|
|||||||||
> الصفحة الرئيسية - الحكمة - الحكيم أوشو |
|||||||||
خطوات نحو التحرر
الخطوة الأولى هي الجسد. الجسد هو نقطة البداية، وهو جذورك التي من خلالها ستنطلق نحو السماء. هذا الجسد الذي هو من التراب أصلا، إنه الأرض الخصبة التي تزرع فيها بذور الورد التي تنشر العبير في أرجاء السماء. الجسد، هو المكان الذي تسكنه.. فعندما أجعلك ضد جسدك، وأعلمك بان الجسد هو مقبرة الروح، وأجع جسدك خصمك الأول، فإنني أدمر أرضك وترابك وموطنك الذي قد يكون بستان مليء بالأزهار. وهذا ما يفعله باقي البشر، يجعلونك ضد جسدك، ويعتبرون الجسد سجن يحبسهم، لاسيما إنه موطن الشهوات التي قد تعرقل مسيرة تطورك الروحية، وهكذا فإنك تكره جسدك يوما بعد يوم.. عندما أجعلك ضد جسدك، فإنني أجعلك منفصم الشخصية، لأنك ستصلي خاشعاً، ثم ترتفع نسبة هرموناتك الجنسية فتصبح خادماً لشهوتك.. وهكذا يكون الجسد كأنه يعرقل مسيرة تطورك الروحية، وهكذا يمارس البعض الرياضات الروحية القاسية لتدمير هذه الشهوات، وبالتالي الجسد. ما أراه أنا، أنه يمكن أن تكون متناغما مع جسدك، لأنه جزء منك، وأنت بالطبع أبعد من حدود الجسد وأفضل وأرقى من الجسد، ولكن هذه الفضيلة لن تأتي إذا كنت تجعل من الجسد خصما لك. بل إن أفضل من يصنعون السلام ليسوا من يصنعون السلام بين البشر، بل بالأحرى يجب أن يصنعوا سلاما بين الإنسان وجسده، الإنسان وذاته، وبالتالي سيكون هناك سلام في العالم. لهذا، فإن الجسد هو الخطوة الأولى، هو الحقيقة الأولى التي يجب معرفتها.. فلا تكن عدوا لجسدك. إذا كرهت جسدك فإنك تكره الله، إذا أصبحت عدو لجسدك فإنك عدو الله، لأن جسدك تحفة إلهية.. نعمة إلهية.. أمانه إلهية.. وهدية إلهية. إذا لم تحترم جسدك، فإنك تقطع حبل الحقيقة عنك، لأن جسدك هو همزة الوصل وهو الجسد الذي من خلاله تكبر وتعبر. الخطوة الأولى من أجل التحرر والتطور وفق التانترا، هي احترام الجسد، ومحبة الجسد والامتنان له. إننا اعتدنا على أن نندهش ونتأمل بالشجرة والزهرة والجبال والغيوم، كانعكاس للجمال الإلهي. ولكننا لم نتأمل يوما هذا الجسد.. وجسدك أجمل وأفضل من الباقي لأنك سيد الكائنات. ليس هناك شجرة تتمتع برداء جميل كما إنك ترتدي، ولا حتى قمر أو شمس أو نجم. وكذلك لابد أن تعجب بالطبيعة حولك، وتقدر هذه الزهرة الجميلة وهذا الجبل وهذه الغيوم، ولا تتوقف من أن تقدر جسدك في لحظة من اللحظات، لأنه قريبا جدا منك، وهو عالمك الأول ودنياك الأولى ومعبدك الطاهر. ولأنه هو قريب منا، فإننا نندهش ونعجب لما هو بعيدا عنا وليس في متناول أيدينا. إذا نظرت إلى زهرة، فإنك ستتحدث عن جمالها، والناس سوف يقولون أنك شاعر أو رسام أو فنان. ولكن إذا نظرت إلى وجه شخص وسيم، وجه إمرأة جميلة، وتحدثت عن جمالها، فالناس سوف يقولوا إنك عبد لشهوتك. ولن يقولوا إنك فنان أو رسام أو شاعر. كذلك إذا ذهبت إلى البستان، وتأملت بالزهرة، فإن حدقت عينك سوف تتسع لتتأمل جمالها، والناس سوف يظنوا أنك فنان أو رسام أو شاعر، ولكن ماذا لو ذهبت إلى رجل أو امرأة وجلست معها بكل تقدير واحترام، كذلك حدقة عيونك سوف تتسع لتتأمل جمالها.. ولكن في الجانب الآخر سوف تقبض عليك الشرطة، لأنهم لن يعتقدوا بأنك شاعر أو رسام.. بل سوف يسألونك عما كنت تفعله هناك!! ...من أجل طريق التحرر، طريق التانترا، لابد أن تحترم جسدك وتحبه. من أجل التحرر، لابد أن ترى جسدك على إنه إبداع إلهي وتحفة إلهية لن تتكرر.. ومن دون الجسد فلا يمكنك أن تتحرر أو تعانق السماء، ما لم تثبت جذورك في الأرض. تقول التانترا، أولا، عليك أن تهتم بجسدك وتخلصه من التوتر. ثانيا، عليك أن تحيي حواسك من جديد. ثالثا، على عقلك أن يتخلص من كل ما هو زائف، وأن تضع عقلك جانبا حينما لا تحتاجه.
