لقيت ذات
مرة رجلاً آخر يتسكع على الطرق. وكان أيضاً على بعض الجنون.
فراح يكلمني هكذا: "أنا
تائه. ويبدو أغلب الأحيان أني أجوب الأرض مع الأفاقين. ومذ كان
رأسي أبعدَ بسبعين ذراعاً عن الأرض من رؤوسهم، فإنه يبدع
أفكاراً أسمى وأكثر انطلاقاً من أفكارهم.
غير
أني في الحقيقة لا أسير مع الناس، بل فوقهم، وكل ما يستطيعون
أن يروه مني، إنما هو آثار أقدامي في حقولهم المنفتحة.
وكثيراً ما سمعتهم يتجادلون ويتعارضون حول شكل هاتيك الآثار
لأقدامي وحجمها، إذ كان هنالك من يقول: إنها آثار تنين طاف
الأرض في الماضي السحيق، وآخرون قالوا: لا!
هذه هي الأماكن التي هبطت عليها النيازك من أفلاك الكواكب
القصيّة.
ولكن
انت يا صديقي، تعرف أتمّ المعرفة أن هذه ليست سوى آثار أقدام
لتائه..."