Facebook Login JavaScript Example

 

 

 
 

> الصفحة الرئيسية - الحكمة - جبران خليل جبران

 

 

حقل زاآد

 

 

لقي مسافر على طريق زاآد، رجلاً كان يقيم في قرية مجاورة، فسأل المسافر الرجل، وهو يشير بيده إلى حقل واسع: "ألم يكن هذا الحقل ساحة القتال الذي انتصر به الملك آهلام على أعدائه؟"

أجاب الرجل قائلاً: "هذا لم يكن قط ساحة قتال، وإنما كانت تقوم هناك مدينة زاآد الكبيرة، وقد أحرقت حتى تحولت إلى رماد. غير أنها أصبحت الآن حقلاً خصيباً. أما هي كذلك؟"

وانصرف كل من الرجل والمسافر إلى شأنه.

وقبل أن يقطع المسافر نصف ميل بعد، لقي رجلاً آخر، وأشار بيده إلى الحقل مرة ثانية، وقال: "أهذا هو المكان الذي كانت تقوم فيه مدينة زاآد الكبرى؟"

قال الرجل: "لم يكن ثمة مدينة في هذا المكان قط. وإنما كان هناك مرة دير، وقد دُمّر على أيدي فئة من أهل القطر الجنوبي".

وبعد قليل لقي المسافر، على طريق زاآد نفسها، رجلاً ثالثاً وأشار مرة أخرى إلى الحقل الفسيح وقال: "أليس صحيحاً أن هذا هو المكان الذي يقوم فيه دير كبير من قبل؟"

أجابه الرجل: "لم يكن قطّ في هذا الجوار دير، ولكن آبائنا وأجدادنا أخبرونا أن شهاباً كبيراً وقع مرةً فوق هذا الحقل"

وتابع المسافر سيره، متعجباً في سره. ثم لقي، وهو يمشي، رجلاً عجوزاً طاعناً في السن، فحياه، وقال له: "لقيت أيها السيد، على هذه الطريق الثلاثة رجال يقيمون في هذا الجوار، قد سألت كل واحد منهم عن هذا الحقل، وكل واحد منهم نفي ما قاله الآخر، وروي لي حكاية جديدة لم يذكرها الآخر"

رفع الشيخ العجوز رأسه، وأجاب: "كل واحدٍ من هؤلاء الرجال أخبرك في الحقيقة، يا صاحبي، عما كان، ولكن قلةُ منا هو الذين يقدرون على إضافة واقع إلى واقع مختلف، ويؤلفون من ذلك حقيقة".

* * *

جبران خليل جبران

 

ملاحظات على المقال

رجل غريب كان مسافر، مر على مدينة اسمها زآاد..

هناك حقل خصيب.. كان يسأل هذا المسافر كل شخص عما كانت عليه تلك الساحة قبل أن تكون حقل خصيب..

كل شخص كان ينفي ما قاله الآخر.. حتى ثلاثة رجال، إنما الرجل الرابع الذي كان طاعن في السن رد على تعجب المسافر: كل واحد من هؤلاء الرجال أخبرك بالحقيقة، أي الحقيقة المقسمة، جزء من حقيقة عما كان يا صاحبي، ولكن قلة منا هم الذين يقدرون على اضافة واقع إلى واقع مختلف ويؤلفون من ذلك حقيقة واحدة متكاملة.

 

وإليكم الحقيقة المتكاملة، لقد كانت الساحة دير للرهبان، حتى كبر الدير وصار مدينة زاآد التي احترقت فعل الشهاب الساقط من السماء، فصارت المدينة رماد، حتى تحولت لساحة قتال، فأخصب الرماد والدمار تربتها، حتى صارت حقل خصيب.

 

وماذلك إلا قصة تشبة قصة الرجال الأربعة حيث كل واحد منهم وصف الفيل كما تلمس من اعضاء جسده.. غير أن قصة الفيل كانت الأقوال مخالفة للواقع.. بينما حقل زاآد كانوا يخبرون بالحقيقة.. ويرفضون الحقيقة الاخرى، ولم يستطيعوا تصور الحقيقة كاملة، لأنهم يرفضون الرأي الآخر.

أحمد الفرحان

 

 

طباعة الصفحة من أجل طباعة الصفحة، تحتاج إلى قارئ PDF

 

 

 

للاتصال بنا

ahmad@baytalsafa.com

أحمد الفرحان -الكويت.

 

 

 

facebook

أحمد الفرحان

مجموعة الاسقاط النجمي

مجموعة التحكم بالأحلام

 

 

 

 

 

"لو كان الفقر رجل لقتلته" رغم حجم الصدقات التي يدفعها الشعب البترولي. إلا أن لا زال الفقر والمرض والطمع موجود. نحتاج إلى حياة جديدة تنفض الغبار لتنتعش الإنسانية من جديد.

مالك أمانة، فانتبه أين تصرفه.. للسلاح أم للسلام.

 

الدعم المعنوي لا يقل أبدا عن الدعم المادي، لأن كلاهما يعبران عن قدرتنا على صنع واقع صحي جديد.

 

 

____________________________

جميع الحقوق محفوظة بالملح وبعلب صحية