كيف تضع
العقل جانبا؟؟ تتحقق الدرجة الثانية من الوعي، حينما تصبح واعيا لهذه اللحظات، لحظات الصمت. وعندما تريد القفز للدرجة الثالثة من الوعي، راقب هذه المراقبة على الأفكار.. راقب هذا الانتباه، هذا التركيز.. من الذي يراقب؟؟ أي أن تراقب المراقب، تراقب المشاهد. وعندها سوف تأتيك لحظات صمت أعمق من السابقة.. والمراقب سوف يختفي و يتلاشى مع باقي الأفكار.. و يظل الانتباه موجودا. في هذه اللحظة، ستختبر الصمت التام، في درجة الوعي الثالثة. وسوف تختفي الغاية والوسيلة معا، وعندها سوف تدخل في بعد آخر.. في العالم الباطني الروحاني. عندما تتجاوز توتر الجسد، وتحيي حواسك، وتتخلص من توتر الفكر، وتدخل في بعد الصمت.. تكون هنا تحررت.. هذه هي التانترا. عندما يكون الجسد نقي، فإن الحواس تتفتح والعقل يكون صافياً صامتاً خاليا من تصارع الأفكار. حتى الانقسامات الباطنية تتلاشى كلياً، ويصبح باطنك في سلام تام، و في صمت عميق. وعندما يكون باطنك في وحدة وسلام فإنك ستجد بأن الكون في سلام ووحدة متكاملة. لابد أن يكون كيانك واحد، لأن الوجود واحد.. الكل هو واحد. الوجود ليس مقسوما إلى قسمين أو أكثر، بل إنها سمفونية منسجمة، تصدر نغما واحدا. وكل الانقسامات صارت، لأن باطن الإنسان مقسوم.. رؤيتنا للكون مقسمة، فأصبحت الأمور الخارجية مقسمة كما هي أمورنا الباطنية. وفي الحقيقة، ليس هناك باطن أو ظاهر، لأنك في رقصة بين هذا الوجود. لهذا، فأي مكان ستسكن فيه سيكون هو الحياة، وأي وقعة لقدمك ستكون هي الأرض المقدسة. لا تعني التانترا أن الطاقة ترتقي وتصعد للأعلى فقط، بل تعني تحرر الإنسان من الجسد وكل ما هو أدنى منه، لكي يختبر الحقيقة والإلوهية، ويتذوقها. ليس مجرد التفكير فيها أو القراءة عنها. لهذا أنا لا أشرح عنها ولا أسأل عنها، لأن اختبارك لها وتذوقها يجعل الغبار والضباب أمام عينك يتلاشى كليا. التحرر هو الوصول لجذورك وأعماقك، التي هي أبعد من التفكير.. ولهذا رمزت العقائد كلها على أن الحقيقة هي نشوة الحب، أو الجنس. لأن في هذه النشوة تفقد فكرك للحظات قليلة.. وهنا تكون قد تحررت من الفكر.. وقد تمر هذه اللحظة على كل شخص ولا يعطيها أي أهمية. ولهذا، فالحديث عن النشوة الجنسية مهمة عندما نتحدث عن الحقيقة. ليست النشوة هي ما تعرفك على الحقيقة، ولكنها تعطيك فرصة لأن تختبر لحظات الصمت، عندما يتوقف عقلك عندها. إنها تفتح لك نافذة صغيرة للحظات قليلة جداً، ولا تدوم طويلاً.. تجعلك تختبر حالة الصمت، والتحرر من أمواج الأفكار المتضاربة.. إنها تأخذك إلى العمق.. إلى أبعد من ذلك. ومن جانب آخر، إذا أردت أن تفسر هذه اللحظات القليلة، فإنها ستكون بلا معنى.
osho 13-10-2011
| |||||||||
|