|
|||||||||
> الصفحة الرئيسية - الحكمة - الحكيم أوشو |
|||||||||
العقل، القلب، السرة
ماهو الخوف؟ هناك الكثير الكثير من المخاوف، لكنني لا أتحدث عنها. إنني أتحدث عن الخوف الأساسي والأول، وكل المخاوف الأخرى ماهي إلا صدى بعيد للخوف الأساسي ألا وهو شبح الموت. الحياة محاصرة بالموت. كل يوم يموت احد ما، شيء ما يموت، شيء ما كان حياً قبل لحظة من الموت.
كل موت يذكرك بموتك أنت، لقد رأيت الآخرين فقط يموتون، هل سبق لك أن رأيت نفسك تموت؟ وعندما ترى الآخر يموت، تكون شاهداً من الخارج فقط، ولست بموقع الاختبار. الاختبار يحدث فقط داخل ذلك الشخص. كل ما تعرفه أنه لم يعد هناك نفس، أصبح جسد بارداً، وقلبه توقف عن الخفقان. لكن هل تعتقد أن الحياة متوقفة على ذلك؟ هل هي التنفس فقط؟ هل هي النبض ودوران الدم وبقاء الجسد دافئا؟ إذا كانت الحياة كذلك فهي لعبة سخيفة، لا تستحق أن نلعبها. إذا كانت الحياة بالتنفس فقط، فما الفائدة من التنفس مرارا وتكرارا؟ لابد أن الحياة أكثر من ذلك، ولكي تكون ذات قيمة لابد من أن يكون فيها نفحة من الأبدية. لابد من أن تكون أبعد من الموت، ويمكنك أن تدرك ذلك، لأنها توجد في داخلك، لكن الموت هو تجربة الآخرين فقط، الذين يرون الموت من الخارج ولا يختبرونه! إنه ببساطة كالحب، هل بإمكانك أن تفهم الحب برؤيتك لشخص يحب شخص آخر؟ ماذا ترى؟ إنهم يعانقون بعضهم، ولكن هل المعانقة هي الحب؟ يمكن أن تراهم يدا بيد، ولكن هل هذا هو الحب؟ ماذا يمكنك أن تعرف أكثر من ذلك عن الحب اذا نظرت من الخارج فقط؟ كل ما يمكن أن تكتشفه سيكون تافهاً. كل ما تراه هو تعبير عن الحب، لكنه ليس الحب ذاته، ليس بالإمكان أن تعرف الحب إلا عندما تقع فيه.. وتذوب فيه. "طاغور" هو أحد أعظم شعراء الهند، كان يشعر بالإحراج الشديد من قبل رجل عجوز كان صديقا لجده. وكان العجوز يأتي إليه لأنه كان يعيش في الجوار، ولم يكن يغادر منزل طاغور إلا بعد أن يخلق له المتاعب، كان يدق على بابه ويسأله: "كيف حال الشعر معك؟ هل أنت تعرف الله؟ هل تعرف تحب بجد؟ أخبرني، هل تعرف كل هذه الأمور التي تتحدث عنها في شعرك؟ أو انك تصف الكلام صفا؟ كل أحمق يمكنه أن يتكلم عن المحبة، عن الله، عن الروح، لكنه لم ير تلك الأمور بعينه، فهل اختبرت جميع تلك الأمور؟ طاغور لم يستطع أن يجب ذلك الرجل. في الواقع لقد كان محقا. عندما كان يلتقي بالرجل العجوز، كان يمسكه يسأله "كيف هو إلهك الخاص؟ هل التقيت به؟ أم لازلت تكتب عنه الأشعار؟ تذكر جيدا، الحديث عن الله لا يعني معرفتك فيه!" لقد كان شخص محرج جدا، وطاغور كان شاعرا محترما في مجالس الشعراء، وربح جائزة نوبل للشعر، لكن ذلك الرجل العجوز كان يذهب إلى هناك أيضا، حيث يجتمع الشعراء، وأمام كل الشعراء الأتباع كان يمسكه بقبضته قائلا: "لازلت لا اعرف، لماذا تخدع هؤلاء الأغبياء؟ هؤلاء أغبياء صغار لكنك غبي كبير، هؤلاء ليسوا مشاهير خارج البلاد، لكنك معروف في كل العالم، لكن هذا لا يعني أنك تعرف الله. كتب طاغور في مذكراته: "لقد كان يضايقني كثيرا، وباستمرار، كانت لديه تلك العيون الخارقة حيث أنك لا تستطيع أن تذكر أمامه أبداً، كان حضوره رهيباً.. فإما أن تقول الحقيقة أو تصمت أبداً" وفي احد الأيام حدث ذلك.. كان قد خرج طاغور في نزهه صباحية، بعد ليلة ماطرة، كان بزوغ الفجر والشمس قد بدأت بالارتفاع، كان المحيط ذهبيا متلألئا، وعلى الطريق كان الماء قد تجمع في برك صغيرة بعد المطر، وكانت الشمس تشرق في هذه البرك الصغيرة أيضاً، بالعظمة ذاتها، بالجمال ذاته، باللون والمرح ذاتهما.. وهذه التجربة فقط تقول أن في الوجود لا يوجد احد ما أفضل من الآخر! فصرخ شيء ما بداخل الشاعر، قد أشرقت فيه، ولأول مرة في حياته، هرع مستعجلا إلى بيت العجوز، دق بابه، ونظر في عينيه قائلا "والآن ماذا تقول؟ فأجاب العجوز: "الآن لا يمكنني الكلام، لقد حدث، أنت مبارك إن شاء الله" إن اختبارك للأبدية التي في داخلك، لخلودك، لكليتك، لوحدتك مع الوجود ممكن دائما حدوثه، أنت فقط بحاجة لمن يدفعك إليها، لتجربة معينة تطلق الشرارة الأولى. كل ما يقوم به المعلم هو أن يهيئ لموقف معين يسمح للاختبار الأول، للشرارة الأولى أن تحدث، وفجأة تختفي سحابة الموت، وكل ما هنالك نور بنور، حياة واسعة، حياة وافرة، متدفقة، حياة ملأى بالغناء والرقص. إذن في البداية عليك أن تتخلص من الموت، كل مخاوفك ستختفي، ليس عليك أن تعمل على كل خوف لوحدة، إن ذلك قد يسترق حيوات عديدة ولن تقدر على التخلص من كل مخاوفك.
osho ____________________ المراجع: 1-أوشو- من كتاب
| |||||||||
|