|
|||||||||
> الصفحة الرئيسية - الروح - مقالات أخرى |
|||||||||
الدين وحدة واتحاد
((إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون))1 ((واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا فتذهب ريحكم))2 ((ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم))3 يدعوا القرآن كما هي الفطرة السليمة لأن يتحد الناس مع بعضهم، ليس لأنهم مسلمين، فالقرآن لم يقرر هذه الوحدة بين المسلمين فقط -كما هو معروف- وإنما يقرر أن الوحدة تشمل جميع البشر. فمن يتمتع بفطرة سليمة ستجده يؤمن ويعيش حقيقة أن البشر أخوة. ولكن من لديه فطرة مشوه ومنحرفة فهو من يدعو إلى تفرقة المسلمين إلى طوائف عقدية وأحزاب سياسية، شيعي، سني، درزي، صوفي، اباضي وغيرهم من ألوان وأشكال.. من لديه فطرة مشوة وأفكار مغلوطة منحرفة، هو من لا يستطيع أن يرى أن التنوع ناشئ من الوحدة، فجميع الكائنات الحية خرجت من خلية واحدة قبل ملايين السنين، ثم تنوعت الكائنات بعد أن كانت متشابه ذو خلية واحدة. لمن أراد أن يكون على الصراط المستقيم، فيطبق عقيدة صحيحة وفطرة سليمة، عليه أن يبتعد عن القيل والقال، يبتعد عن خطابات الطائفة والتفرقة العنصرية.. وأن يقترب أكثر من الطبيعة، من الحيوانات ويتعلم منهم. فما يقوله الاسلام، تؤكده الطبيعة والحيوانات التي هي أقدم من الاسلام بملايين السنين.. فلن تجد فصيلة من الحيوانات تقتل بعضها البعض، لن تجد أسد يأكل أسد آخر، لن تجد ذئب يعتدي على ذئب آخر -باستثناء الحالات التي نشاهد فيها أن ذئب ما تعدى على منطقة الآخر- يتعاركان (ولا يقتل احدهم الآخر) ثم ينسى احدهما الآخر وتنتهي العداولة ولا تستمر ولا يكون هناك أي نوع من الانتقام. نعم سنجد في مملكة الحيوانات أن احدهما يقتل الآخر ليشبع جوعه، سنجد الاسد يقتل غزال أو فيل أو خروف، ولكنه لن يعتدي على فصيلته إلا نادرا.. وحدة الانسان الذي يكره ويحقد ويقتل أبناء عمومته باسم مفاهيم هو ابتدعها بنفسه، مفاهيم كالحرية، والدين، والسياسة. ((واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا فتذهب ريحكم))2 الاسلام يؤكد وحدة المسلمين، فمن يعمل على تفرقتهم باسم الدين نفسه، فإنه يعمل ضد تعاليم الله. الاسلام يؤكد وحدة المسلمين ليس لأنهم مسلمين تحت اطار دين واحد، بل هذا المبدأ ينبع من المبدأ الذي يؤكده القرآن مرارا وتكرارا وهو أن البشر جميعهم أخوة. ((يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا..))4 بل يؤكد أيضا أن هدف الديانات وارسال الرسل والانبياء ليس فقط للدعوة إلى توحيد الله وعبادته دون الأوثان، بل لتوحيد البشرية جمعاء وتقليل الاحتقان بينهم أيضا. الاحتقان الذي خلقته شريعه الغاب، الاحتقان الذي خلقه الجهل في نفوس الناس. ((كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيئين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه))5 اي ارسل الانبياء حتى ينبذوا خلافات الناس وينهوها. ولكن كم من رجل دين، أو سياسي، أو متجبر خلق تفرقة بين الناس؟ كم من "فرعون" علا في الأرض وجعل أهلها شيعا متفرقين؟ ((إن فرعون علا في الأرض وجعل أهلها شيعا يستضعف طائفة منهم يذبح ابناءهم ويستحي نساءهم إنه كان من المفسدين))6 فرعون ليس اسم لشخص ما بعينه، إنما هو لقب، مثل لقب السيد، أو الدكتور، أو المحامي.. فرعون هو الشخص الذي يعلو في الأرض ويجعل أهلها شيعا متشعبين متفرقين يعلوا بعضهم على بعض. وأي أحد يعمل عمل الأمر ذاته في تفريق الناس تفرقة قبلية، تفرقة عنصرية، تفرقة دينية، تفرقة عرقية، فإنه يعمل عمل فرعون ويفسد في الأرض.. من يريد تفرقة الناس، لاريد أن تستقر الأمور بينهم، يريدهم أن يستمروا في التناضح والاقتتال حتى يلجؤوا إليه ويطلبون المساعدة. فلو استقرت الامور بين الناس وتعاونوا في بناء الحياة الرغيدة، فإنهم لن يكونوا بحاجة لأحد في السلطة، لن يكونوا بحاجة لأحد يعمل عمل فرعون. وهذا ما يريده السياسيون؛ أن تستمر المشاكل في البلاد حتى يأتون ويطرحون الحلول، ويستمروا بالجلوس على مقاعد السلطة. هكذا حدث في حرب العراق، وهكذا يحدث اليوم في البلاد جميعها. فانتبه.
الخلاصة: 1- يؤكد الاسلام أن المسلمين أمة واحدة، ومن يفرقهم فهو يعمل ضد المبدأ الإلهي. 2- وحدة الامة الاسلامية لا تتناقض مع وحدة البشر، فبدون وحدة البشر لا يمكن أن تتوحد أي أمة كانت. 3- والاسلام يؤكد على أن البشر أخوة خلقوا من روح واحدة، ومن يعمل عمل ذلك فهو ضد المشيئة الكونية والسنة الإلهية والاسلام على حد سواء.
14/5/2015
____________________ المراجع: 1-سورة الأنبياء آية 92 2-سورة آل عمران آية 103 3-سورة آل عمران آية 105 4-سورة الحجرات 13 5-سورة البقرة 213 6-سورة القصص آيه 4
| |||||||||
|