|
|||||||||
> الصفحة الرئيسية - الحكمة - جبران خليل جبران |
|||||||||
تلك التي كانت صماء
كان مرة لرجل غني زوجة شابة، ولكنها كانت صماء صمم الحجر. وذات صباح، بينما كان الغني وزوجته يتناولات فطورهما، بدأت هذه الكلام وقالت: "زرت السوق أمس، ورأيت فيما رأيت من معروضاته، رداءاً حريرياً صنع دمشق، وأبراداً هندية، وعقوداً فارسية، وأساور يمانية، وبدا أن القوافل اقتصرت على هذه الأشياء في كل ما جلبت إلى المدينة. والآن انظر إليّ، وأنا بهذه الأمطار البالية، أنا زوجة الثريّ المعروف. أريد منك بعض هذه الأشياء الجميلة". قال الزوج، وهو ما يزال يحتسي قهوة الصباح: "عزيزتي! ليس هناك ما يبرر عدم نزولك إلى السوق وابتياع كل ما يشوقك، ويرتاح إلى نيله فؤادكِ". وكان من الزوج الصمّاء أن قالت: "لا! أبداً تقول: لا! لا! هل قدّر أن أظهر في الأسمال بين أصدقائنا وصديقاتنا ليخجل بي أهلي، ويخجلَ الناس ثراءك". قال الزوج: "لم أقل: لا. يمكنك أن تذهبي إلى السوق، وصناعي أجمل الحلى والزينات التي وردت إلى هذه المدينة". وأساءت الزوجة فهم كلام زوجها للمرة الثانية، وأجابت: "أنت أشحّ الأغنياء جميعهم. إنك لتأبى عليّ كل ما هو جمال وأناقة، بينما يطوف نساء جيلي حدائق المدينة رافلاتٍ في أبدع الحلل القشيبة وأغلاها". واستخرطت في البكاء. وفيما كانت دموعها تتهاوى على نحرها، صاحت للمرة الثانية: "دومماً تقول: لا! لا! كلما رغبت في حلية أو رداء". وهنا اضطر الزوج ووقف، وتناول من خزينته حفنةً من النقود الذهبية، ووضعها أمامها، قائلاً بصوت رقيق ناعم: "اذهبي إلى السوق يا عزيزتي واشتري كل ما تريدين". ومنذ ذلك اليوم، أخذت الزوجة الشابّة الصمّاء تظهر امام زوجها بدرّة من الدمع في عينيها كلما رغبت في الحصول على شيء، وهو يتناول من جانبه صامتاً، حفنةً من الذهب، ويلقيها في حضنها. ثم حدث ان وقعت المراة الشابة في هوى شابّ من عادته أن يقوم برحلات طويلة، وكلما سافر في رحلة، جلست في مخدعها تبكي. وكان زوجها عندما يجدها على تلك الحال من البكاء، يقول في سره: "لابد من أن تكون ثمة قافلة جديدة قد وصلت، وبعض الحلي والحلل النادية قد عرضت في السوق". وعند ذاك يتناول حفنة من الذهب، و يلقي بها إليها.. * * * جبران خليل جبران
| |||||||||
|