|
|||||||||
> الصفحة الرئيسية - الحكمة - الحكيم أوشو |
|||||||||
الوصال يختلف عن العلاقات
الحب هو حالة وعي المرء عندما يشعر بالفرح. عندما تشعر بأن كيانك يرقص، يهتز من الداخل ويرتعش، فإن هذا الاهتزاز يطفوا على السطح كالنبض من حولك.. ويصل إلى الناس، يمكن لهذا النبض أن يصل إلى النساء وإلى الرجال، ويمكن أن يصل إلى الصخور والأشجار والنجوم. عندما أتحدث عن الحب، فإنني أتحدث عن هذا الحب.. الحب الذي لا يسمى بـ"العلاقة" وإنما هو حالة وجود.. دائما تذكر هذه الحالة عندما أستخدم كلمة حب.. إنني أستخدمها للتعبير عن حالة وجودية، وليست علاقة اجتماعية. العلاقة العاطفية هي نظرة ضيقة للحب.. وفكرتك عن الحب بأن أساس الحب هو العلاقة.. هي نظرة ضيقة جدا عن الحب الحقيقي. العلاقة ضرورية فقط عندما لا تستطيع أن تكون بمفردك.. لأنك غير قادر حتى الآن على التأمل. والتأمل هو واجب عليك ممارسته حتى تستطيع فعلا أن تحب. يجب أن يمتلك الفرد القدرة كي يكون وحده.. لوحده تماما، وعليه أن يستمتع بهذه الحالة أيضا. وعندها يمكن أن يحب. عندها لن يكون حبك حاجة لعلاقة وإنما يكون من باب المشاركة. لن تكون معتمد على من تحب.. بل ستشارك من تحب الحياة.. هذه هي المشاركة الطيبة. ولكن ما يحدث عادة هو أن كلا الطرفين لا يحمل الحب في قلبه؛ لا أنت تحمل الحب ولا الشخص الذي تظن بأنك تحبه يحمل الحب في قلبه.. والكل يطلب الحب من الطرف الآخر.. كلاكما متسولان، شحاذان تطلبان الحب وتتسولان من بعضكما.. ولهذا يحدث الصراع والعراك والجدال المستمر بين العشاق.. ودائما ما يكون على سخافات، على أشياء لا جوهر لها، على أشياء غبية.. يعرفان ذلك ويستمرون في الجدال. الجدل الأساسي هو أن الزوج يعتقد بأنه لا يحصل على ما هو حق له كفاية. والزوجة تعتقد بأنها لا تحصل على ما هو حق لها كفاية. تعتقد الزوجة بأنها مخدوعة، ويعتقد الزوج بأنه مخدوع.. أين يكمن الحب في ذلك؟ لا أحد يأبه أن يعطي، الكل يريد أن يحصل.. وإذا كان الكل وراء الأخذ يلهث! فلن يحصل عليه أحد، وسيشعر الكل بالضياع والخواء والتوتر. إن الأرضية الأساسية مفقودة.. كمن يصبغ ويزين المعبد الذي لا أعمدة له. سوف يتهدم وينهار في أي لحظة. وهل تعرف كم مرة قد تهدم حبك وتدهور.. ولا زلت في تكرار الخطأ مرة تلو الأخرى! أنت تعيش في غفلة كبيرة.. لا ترى ما الذي تفعله بحياتك وبحياة الآخرين. تعيش بميكانيكية، مثل الرجل الآلي.. مكرر الأنماط القديمة.. وتعرف جيدا بأنك تمارس سلوك ونمط حياة قديمة موجودة في السابق، وتعرف المخرج من هذه الميكانيكية وكيف تتغير، ولكن في عمق أعماقك تحمل حذرا ما، خشية مما هو جديد.. تعيد تكرار الماضي وتحصل على النتائج نفسها دائما. إذا تعلمت، أو استطعت التعلم من الفشل في الحب، ستصبح واعيا أكثر، وتصبح متأمل أكثر.. إن مارست التأمل ستتعلم كيف تستمتع وحيدا.. ولديك قدرة على اسعاد نفسك.. إن قلة من الناس يستطيعون أن يعيشوا راضين فرحين دون سبب محدد على الاطلاق. يجلسون بصمت ويشعرون بفرح الوجود! والآخرون يعتقدون بأن هؤلاء مجانين لان فكرة السعادة تأتي من الخارج، من شخص ما، من سبب ما؛ إن التقيت بامرأة جميلة ستصبح سعيد، إن التقيت برجل وسيم ستكوني سعيدة. ولكن أن تجلس بصمت في غرفتك وحيدا وتشعر بالنشوة والطرب والفرح؟! لابد أن تكون مجنون بهذه الحالة.. وسيشك الناس بأنك تتعاطى المخدرات.. بأنك سكران. نعم، التأمل هو المخدر اللامحدود.. إنه يطلق كل قواك الروحية، إنه يحررك من الحدود والسجون.. وتصبح سعيدا فرح دائما.. كنوع من الاحتفال الذي يتصاعد في كيانك.. حيث تتحرر من الحاجة لأي نوع من العلاقات.. ومع ذلك يمكنك أن تتواصل مع الناس وتتشارك معهم هذا الفرح.. وهذا هو الفرق بين الوصال وبين العلاقات. العلاقات هي شيء لتتعلق به، بينما التواصل فهو رقصة، معزوفة أغنية تغنيها مع الطرف الآخر. تحبه لأن لديك حب كبير لتمنحه الآخرين، وكلما قدمت أكثر كلما حصلت عليه أكثر.. وبمجرد أن تفهم هذه القاعدة: كلما قدمت حب أكثر، حصلت على حب أكثر.. وهذا بالضبط عكس القوانين الاقتصادية التي تدير العالم الخارجي.. بمجرد أن تعرف ذلك.. إذا كنت تريد حب أكثر، ومتعة أكثر.. يجب أن تعطي أكثر وتشارك بما لديك أكثر.. وأيا من يسمح لك بهذه المشارك معه، ستشعر بالمتعة والامتنان له.. ولكن لن تكون كالعلاقة العادية، وإنما كالنهر الذي ينسل بينكما. النهر يمر بجانب الشجرة، فيقول لها: اهلا وسهلا، غاسلا إياها وساقيا لها، يرقص أمامها ويرحل.. لا يتعلق بالشجرة أو يتمسك بها.. والشجرة لا تقول له: "إلا أين أنت ذاهب؟ نحن متزوجان! وقبل أن تذهب تحتاج أن تطلقني! على الأقل خلع! إلى أين أنت ذاهب؟ وإن كنت تريد تركي فلما رقصت بصورة جميلة أمامي؟ لماذا سقيتني منذ البداية؟" لا، إنما الشجرة تمطر بأزهارها في النهر بامتنان عظيم، والنهر ينهر ويرحل، والريح تأتي وتداعب الشجرة وتمضي قدما، والشجرة تفوح بعبيرها الشذي في الريح وتشكرها. هذا هو الوصال.. إذا نضجت البشرية يوما ما، وعاشت هذا الحب بإنسانية.. فإن الناس ستتقابل، ستتشارك. لا وجود لملامح التملك والعبودية بينهم، لا ملامح للهيمنة أو سلطة الرجل على المرأة أو العكس.. وإلا سيظل الحب مجرد استعمار واستغلال.
osho
| |||||||||
|