Facebook Login JavaScript Example

 

 

 
 

> الصفحة الرئيسية - الفكر - مقالات أخرى

 

 

هل للنباتات ذاكرة؟

 

 

إن فكرة أن للنباتات ذاكرة تقلق علماء كثيرين، فالتقارير الواردة من اليابان التي تثبت أن للنبات مقدرة على الحساب قد تبدو مثيرة للسخرية. ويزعم "هاشيوموتو" (خبير بالبيلوغراف) أن صباره يستطيع أن يعد ويجمع حتى عشرين، وهو يترجم المقدرة على بلوغ الذروة في بيانات البولوغراف، أو أي أدوات مماثلة. غير أن تجربة باكستر بمساعدة ست طلاب يوحي باحتمال أن للنباتات ذاكرة ما تحتفض بها في مدة قصيرة من الوقت، وتتفاعل بكيفية ذكية مع تلك المعلومات.

وكان اختباره جدا بسيط، حيث طلب من ستة طلاب، أن يساعدون على إقامة الدليل، على أن النباتات تستطيع أن تتذكر الأحداث الماضية. وقد أختير واحد منهم بالقرعة لكي يقتل نبتة في غرفة مع وجود نبتة واحدة وحسب فيها، ولم يكن باكستر أو الطلاب الخمسة الآخرون يدرون من سوف يكون القاتل، وتسلل الطالب الذي وقع عليه الاختيار إلى الغرفة حامل النبتتين وأتلف واحدة منهما، وطلب باكستر لاحقا من الطلاب أن يدخلون الغرفة الواحد تلو الآخر، وكان في هذه الأثناء قد ربط النبتة التي كانت لا تزال حية إلى البيلوغراف، ليرى ما إذا كانت النبتة سوف تستجيب للقاتل، وأقبل كل من الطلاب الأبرياء للغرفة، ولم تستجيب النبتة أي منهم، ولكن عندما دخل الطالب المذنب الغرفة، انتبات النبتة نوبة جنون مؤقت، واهتز البيلوغراب بنشاط. كان باكستر قادر إلى التعرف إلى الطالب المذنب الذي شوة النبتة الأولى، بمراقبته لنشاط النبتة الثانية التي شهدت على الجريمة. أمر لا يصدق!

هل كان ذلك ذاكرة؟ أم كان تخاطر ذهني؟ بالطبع يحتمل أن تكون أن النبتة تخاطرت مع مشاعر الطالب المذنب، ولكن الطالب من ناحيته زعم أنه لم يخامره سوا قلة من مشاعر الذنب أو القلق بشأن إتلاف النبتة. وسواء أن تذكرت النبتة  بالفعل القاتل أم تفاعلت مع عواطفه ، أمر نستحيل معرفته ولكن لحسن الطالع أن تجارب أخرى توحي بأن للنباتات ذاكر.

فمثلا، كيف يفسر المرء النمط الذي يبدو غامضا، الذي وضعه باكستر على مدى فترة من شهور عدة، باختباراته وتجاربه المتعلقة بموت القريدس المالح، لماذا توقفت النباتات عن إبداء أي استجابة عقب بعض حوادث القتل؟ أفليس من ممكن أن تعرف النباتات التي اختزنت معلومات كافية أنها تستطيع أن تتجاهل إشارات الموت تماما مثلما سوف يتجاهل المرء صوت صفير حديدي يمر كل صباح في الموعد عينه؟ ألم يوحي اختباره بالنباتات إنها هي أيضا يمكنها أن تكون انتقائية في استجاباتها؟ إن كانت بوسعها أن تختار التفاعل أو عدم التفاعل لتأثير خارجي، فيكون لديها شكل بدائي من الذكاء الضروري للذاكرة.

وفي تجربة أخرى عرض عدد من النباتات المزروعة والبرية لمنبهات كانت ومضات من الضوء، ويقول أحد الباحثين المسئولين عن هذه التجربة:" إن النتائج التي حصلنا عليها تقدم الدليل على أن النباتات لا تمتص، بل انتقائية لمعلومات مفيدة وتختفظ بها وحسب، بل هي كأي جسم حي تبحث بفعالية عن معلومات تحتاج إليها في ظروف محيطة أو بيئية متغيرة. وحتى في الظروف الاختبارية، يستوعب النبات انتقاء المعلومات ويحتفظ بها في ذاكرته."

