Facebook Login JavaScript Example

 

 

 
 

> الصفحة الرئيسية - الحكمة - الحكيم أوشو

 

 

الآن وهنا

 

 

الحياة موجودة هنا الآن، إنها في كل لحظة، ولكن عقل الإنسان دائما ما يفكر بالماضي وبالمستقبل. حينما يبدأ هذا العقل بالتفكير حول الجنس، حينما يفكر العقل حول اللذة الجنسية، حتى لو يتذكر تجربة جنسية في الماضي، أو يتخيل تجربة جنسية ما في المستقبل، يطمح أن يحصل عليها، فإن من المرجح أن يكون تفكير العقل الجنسي حول هذه أو تلك. حينما يستمر العقل هكذا يفكر فيما حصل في الماضي من مواقف جنسية ووضعيات أو يحلم ما يحصل بالمستقبل، فإن المني (الجانب المادي) لم يتم استهلاكه بعد، ولكن الطاقة الروحية والنفسية هي التي يتم استهلاكها وتبذيرها. بالطبع، المني يتم استهلاكه في الجماع الفعلي، ولكن يتم استهلاك الطاقة بمجرد التفكير بالجنس. لذا فمن يفكر بالجنس حتى لو مجرد أفكار أو خيالات، ستتجه طاقته للأسفل، هذا يحدث حتى مع الخيال والنوايا. وكذلك من خلال التولع بعملية الجنس الفعلية، فإنها ستستهلك الجانبين، المادي (المني)، والطاقي. ولكن حينما يغوص المرء في تخيلاته ورغباته الجنسية، فإنه سيرهق الجانب الطاقي من كيانه، وهذا كافي لتدمير طاقته.

إن الجماع الفعلي، يستهلك بعض من هرمونات الجسم، ولكن من خلال التفكير بالجنس، يتم استهلاك الطاقة الفكرية. إن لم تدمر اليوم، فإنه غدا، او في المستقبل، سوف يدمر الجسم ويذبل كاملا. لا يحتاج الجسد أن نقلق من أجله، وإنما الأجدر أن نقلق ونهتم بالطاقة التي سوف ترافقك في الولادة الأخرى (الحياة الأخرى). لهذا أقول أن من يعيش كل لحظة كما هي، لا يفكر بالجنس، إذ لا يتذكر معاشرته الماضية، أو يتخيل جماع في المستقبل، بل يعيش اللحظة بكاملها... هذا من سيحافظ على طاقته.

هناك شيء واحد جدير بالذكر، الذي لا يقلق ولا يهتم بالماضي والمستقبل، بل يهتم بما يتوجب عليه فعله في هذه اللحظة، وينخرط في عمله ويعيش عمله، حياته تكون خالية من التوترات. وحينما يكون المرؤ مرتاح هانئ في حياته، فإنه لن يحتاج لممارسة الجنس. إن وجود أقل درجة من التوتر في حيات المرء، سوف تجر خلفها الرغبات الجنسية؛ لأن الجنس هنا يعتبر ترويح عن النفس ومأنس لها من الضغوطات والتوترات اليومية. لهذا فبقدر ممارسة المرء للجنس، بقدر ما لديه من توتر. بالضبط كما في الحياة الأوربية والأمريكية المتطورة هذه الأيام، نجدها مليئة بالجنس، والمخدرات، وهي كذلك لأنها مليئة بالضغوط والهموم. وستقل حاجتنا للجنس إذا حررنا حياتنا من التوترات والهموم. إن الشخص الذي يعمل شيء واحد في الوقت عينه.. حينما يحفر حفرة في حديقته، سيكون مشغول بها فقط، عندما يأكل، سيكون منخرط بالأكل فقط، حينما يكون على الفراش فإنه ينام، ولا يفعل شيء آخر غير النوم. أي أن يعيش حياته ببساطة، ويعيش هذه اللحظة فقط، لا يضغط على نفسه ويعقد تفكيره، بل يعمل شيء واحد ويعيشه. إن استهلاكه للطاقة سيكون منخفض. أقول هذا لسببين: إن التفكير الطويل يستهلك الطاقة الجنسية الموجودة في العقل. والتوتر يحصل حينما نكون قلقين منهمكين في همومنا الماضية والمستقبلية. وحينما نكون منهمكين متوترين، فالجسم يستهلك طاقته الذاتية. وحينما تقل طاقة أجسامنا، نشعر بالتعب، إننا نظن إن جسدنا في راحة واسترخاء. نظن أن التعب هو الراحة. حينما نستنفذ قوانا ونرهق جسدنا نظن أننا في راحة. نكون مرضى، ونظن أننا في استرخاء.. وهكذا.

