|
|||||||||
> الصفحة الرئيسية - الحكمة - الحكيم أوشو |
|||||||||
ما معنى "التعريف"؟
ما سأقوله لك هو أن: المُشاهدة صحيحة، واللامشاهدة خاطئة.. ولكي أبسّط لك الأمر: كُن مُشاهداً يقظاً هذا كل مافي الامر. أي شيء يمر عليك فهو لا يعنيك - فإذا مرَّت حالة طمع دَعها تمُرّ، وإذا مرَّت حالة غضب دَعها تمُرّ أيضاً. فمَن أنت لكي تتدخّل؟ لماذا أنت محدّد ومُعرَّف بفكرك فقط؟ لماذا تبدأ بالتفكير وقول: "أنا طماع... أنا غاضب" ؟؟ إنها مجرد فكرة من الغضب تمرّ بك، فدَعها تمرّ... وراقبها فقط.
قصة قديمة تروي أن رجلاً بعيداً عن
قريته، عاد مرّة ووجد منـزله يحترق. منذ لحظة فقط لم يكن مشاهداً، بل كان مُعرَّفاً مُحَدّداً. على الرغم من أن المنـزل هو ذاته، ويحترق، كل شيء كما هو - لكنه لم يعد قلقاً الآن. بل أصبح يستمتع بذلك مثل باقي الناس المتفرّجين. لكن ابنه الثاني جاء راكضاً وقال له: "ماذا تفعل؟ أنت تبتسم وبيتك يحترق!؟" رد عليه والده: "ألا تعلم بأن أخيك قد باعه؟" قال الابن: "لقد سمعته يتكلّم عن بيعه، لكن لم يستقر شيء حتى الآن، والرجل الذي كان سيشتريه لم يعد يرغب بالشراء." مرة أخرى تغيّر كل شيء. فالدموع التي اختفت رجعَت إلى عيون الرجل مرة أخرى، وتلاشت ابتسامته، وتسارعت ضربات قلبه. لقد اختفى المشاهد... وأصبح محدداً (مُعرّفاً) مرة أخرى. بعد ذلك جاء ابنه الثالث قائلاً: "ذلك الرجل يحترم كلامه. لقد رجعتُ منذ لحظات من عنده وقد قال لي: لا يهم سواء احترق المنـزل أم لم يحترق فهو ملكي، وسوف أقوم بدفع الثمن الذي اتفقت معكم عليه. فأنتم لم تعلموا ولا أنا بأن المنـزل سوف يحترق." ومرة أخرى تحول الأب إلى مُشاهد، واختفت الشخصية المُعرَّفة المعنيّة بالأمر. في الحقيقة لا شيء يتغير، لكن مجرد فكرة أنه: "أنا المالك، أنا مُعرَّف بطريقة ما بهذا المنـزل" ، تصنع كامل التغيير. وفي اللحظة التالية، كان شعوره: "أنا لستُ معنيّاً بالأمر، لست محدداً. فقد اشتراه شخص آخر. ليس علي أن أقوم بأي شيء من أجل المنـزل... دعه يلتعن... فليحترق." هذا المنهج البسيط لمشاهدة عقلك: أنه ليس عليك عمل أي شيء تجاهه... فجميع أفكارك ليست أفكارك، بل قد أتت من والديك، معلّميك، أصدقائك، الكتب، الأفلام والتلفاز، الجرائد… عليك فقط بإحصاء كم من الأفكار تخصُّك، وستفاجأ بأنه ليس لك أي منها. كلها أتت من مصادر أخرى... جميعها مُقتبسة – إما مرميّة عليك من قِبل الآخرين، أو أنت قد رميتها على نفسك بحماقة! لا شيء منها يخصّك. العقل حاضرٌ... يعمل مثل كمبيوتر، وحرفيّاً: كمبيوتر- حيوي. لن تكون مُعرَّفاً بكمبيوتر! "الكمبيوتر فلان!" فإذا سخنَ الكمبيوتر لن تصبح ساخناً مثله. أو إذا غضب الكمبيوتر وأصبح يعطي كلمات بأحرف عشوائية فلن تقلق. سوف تحدد الخطأ ومكان وجوده، لكنك ستبقى مستقلاً. إنها مَهمّة صغيرة فحَسب.. حتى أنني لا أستطيع أن أسمّيها طريقة، لأنها الكلمة ستجعلها ثقيلة. لقد قمتُ بتسميتها مَهمّة. بعَملها فقط، ستفاجأ يوماً ما بأنك قادر على القيام بها. ستفشل عدة مرات، لكن لا يوجد أي شيء تقلق حياله... ولا توجد أية خسارة، فهذه هي الطبيعة. لكن اعملها فقط وسوف تحدث يوماً ما. حالما تحدث، وبمجرّد أن تكون مُشاهداً للحظة واحدة... ستعرف عندها كيف تُصبح المُشاهد، المُشاهد بعيد في أعالي التلال.. فكرك بكامله في أعماق الوادي المظلم، وليس عليك أن تقوم بأي شيء حياله. الشيء الأكثر غرابة في الفكر هو أنك إذا أصبحتَ مشاهداً: سيبدأ بالاختفاء. تماماً كما يُبدِّد النورُ الظلمةَ، فاليقظةُ تُبدِّد الذهنَ وأفكارَه وجميع أدواته.. لذلك التأمل ببساطة هو يقظة وإدراك. وهذا يوحي لنا بأن التأمل ليس له أية علاقة بـ "الاختراع". إنه لا يخترع أي شيء، بل فقط ببساطة يزيل الغطاء عما هو موجود.. وماذا يوجد هناك؟ ادخُل و ستجد فراغاً غير محدود، عظيم الجمال، هادئاً جداً، مليئاً بالنور … بالشذا والعطر، فقد دخلتَ إلى: مملكة اللـه. وبتعبير كلماتي: دخلتَ إلى الألوهيّة. وحالما تتواجد في هذا المكان، ستخرج منه وأنت شخص جديد تماماً، إنسان جديد بالكامل.
لقد حصلتَ الآن على وجهك الحقيقي…
واختفَت جميع الأقنعة. سوف تعيش في العالم ذاته، لكن ليس بنفْس
الطريقة. سوف تكون بين الناس ذاتهم، لكنك لن تكون بالموقف ذاته، ولا
بالمُعاملة السابقة. سوف تعيش كزهرة لوتس في الماء: في الماء... لكنها
غير ملموسة من الماء على الإطلاق.
osho ____________________ المراجع: 1-أوشو- من كتاب From Unconsciousness to Consciousness, Chapter 20
| |||||||||
|