كما لاحظ آخر أن للنباتات القدرة على التذكر متى وجه إليها شعاع الضوء وهذه هي الكيفية التي يصف بها بعض النباتات مظهر النباتات الأساسية لجهاز ذاكرة. إن كل الأدلة التي في المتناول تبدو أنها توحي بامتلاك الكائنات الحية جهاز تسجيل ذي دورة كاملة واحدة كل 24 ساعة،ويبدو أن هذا الجهاز قادر على أن يكون له أي شكل من أنماط السلوك التي تنطبع عليه، بحيث انه تاليا يروح يكرر هذا النمط حتى يتلاشى أو يضمحل ، أو يستبدل به نمط جديد آخر بشكل ما.

إذا كانت لدينا نبتة فاصوليا، تظهر بشكل خفيف على نحو متواصل إيقاع نوم يوميا، مخفضة أوراقها ليلا، ثم إننا نقدم لها منبه قصير جدا في الضوء الأكثر إشراقا خلال المرحلة الليلية، فإننا لا نرى وحسب أن الضوء إنما يتسبب بارتفاع الورق على نحو مؤقت وقصير، ولكن نرى أن النبتة تستمر في ذلك يوميا حتى وسط الظلمة المتواصلة في نفس وقت تعريض الضوء سابقا، أي النبتة تعتاد على العادة التي تعيشها ولها ذاكرة وساعة بيولوجية خاصة تحفظ التوقيت، ولهذا نرى أن المزارعون ينصحون بتنظيم وقت السقي لكي تتنشط النبتة وتعتاد على ذلك.

كان مفهوم تدريب نبتة ما على استجابة لضوء وامض، نقطة في غاية الأهمية في اختبارات باكستر، لقد حاول إقامة حالة للنباتات شبيهة بحالة "بافلوف" مع كلابه، فقد جمع اختبار "بافلوف" قرع جرس  مع موعد إطعام الكلب، ففي كل مرة كان يقر الجرس كان يقدم إلى الكلب شيء ما ليأكله، وفي نهاية المطاف، تشعر الكلاب بسيل لعابها حينما تسمع رنين الجرس، وسواء قدم لها الطعام أو لم يقدم.

حاول باكستر مكافئة النباتات بالكيفية نفسها تماما، فقد وضع سلسلة من العربات المزودة بالطاقة الكهربائية تؤدي إلى حجرة فيها نباتات مثبتة  بكلابات على آلته الخاصة، وكان على العربة ستة أكواب تحتوي على نوع من الحشرات الخاصة بالنباتات الصغيرة، وكان باكستر كلما اجتاز كوب نبتة ما يمطر أو يغمرها النبتة بالضوء، كنوع من المكافئة. وما أمل باكستر وهو أن يرى استجابة النبتة للكوب استباقا لمكافئة الضوء، وكان بالوسع اكتشاف استجابة النبتة عاطفيا بفضل منحنى صاعد على البيلوغراف،  وإذا ما أظهرت النبتة استجابة من غير أن تغمر أو تمطر بالضوء، يكون باكستر قد بين أن للنباتات لها شيء من الذاكرة كما بينت كلاب "بافلوف".

لقد استخلص يوشكين -وهو أحد العلماء السوفيتيين- أن شكل ما من الاتصال  يتم ما بين النباتات والأشخاص الذين يضعون في حالة غشية بواسطة منوم مغناطيسي، ولما كانت الحيوانات متطورة كثيرا عن النباتات وذات جهاز عصبي أكثر تعقيدا، فإن يوشكين يوحي كما أوحي باكستر، بأن النباتات يبدو أنها تتفاعل مع محيطها على مستوى خليوي. وهو يقرن هذا الصياغ من التفكير بالقول:"هكذا يبدو مثل الإنسان مهما تكن معقدة، فذاكرتنا وأحساسنا جميعها تخصص وحسب لذلك الأساس المعلوماتي الذي له مكان على مستوى الخلية النباتية" إن معنى هذه العبارة هو أن الخلايا قادرة على الإدراك الحسي للمحيط لكي تتفاعل معه ولكي تتذكره بكيفية ما. ومع أن ذلك هو افتراض ما على نحو دقيق، فإن يوشكين يبدو بأنه يوحي بأن للنباتات بالفعل لها ذاكرة، وأن المسألة مسألة وقت، ومع تطور العلم يصل العلماء إلى طريقة ما لاسترجاع معلومات مفقودة من الخلايا النباتية كما يحدث للدماغ البشري.

