السابق
ظهر ككتاب إنجليزي كامل يضم حكايات وقصائد
رمزية، في سنة 1920 لجبران خليل جبران. مهد للحكايات الرمزية
بمقدمة اسمها (أنت سابق نفسك) يعرض فيها بأسلوب شعري رمزي
إيمانه بالتقمص ووحدة الوجود، وهذا نابع من قراءات جبران في
كتب الصوفية والعقائد الأخرى المختلفة، وتأثره بالجمعيات
الروحية إبان مكوثه في أمريكا. والأفكار الصوفية نجدها بكثرة
موجودة في سلسلة قصص هذا الكتاب.
* * *
ففيه أربع قصائد نثرية صوفية النزعة هي (المحبة) و(طائر
إيماني) و(المحتضر والشوحة) و(وراء وحدتي). وما تبقى من فصول
الكتاب حكايات استخدم فيها جبران أسلوب القصص الخرافية أو
الرمزية الذي نجده في الإنجيل وآداب الهنود والفرس، والذي ميّز
معظم فصول [كتاب
جبران] (المجنون). وغالبية
الحكايات في (السابق) أيضاً ذات مغزى صوفي. كقصة (البهلول)
و(الملك الناسك) و(بنت الأسد) و(القديس) و(الذات العضمى)
و(الخلافات) و(الصحيفة البيضاء) و(العالم والشاعر) و(البحار
الأخرى) و(التوبة) و(اليقظة الأخيرة). وبعض قصص الكتاب يحتمل
تفسيرين: صوفياً واجتماعياً، مثل (الحرب والأمم الصغيرة)
و(الشعراء) و(ملك أردوسة) و(المعرفة ونصف المعرفة) و(الأثمان).
من المغازي الاجتماعية القليلة التي تمتزج بالمعاني الصوفية
انتقاد جبران لـ(الطمع) إذ يبيّن ما وراءه من قلق وخوف. وما
ينجم عنه من ضرر. و ينتقد الاقتتال في (الحرب والأمم الصغيرة).
وفي (الشعراء) يسخر من الشعراء الذين حوّلوا الشعر إلى زخرف
فارغ وتلاعب بالألفاظ. أما قصة (المعرفة ونصف المعرفة) فتنتقد
جهل الناس و تمسكهم به غير واعيين، واضطهادهم من يجرؤ على
إرشادهم إلى الحقيقة. وتبين قصة (ملك أردوسة) أن الإنسان لا
يستطيع أن يفهم الآخرين إلا إذا عانى ما يعانون. وفي قصة
(الأثمان) يبين أن قيم الناس نسبية. فيما تظهر حكاية
(الناقدون) إنها مختلّة إذ لام الناس المسافر لأنه ترك حصانه
خارج الاصطبل فسرقه أحدهم. ولم ينتقدوا اللص الذي سرق الحصان.
ولكم ما رمي إليه جبران في هذه الحكايات وفي حكايات الكتاب
الأخرى هو أن يعرض أهم عقائده الصوفية. وذلك بواسطة الرمز
حيناً، وبأسلوبه الشعري في حين آخر.