستمتع وفرح بذلك
؟؟
بل قد أكون مكتئب لأن ليس هناك شيء أسعى للوصول إليه، بل قد أعاني من دوار و صداع
نتيجة وجودي في مكان مرتفع... ثم أتذكر أنني لا زلت أستمتع وأنا أبحث وأقرأ وأبذل
مجهود... تتخبط أفكاري وأعود لأمسك دفة المركب... ألغي وأهدم وأشك، ثم أبني وأعمر
من جديد... أجادل نفسي وأبحث من جديد... استمتع بذلك، وأتذكر أنني لا زلت أعيش
ولازلت أسعى و أحج وأعرج.
كما الشمس
تحرق العشب لينبت من جديد، وكما الخلايا تموت وتتجدد دائما، هكذا أفكارنا تموت
وتنمو وتلغي بعضها البعض، لتغذي بعضها البعض... وبكل هذه العلمية لابد أن نستمتع
بها، لأنها تعني أننا لا زلنا على قيد الحياة. دائما لابد أن نستمتع بالسير، ونتمنى
الوصول..
أنا أومن بأني لم أصل حيث
الجمال والكمال، ولكني مؤمن بالسير والعروج الدائم.
ثم أتذكر
الآيتين:
{يا أيها الذين آمنوا آمنوا
بالله ورسوله والكتاب الذي نزل على رسوله والكتاب الذي أنزل من قبل ومن يكفر بالله
وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر فقد ضل ضلالاً بعيدا}
[النساء: 136]. كذلك:
{آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه
والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحدٍ من رسله وقالوا
سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير} [البقرة: 285].
هاتين الآيتين السابقتين،
تجعلاني أطمئن، لأنهما تذكراني بأن لدي أساس أستند عليه، وبأن قدماء لازالت على
الأرض.. مهما تشككت في مواضيع الكتب والأفكار المتناقضة والعلم الذي ليس له إثبات
علمي أو عملي... فإني لازلت على الصراط المستقيم طالما إني مؤمن بالله وملائكته
وكتبه ورسله واليوم الآخر. وكل ما عدى ذلك من مواضيع مختلفة ألوان من
الثقافات المتنوعة، تعتبر أمر فائض عن الحاجة، عبارة عن لعبة أستمتع بها حتى مع
حالة التوتر والحيرة، التي دائما ما تذكرني
"بالسير... ثم السير، ثم السير"
فافرح واستمتع إلى جانب التوتر والحيرة.
ومهما توترت، وتخبطت في أفكارك،
ومهما بدأ الأمر صعباً.. تذكر ما أهمية معرفة حقيقة هذا الأمر في حياتك اليومية
العملية؟ ما أهمية معرفة هل المسيح تزوج
أم لأ، أم هل بوذا رسول من السماء أم رجل مجتهد؟
إن كان
الأمر لاهوتي في السماء
أو تاريخي في الماضي السحيق أو فلسفي مجرد أفكار وهرطقات، فهو لا يمت للحياة
اليومية بصلة. ثم تذكر إنك ما زلت على الصراط المستقيم ولم تشت أو تزل طالما أنك
تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر.
أما عن الأفكار والمعلومات،
فاستمتع بعملية الهدم و البناء.. فهي رحلة الغزالي حيث تبدأ من الشك إلى اليقين.
أحمد الفرحان
مقال حصـــري
طباعة الصفحة
من أجل طباعة
الصفحة، تحتاج إلى قارئ
PDF |
|
ما كتبه
أهل بيتنا
بخصوص هذا المقال :
تقول أن الإيمان بالله وملائكته وكتبه
ورسله واليوم الآخر، وهي أمور عقائدية غيبية.. تتناقض مع قولك أن كل ما
هو فلسفي وتاريخي وغير واقعي عبارة عن لعبة زائد عن الحاجة.
مع ذلك فإن المقالة جيدة جداً و مفيدة،
تعيدنا إلى أساس الحياة، و تذكرنا بهدف التعلم.
عبد الرحمن الكندري
19 يوليو 2010
- الكويت |
إن معرفة التاريخ والفلسفة وغيرها من
الأمور العقلية، لابد أنها مفيدة في توسيع أفق الوعي الإنساني، وإلا
لما أقدم فن ودين وعلم وفلسفة في هذا الموقع ؟؟؟
إلا أن أركان الإيمان التي تم ذكرها، هي
هدف الحياة كلها، "ما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون" وأول خطوة للعبادة
تلك هي الإيمان... ومن خلال تلك الأركان يكون الإنسان قد وضع قدمه على
الصراط المستقيم، وغير ذلك من أمور وتفاصيل تاريخية فلسفية علمية، قد
تزيد عن حاجة الإنسان، وقد لا تخدمه في رحلة الصراط المستقيم، فلو تذكر
ذلك، فسوف يخف الضغط والتوتر النفسي. وإلا جانب ذلك فنحن ندعوا لتعلم كل
ما يمكن تعلمه في الحياة.
أحمد الفرحان
19 يوليو 2010
- الكويت |
أخي
أحمد سلمت على ماسطرت من حديث له واقع
بالحياة.. الحياة مزيج من هذا وذاك,
فاذا عرفنا هذا أردنا
أن نعرف ذاك...
وهكذا، ويرى البعض لافائدة للبحث مع وجود
احتمالات للمخاطر مثل الميل عن الحق, إلا
أن لا سبيل فعال لفهم رونق القناعات على قدر
البحث، الذي يعطي معنى شيق للحياة..
وهي من ضمن متعة العقول السامية..
طرح التساؤلات والبحث وإن كانت في
أبعد مدى ممكن.. على
الرغم من صعوبة إيجاد الجواب الحقيقي
المطمئن عليها جميعا.. كون التساؤل سهل ولكن
الجواب الصحيح ليس بالسهل على الدوم.. إلا أن
سر المتعة هو البحث.. وليس بالوصول
أو مجرد طرح السؤال ذو الطابع المقلق وترك
السؤال مهجور.. فالسعيد هو من يبحث عن
مسببات الأشياء.. والتعيس من يحاول الهروب
منها وبالتالي ستظهر له يوما ما وان لم تكن على
هيئتها كسؤال بل ممكن بهيئة مشاعر أو سلوك
مصدرها سؤال أخمد لأسباب جهل في قيمة
الاطلاع على بحور المعرفة أو حتى الخوف من
إلقاء نظرة عليها ولوخاطفة و
كأنها ثعبان سام... إذا كان على
الجانب الاساس السليم الموثوق كما تفضلت..
حيث يدق لنا أجراسه عند شعورنا بالضياع
التام أو اقترابنا من الضلالة..
فنحن على بر الأمان.. أما الارتباك والتوتر
طبيعة بشرية عند رؤية الجديد من الأمور
إلا أن تفهم تلك
المشاعر على أنها طبيعية وممكن على المرء
ترويضها مثل أي مشاعر
أخرى سيهدىء من شدتها.. ولنسترخي
بلطف في زمن صاحب حظ من يفهم الاسترخاء والرضا..
كما ذاك العجوز الحكيم الذي يعيش فوق الجبل في منزله المتواضع
ننظر إلى عينيه نعرف معنى الاسترخاء
لأنه تقبل الحياة المتنوعة
بأسرارها وقدر قيمة معرفتها يوما ما فكانت
بذرة حكمته..
((
أنا أؤمن من بأني لم
أصل حيث الجمال والكمال, ولكني مؤمن بالسير
والعروج الدائم )) إنها
من طيب الإيمانيات أخي
أحمد.. وفقك ربك في هذا السير والعروج
النير..
".. ح .."
19 يوليو 2010
- الكويت |
|