يوافق العالم الفيزيائي السوفيتي الدكتور "فيكتور أدامنكو" على ذلك، ففي عمله أطلق صدمة كهربائية على نباتات حينما وجدت بالقرب من معدن ما، وكان يرغب في اكتشاف ما إذا كانت النباتات في كل مرة توجد بالقرب من المعدن نفسه، سوف تبدو كمنحنى شبيه بذلك  الرسم البياني الذي ظهر حينما صدمت في المرة الاولى. وهو يذكر موجز عمله: "في مناسبات عديدة أبدت هذه النباتات "الفيلودندرون" رد فعل حينما كان رد فعل عندما كان الهدف قريب، على الرغم من عدم وجود صدمة كهربائية. ولعل كل خلية نباتية لها ادراكها وذاكرتها الحسية".

يوحي أدامنكو ويوشكين وسيمننكو وباكستر (العلماء الأربعة الذين خاضوا تجارب علمية على النباتات) الذين يؤكدون بأن الاتصال والذاكرة قد لا يتوقفان على جهاز عصبي مركزي متقدم، كما كان سائدا منذ قرون، فالنبات لا يبدو على نحو جلي ذات جهاز عصبي حيواني، لذا يفترض معظم العلماء أنها لا تتمتع بقوة ذهنية أو نفسية بالطبع.

ونقول نحن بان للنباتات ذاكرة، وأن لكل خلية ذكائها وذاكرتها البيلوجية. وقد يعود هذا السبب في تفسيرنا نحن، أن هذه فطرة موجودة في كل الكائنات، وهذا ما نسويه الوعي الخاص بالكائن الحي والذي تحمله ذبذباته أو هالته، كما أننا نعرف أن كل شيء يسبح بالله حتى لو لم نكتشف ذلك من خلال أجهزتنا المتطورة، وللنباتات بصورة أولية لها نوع من الذكاء والذاكرة، ولابد من التمتع بالمرونة العقلية في تبديل أفكارنا ومعلوماتنا القديمة التي تقول أن الجهاز العصبي لدى الحيوان والإنسان هو الوحيد الذي يمكنه أن يتواصل ويثير المشاعر والإحساس، بل النباتات لا تتمتع بأعصاب وجهاز عصبي ولكن لها جهاز خاص بها تتفاعل من خلاله وتتواصل مع المحيط. وما هو التغيير الذي يتطلبه الأمر منا اتجاه تعاملنا مع النباتات وباقي الكائنات الحية؟ سؤال يتبادر إلى أذهاننا جميعا.

 

 

* * *

 

 

 

مقال تم إعداده


 

 

طباعة الصفحة من أجل طباعة الصفحة، تحتاج إلى قارئ PDF

 

  

 

 

للاتصال بنا

ahmad@baytalsafa.com

أحمد الفرحان -الكويت.

 

 

 

facebook

أحمد الفرحان

مجموعة الاسقاط النجمي

مجموعة التحكم بالأحلام

 

 

 

 

 

"لو كان الفقر رجل لقتلته" رغم حجم الصدقات التي يدفعها الشعب البترولي. إلا أن لا زال الفقر والمرض والطمع موجود. نحتاج إلى حياة جديدة تنفض الغبار لتنتعش الإنسانية من جديد.

مالك أمانة، فانتبه أين تصرفه.. للسلاح أم للسلام.

 

الدعم المعنوي لا يقل أبدا عن الدعم المادي، لأن كلاهما يعبران عن قدرتنا على صنع واقع صحي جديد.

 

 

____________________________

جميع الحقوق محفوظة بالملح وبعلب صحية