Facebook Login JavaScript Example

 

 

 
 

> الصفحة الرئيسية - الحكمة - جبران خليل جبران

 

 

الطريق

 

 

كانت امرأة تعيش في اعالي الرُّبى مع ابنها، وكان بكرَها ووحيدها، الذي تنفق عليه كلّ ما في قلبها وحياتها من عطف وحنان.

ومات الولد بحمّى فاجأته، والطبيب واقف بجانبها.

وسحق الأسى قلب الأم، وراحت تصرخ وتولول، وتخاطب الطبيب قائلة: "قل لي! قل لي! ما الذي أسكن حركته وأسكت غناءه؟"

قال الطبيب: "إنها الحمى".

قالت الأم: "وما هي هذه الحمى؟"

أجاب الطبيب: "لا أستطيع شرحها، إنها شيء متناه في الصغر، يزور الجسم، ولا نقدر على رؤيته بالعين المجرّدة".

ثم تركها الطبيب، وراحت تكرّر ما قال لنفسها: "شيء متناهٍ في الصغر، لا نقدر على رؤيته بالعين المجردة".

وجاء الكاهن في المساء يعزّيها، فراحت تبكي بين يديه وتُعوِلُ قائلة: "لماذا فقدت ولدي، ولدي الوحيد، ولدي البكر؟".

أجاب الكاهن: "إنها يا ابنتي مشيئة الله!".

قال المرأة: "ما هو الله وأين هو الله؟ أريد أن أشاهده لأمزّق صدري أمامه، وأنزف دم قلبي على قدميه، قل لي أين أستطيع أن أجده؟".

قال الكاهن: "الله رحبّ لا نهاية لرحابته. ولا سبيل إلى رؤيته بالعين البشرية المجرّدة".

صرخت المرأة عند ذاك: "إن الشيء الذي لا نهاية لصغره أهلك ولدي من خلال مشيئة الذي لا نهاية لِكِبره! ونحن؟ ما نحن إذن؟ ما نحن؟".

وأقبلت أمّ المرأة في تلك اللحظة وولجت الغرفة ومعها كفن الصبيّ وكانت قد سمعت كلمات الكاهن، وصراخ ابنتها، ورمت بالكفن إلى الأرض، وأخذت يد ابنتها بيدها، وقالت: "نحن يا ابنتي الشيء الذي لا نهاية لصغره، ولا نهاية لكبره معاً. نحن الطريق بين الاثنين".

 

* * *

جبران خليل جبران

 

طباعة الصفحة من أجل طباعة الصفحة، تحتاج إلى قارئ PDF

 

 

 

للاتصال بنا

ahmad@baytalsafa.com

أحمد الفرحان -الكويت.

 

 

 

facebook

أحمد الفرحان

مجموعة الاسقاط النجمي

مجموعة التحكم بالأحلام

 

 

 

 

 

"لو كان الفقر رجل لقتلته" رغم حجم الصدقات التي يدفعها الشعب البترولي. إلا أن لا زال الفقر والمرض والطمع موجود. نحتاج إلى حياة جديدة تنفض الغبار لتنتعش الإنسانية من جديد.

مالك أمانة، فانتبه أين تصرفه.. للسلاح أم للسلام.

 

الدعم المعنوي لا يقل أبدا عن الدعم المادي، لأن كلاهما يعبران عن قدرتنا على صنع واقع صحي جديد.

 

 

____________________________

جميع الحقوق محفوظة بالملح وبعلب صحية