نقطة واحدة أخرى.. إن التفكير بالجنس يضر أكثر من ممارسة الجنس نفسه.  الجنس بنفسه أمر طبيعي، إنما التفكير بالجنس فهو عكس الطبيعة، إنه انحراف وفساد. بعد دراسة تجارب آلاف الناس، قال لنا العلماء النفسانييون: إننا نجد المرء يهتم كثيرا بالأمور الجنسية، إنما ليس لديه رغبه بممارسة الجنس فعليا. قد يكون الجنس الموجود داخل العقل يبدو أنه أكثر تشويقا. إذا الجنس غدا منحرفا هكذا في العقل، سيولد تشويشا فينا. إن التفكير بالجنس ليس من مهمة العقل. إن إدراك الشخص الذي يستخدم عقله للجنس يصبح فاسدا وعفنا ومستهلك بشدة. جورج جوردجيف[1] معتاد على قول: أن الإدراك يلزمه دليل، لأن وظيفة كلاهما تختلف عن الأخرى (الإدراك والدليل) فمثلا، إذا كان شخص ما حاول أن يتناول طعام عن طريق أذنه، فإن إذنه ستفسد وتتعطل، والغذاء لن يصل إلى معدته. فالأذن ستنزعج، والمعدة تنزعج من الجوع وخلوها من الطعام. وسوف يضايق أذنه ومعدته على حد سواء. فلا هو تناول بشكل صحيح، ولا هو قد وصل الطعام بشكل صحيح. لم يعي جسده عملية الأكل، ولم يكن هناك دليل على التغذية، إذ لم يصل الطعام لمعدته.

لكل شيء في جسم الإنسان له مركز. العقل ليس مركز الجنس. إن الكتلة العصبية في الجسد هي مركز الجنس. دع هذه الكتلة تقوم بعملها، ودع العقل (وعي العقل) يغوص بذلك العمل. إن المرء يبدو ظاهريا منخرط وفي عمله، لكنه غير ذلك في الحقيقة. فمثلا: حينما يرى صور إباحية، فإن أعصابه لا تتفاعل مع الصورة. المرء يرى الصورة ويفكر بها في عقله، ويقتصر ذلك في العقل، ولا يتعدى إلى أعصابه. إنه يستمر في التحديق بالصورة، كما يستمر بالتخطيط والحلم في تلك الصورة المليئة بالألوان. كل هذا مع بعضه يصنع بلبلة وتشويش. العقل سوف يبدأ بالعمل إذا ما أثيرت الكتلة العصبية في الجسم، ولكن الكتلة العصبية لا يمكنها أن تعمل  إذا أثير العقل. الإدراك سوف يتعطل ويختل. سوف يتشوش العقل. 90% من الناس في المصحات العقلية، لأن عقلهم يعاني من اختلال في الجزء الخاص بالجنس. إذا بحثنا في هذا الصدد، سوف نجد أن 90% من الناس المجانين الذين هم خارج المصحات العقلية، أسباب جنونهم تعود إلى أسباب جنسية. حتى لو نظرنا إلى قصائدهم، صورهم، رواياتهم وأفلامهم وباقي انتاجاتهم، سوف نجدها مصبوغة بالجنس. وهذا لا يعني إلا التهور والحماقة. إذا علمت الحيوانات بحالنا نحن البشر  سوف يسخرون منا. وإن قرؤوا قصائدنا، حتى لو كانت قصائد "كاليداس"[2] سوف تكون الحيوانات في حيرة من أمرها، حيث تتسائل عن أهمية وجود هذه القصائد ومعناها، وإن رأت صورنا ورسوماتنا حتى لو كانت مرسومة بريشة "بيكاسو" فستحتار إلى أهمية وجود هذه الرسومات ومعنى وجودها أيضا، وما الحاجة إلى تلك الرسومات، التي تصور صدور النساء ؟؟ !! ما أهميتها ؟؟ وما هدف رسمها ؟؟ بالتأكيد، أصبح الرجل مجنون. أصبح مجنونا، لأنه يأخذ أعماله من مركز الجنس في عقله. لذا ليس هناك وقت لذكائه للقيام بتلك الأعمال أكثر مما قام به.

الذكاء يمكنه أن يتجه إلى الله، لكنه يعمل العمل الخاص بمركز الجنس في العقل. الوعي يمكنه أن يختبر أرقى طبقة من الحياة، وأن يعيش أفضل شيء، لكن صاحبه يجعله محاصر حينما يجعله مشغول في الصور الجنسية والإباحية. عيش الحاضر، ودع الجنس حينما يأتي في اللحظة التي يأتي فيها، لا تقلق من أجله أو تخاف، ولكن تذكر ما قلته لك عن التسامي والترقي في الجنس، حينما ترتقي الطاقة الجنسية وتوجه للأعلى. لن تتمتع بنعيم الحياة ما لم تستطعم النعمة حينما تبدأ الطاقة في الارتقاء.


 

[1] جورج ذورجيف George_Gurdjieff: أحد المعلمين الصوفيين الأرمن.

[2] أشهر شعراء الهند في التاريخ.

 

 

 

osho

مقال مترجم

 

طباعة الصفحة من أجل طباعة الصفحة، تحتاج إلى قارئ PDF

 

 

 

للاتصال بنا

ahmad@baytalsafa.com

أحمد الفرحان -الكويت.

 

 

 

facebook

أحمد الفرحان

مجموعة الاسقاط النجمي

مجموعة التحكم بالأحلام

 

 

 

 

 

"لو كان الفقر رجل لقتلته" رغم حجم الصدقات التي يدفعها الشعب البترولي. إلا أن لا زال الفقر والمرض والطمع موجود. نحتاج إلى حياة جديدة تنفض الغبار لتنتعش الإنسانية من جديد.

مالك أمانة، فانتبه أين تصرفه.. للسلاح أم للسلام.

 

الدعم المعنوي لا يقل أبدا عن الدعم المادي، لأن كلاهما يعبران عن قدرتنا على صنع واقع صحي جديد.

 

 

____________________________

جميع الحقوق محفوظة بالملح وبعلب صحية