|
|||||||||
> الصفحة الرئيسية - الفكر - مقالات أخرى |
|||||||||
هل تستجيب النباتات للحديث؟
تقول "بارب هلبر" وهي سمراء ممتلئة حيوية، زرقاء العينين: "يعتقد الناس أنك معتوهة إذا ما تحدثت إلى نباتاتك. غير إنني أتحدث إلى نباتاتي طوال الوقت، مقدمة إليها نوع الحب الذي أقدمه إلى حيواناتي. بوسعك أن ترى بالضبط الفارق الذي يفعله ذلك في لكيفية التي تنمو بها." إن هذه المرأة مثلها كمثل آلاف البشر الذين ينكبون على نباتاتهم، يتناغمون معهم، ويتحدثون إليهم. أكملت "بارب" حديثها: "لقد مزّقت دون قصد أوراق بعض النباتات. واكتشفت أنها تلتحم على نحو أسرع إذا اعتذرت للنبتة لكي أجعلها تدرك إنني لم أفعل ذلك عن قصد." ...بعيدا عن أثر البسملة قبل قط النباتات أو أكل الفواكة - المخبري أو الكيميائي، إلا أن معنى قول "بسم الله الرحمن الرحيم" قبل قطع الأشجار والفواكه هو اجزام أن ما نقوم به بدافع من الفطرة التي تحافظ على الحياة، على ضوء القوانين والمبادئ الإلهية التي تحتم علي أنا أن أقطعك أيتها الشجرة أو آكلك أيتها الفواكه، فبقوة الله استعين وأعتذر منك وأشكر الله على إيجادك نعمة من النعم الكثيرة... هذا كله وأكثر منه ينطوي في باطن قول البسمة، هي بمثابة أخذ الإذن من الله بأن لا حول ولا قوة إلا بك يا ربي، وهي بمثابة إنذار وأذن من النبات أو الفواكه بأني سأقطفك أو أقطعك لصالحي. ومن هنا تتبارك الفواكه والأشجار لأنها طوع أمر ربها الذي وهبها لنا وللكائنات. نعود إلى الفتاة السمراء "بارب" التي لديها الحساسية التي تمكنها من رؤية كل نبتة ككائن حي فرد. وهي تقول: "أنا أستطيع أن أتصل بالنباتات بسهولة. أنا لا أدري ما إذا كانت تلك التربية التي تربيت عليها أن ذلك إحساس فطري لدي، ولكنها صادقة بالنسبة إليَّ في أحاسيسها ومشاعرها وعواطفها كالأصدقاء والحيوانات الأليفة المدللة. من وجوه عدة، فإن النباتات هي كالأطفال.. إن كثيرين يبدون غير مكترثين بمشاعر النباتات وحياتها. مثلا، عندما ينتقلون من منزل إلى آخر مع عفشهم، فإنهم يتخلصون من نباتاتهم ويدعونها تموت. لا يسعني فهم هذا النمط من البشر، طالما أن النباتات هي جزء من أسرتي. فإذا كان عليَّ نقل مسكني من هنا، فسوف أتأكد من حمل جميع نباتاتي معي." ثم أشارت بارب إلى جذول (أصول الشجرة الباقية بعد قطعها) عدة سوق قطعت حديثاً من شجرة نخيل ذات أغصان جديدة دقيقة خضراء شاحبة، قائلة: "اضطررت إلى قطع الكثير من السعف الميتة. كانت هذه النبتة مجرد مجموعة أشياء مختلطة بغير نظام لمّا حصلت عليها قبل بضع أيام." كان أحد أصدقائها قد غادر المدينة ردحا قصيراً من الزمن، وقد وافقت بارب على العناية بالنخلة، التي كانت ميتة تقريباً لمّا تسلمتها. وقالت وهي تبتسم ابتسامة دافئة: "كان يخشى أن يعطيني إياها، مادام كان يحسب أنني سأفسدها، وأرجو أن يدعني احتفظ بها عقب عودته طالما أنني أدري أنها ستموت إذا ما عادت إلى منزله"
فكيف عاملت بارب النخلة شبه الميتة؟ ولكن بارب ذكرت أنها حذرت النبتة أنها سوف تضطر إلى العودة لدى عودة صاحبها: "قلت للنخلة، إنها في عطلة. وأنها سوف تعود لصاحبها مرة أخرى.. بعد بضعة أيام، وجدتها تعود حية من جديد" في خلال السنوات القليلة المنصرمة، جمعت بارب عدداً مدهشاً من النبتات من أصدقاء (غير حساسين). تقول بارب: "كنا نساعد أحد أصدقائنا في الانتقال من مسكنه، وسألته عمّا ينوي عمله بالنبتة المشرفة على الموت، حيث قال لنا: "يا للعنة، سألقيها جانباً ألا ترين أنها ميتة؟" فقلت له: أحسب أن تلك جريمة قتل، بكل ما في الكلمة من معنى. كانت خضراء عندما أخذتها، وقد اعتقدت بكل صدق أنها ستموت. ولكنني حملتها إلى منزلي، ووضعتها في مخدعي حيث عاملتها كما لو كانت مريضة في مستشفى. وحرصت على التحدث إليها، قائلة لما أنها ستتحسن. ولسوء الطالع، لم تستجيب النبتة، وقد