نعم، هكذا يمكن للآخرين ان
يقدروا الثمرات.. العمل، المجهود.. حينما يدفعون عرق جبينهم ومال في
مقابل ما يحصلون عليه.
قد لا يكون ما ندفع له ضروري
في الحياة، ولكن نظن ان قيمته غالية، ولهذا ندفع في المقابل. قد لا
ندفع مال للهواء الذي نحيا به، والماء الذي نشرب منه. رغم ان هذين
العنصرين هما أغلى وأهم ما لدينا.. إلا أننا قد لا ندفع مال مقابل له.
أولا لانه متوفر بكثرة في كل مكان، ثانيا لأننا اعتدنى على مثل تلك
النعم.
بل نجد أننا نغالي بكماليات
الحياة، أي كماليات، أي امور مثالية لن تتغير الحياة إن اختفت هذه
الكماليات، ومع ذلك تجدنا نغالي بها ونشتريها بأغلى الأثمان، ونهديها
للآخرين.
لو حصل أن توافر الذهب في كل
بيت، فسيهبط سمهمة سريعا رغم إنه يلمع ويتلئلئ صفرتاً.
من هنا نتعلم أن ليس كل شيء
مجانني يأتي لنا رخيص، وليس كل شيء نادر غالي يستحق أن ندفع له عرق
جبيننا الغالي.
معيار الغلو والرخص لابد أن
نعيد له توازنه ومعناه من جديد.. نعم، سهوله توفير الماء أصبح قضية
قديمة مع التقدم التقني والحضاري هذا.. سهولة الحصول على طعام أصبحت
قضية قديمة. بقيت لنا القضايا الكبيرة العالقة في الفكر، قضايا سياسية،
اقتصادية فلسفية، دينية علمية.. وليست قضايا تتعلق بتأمين لقمة العيش..
ولهذا اصبحت هذه الامور رخيصة لنا.
لكن مع هذا، معيار الرخص
والغلو عليه ألا يتغير او يتبدل حتى مع التطور، لانها لا زالت الحياة
تعتمد على هذه العناصر.. وفي أي لحظة قد تهدد الحياة مرة اخرى، فتعود
تلك العناصر غالية مهمة نادرة كالذهب. ولان هناك شعوب وهم الأغلب في
العالم، لازالوا يعانون من مسألة توفير لقمة العيش اليومية.. بل
المجوهرات لا قيمة لها عندهم، لأنها لا يمكن أن تشفي مرض أو تسد جوع،
لو كانوا وحدهم في جزيرة منعزلة لا نهر يجري ولا شجرة مثمرة، مع صندوق
مليء بالذهب والمجوهرات.
أحمد الفرحان |