قلقت بالفعل، وحسبت إنني سأفقدها، لذا وضعتها في حجرة مع نباتات أخرى لمجرد رؤية ما إذا كان ذلك سوف يشكل أي فرق." ثم أكملت بارب قصتها التي حصلت في خلال الأشهر القليلة التالية، ومع التشجيع الثابت المستمر، وبالاقناع اللطيف، بدا أن النبتة تنبعث من القبر وتعود للحياة من جديد. إن احدى نباتات بارب الأكثر بعثاً على الذهول. نبتة صبار اختارتها من مبيع أجري في مرأب. قال لها صاحبها إنه احتفظ بها طوال 40 سنة. وفي خلال هذه السنين الأربعين نمت إلى ارتفاع حوالي قدمين ونصف القدم. وبين يدي بارب، وبفضل حديثها العذب، أفرخ الصبار ست أوراق جديدة، ونما مقدار ثمانية بوصات في مدى أكثر قليلا من شهر واحد. تقول بارب عن هذا الأمر: "هذا أول صبار امتلكته. كان صعباً قليلا بالنسبة إليًّ أن أقرر شراءه طالما أنني أفضل نباتات أكثر نعومة، وأكثر رقة، ولكنني الآن سعيدة حقاً لأنني حصلت عليه... وغالباً ما كنت أقول لذلك الصبار كم أنا فخورة به! إنه يبدو لي أن النباتات تستجيب للعناية التي تغدو عليها. إن جميع زائريّ سرعان ما يجتذبون إليه. إنه أمر لا يصدقونه ولا أصدقه أنا شخصيا، كم نما في هذا المدى القصير من الوقت، ولكن المبادرة والاستمرار تحتاج إلى جهد وصبر حقيقي" كما تقول بارب: "حتى الزوار اللذين لا يتحدثون مع النباتات بصورة مباشرة كما افعل أنا شخصيا، ولكن لمجرد وقوفهم وابدائهم رأيهم بأي نبتة وبجمالها في منزلي، هذا يؤثر جدا في النباتات" نحن نؤكد على هذا القول، فالشخص الممتن للنعمة، ورؤيته للجمال حوله، إنما هو يغذي طاقة هذه الجمال والطاقة الإيجابية من حوله، لان مجرد فتح صمام العقل في أن يستقبل ويرى الجمال حوله، فإنه سوف يولد هذه الموجات النورانية الخلاقة، ومن ثم سوف يغذي كل ما تسقط عليه عين المرء، وبالتالي سوف يكون منارة أو شمعة ينشر النور حيثما نظر.
...لم يحالف النجاح جميع جهود بارب بالكيفية نفسها. فقد عرفت وقتا عصيبا مع شجرت تين أتت من فلوريدا ذات جذع مليء بالبق (أحد الحشرات)، كما كان مع هذه الحشرات حشرة أخرى تسمى بالحشرة القرمزية. فتقول بارب عن تجربتها مع هذه الشجرة: "لقد بذلت كل شيء لأجل هذه النبتة تنمو. أولاً قضيت على البقات بواسطة الرش، رغم أن الشجرة هذه كانت قد فقدت معظم أوراقها. ثم إني تدبرت أمر الاهتمام بالحشرة القرمزية، وبينما كنت أقوم بهذا، واصلت حثّ الشجرة على النمو، ولكنها بدت أنها لا تستجيب، وأحسب أنها في النهاية بدأت تفعل شيء ما، طالما أن أوراقاً جديدة ظهرت! ولكي أكون صادقة معكم، علي الإقرار بأنني شرعت في شتمها، وذلك أمر ما كنت أقوم به عادة. وتصورت أن هذه النبتة اللعينة إذا كانت لن تنمو بنوع الحب عينه الذي أغدقته على سائر نباتاتي، فيجب أن أقابلها بمقاربة جازمة وآمرة أكثر. فقلت لها (حسناً، هيا ابتدئي بإنماء بعض الأوراق على سبيل التغيير. انظري، هذا هو الحال، وكفي، كفي! ماذا يسعني أن أفعل أكثر من ذلك؟) بالطبع استخدمت لغة أقوى من ذلك. ويبدو أن ذلك ناجح. لا شيء يسعدني أكثر من رؤية هذه الشجرة، في آخر الأمر، تجتاز بسلام المرحلة الصعبة وتبح عادية." وفي الختام، نذكر الملاحظة التي ذكرتها لنا بارب عن النباتات، فقالت أن النباتات مثل البشر من وجوه عدة. إنها تحب أن تكون مع نباتات أخرى، وتحب أن يحيط بها النشاط والإثارة. كما تحب حفلات الأنس والسمر المفعمة بالحيوية والحديث السعيد واللحظات المفعمة بالرفقة والحب، إنك تستطيعين بكل ما في الكلمة من معنى رؤية الفرق في النباتات المهملة أو التي تعيش في منزل غير سعيد، وبين الأخرى. كذلك هناك أماكن في المنزل لا تحب النباتات أن تكون فيها، وعلى صاحبها أن يستشعر هذا الامر، إن المكان الجيد الذي يمكن وضع النباتات فيه هو الاماكن التي يحبها البشر، وليس في الممرات والسراديب والأروقة الضيقة المظلمة.
* * *
| |||||||||
|