Facebook Login JavaScript Example

 

 

 
 

> الصفحة الرئيسية - الفكر - مقالات أخرى

 

 

ماهو الوعي؟ 2

 

 

للوعي طبقات وآفاق ومفاهيم متعددة... كما له معنى على الصعيد العام والفردي، كذلك الفلسفي والعلمي واللغوي والنفسي والطبي أيضا.

أبعاده عميقة وواسعة... والكل يعرف معناه لكن من هو الذي سيشرحه للآخرين؟

يشرح كيف يعمل أو كيف يتطور أو كيف ينمو؟

إن المفهوم العلمي لكلمة "الوعي" يعني الإدراك الظاهر أو الشعور الظاهر، وعكسها اللاوعي، أي اللاإدراك أو اللاشعور، ومن ناحية أخرى، فإن العلم يحدد الوعي على إنه نتيجة لتفاعل الفكر بالبيئة أو المحسوسات الأخرى وذلك عبر الحواس الخمسة للإنسان (السمع، والرؤية، والشم والتذوق واللمس)... وكذلك يقول أن الوعي هو مجموعة آراء وأفكار ومشاعر، باعتبارها إنها جميعها نتيجة لتفاعل هذا الفكر في الكيان الإنساني.

وهنا يكمن النقص... فهل الوعي هو الفكر أو نتيجة الفكر؟  أي هل هو التفاعل، أو هو المشاعر والآراء؟

ومن خلال المنطق، فإننا لا يمكن الاقتناع بأن مجرد فكرة أو شعور يعتبر وعيا فينا، وإلا فكيف لنا أن نصنف وعي الفيلسوف أو الأديب أو العالم أو الفنان ؟؟ وهل نسبة الوعي بينهم مختلفة أم متشابهة؟ أو هل نوعية الوعي عندهم مختلفة أم هي واحدة ؟؟ وإلى أي مقياس يمكن الاستناد عليه كي نقيس نسبة الوعي عندهم؟ وهل للعلم أن يحدد من هو أرقى وعيا من بين الفيلسوف والطبيب والرسام أو الشاعر؟

ولا شك أن الوسائل العلمية المتوفرة لا تستطيع قياس درجة الوعي عند الفرد لتحديد المقصود... لا بل أن رجال العلم يتجنبون الحكم على درجة وعي شخص ما من خلال الاتجاه الفكري أو الفني الذي ينتجه. إلا إنهم يصرون على أن الوعي يشمل الفكر والإحساس، وفي الوقت نفسه فإنهم يرفضون إمكانية تحديد درجة الوعي لدى الشخص من خلال فكرة أو فنه أو مشاعره، وهذه النظيرة يشوبها تناقض واضح لا يمكن التغاضي عنه، وستبقى في نطاق الفرضيات التي لا برهان لصحتها... لأنه يمكن قياس الوعي من خلال إنجازات الشخص وآرائه، فعندما سألوا الحواريون المسيح، كيف لهم أن يعرفوا الكذاب من النبي الحقيقي، فأجابهم "أن من ثمارهم تعرفونهم" أي من إنجازاتهم تعرفونهم من باب أن الإنجازات هي انعكاس لما في داخل الإنسان من ملكات، إلا أنه لا يعني أن الوعي هو مجموعة أفكار ومشاعر بشرية... إلا أننا يمكن القول أن الأفكار والمشاعر قد تولد وعيا معينا، وهي كذلك نتيجة وعي ، أو مرحلة من مراحل الوعي ... ذلك لأن الوعي هو حالة الفهم والإدراك إما عبر الفكر أو عبر المشاعر، أو عبر ما هو أرقى من ذلك بكثير. لأن الوعي أرقى وأسمى وأشمل من أن نحصره في نتيجة احتكاك الفكر والمشاعر مع البيئة، ولو، فإن الوعي يرمز إلى العلم الإلهي الأسمى.

كذلك الفلسفة فإنها تعرفه على إنه التطور الحضاري، من خلال الأفكار الفلسفية والمعتقدات الدينية لحضارة ما... وأحد الفلاسفة أبدى رأيه في هذه الموضوع وقال أن الوعي ليس العقل أو الشعور، وليس المشاعر أو الأفكار، بل هو نتيجة تفاعل كل ذلك مع المحيط الخارجي... فاحتكاك العقل أو الطاقة الفكرية بمعلومة جديدة، يحمله على إدراكها واستيعابها وفهمها وحفظها، والتفاعل معها شعوريا.. والنتيجة التي تأتي بعد كل ذلك هي الوعي... وقد أقر هذا الفيلسوف على أن كل احتكاك بمعلومة جديدة تخلق وعيا جديدا في الإنسان، للإنسان.

وعندما تبحث في معاجم اللغة عن تفسير كلمة "الوعي"، فتجد معناها هو (اليقظة، الصحوة، إدراك وانتباه)، ويكون هذا الفعل ناتج عن طريق كل احتكاك بالمحيط الخارجي سواء عن طريق الفكر أو المشاعر أو الحواس. وهذا الاحتكاك يعني أن ثمة شيئا أو موضوعا، أو أمرا خارجا عن الكيان البشري تفاعل معه، فأدى إلى وعي معين، هو وعي ذلك الموضوع أو الشيء الخارجي.

وكي نفهم هذا الكلام، فعندما نقرأ مثلا خبر نجاح أحد الأبناء في جانب من الحياة، فإن الخبر يدخل العقل عن طريق إما القراءة (النظر) أو عن طريق السمع (الأذن)... فيتفاعل مع المشاعر والأفكار ويولد الفرح... وهذا الخبر يكون قد استحدث وعيا جديدا لم يكن موجودا في الكيان.. هذا الوعي الجديد هو حصيلة التفاعل في الإحساس والفكر والمشاعر.

إنما جانب من علم النفس يقول أن فكر الإنسان له شقين، أو وجهين، ((وعي واللاوعي)) مركز على وعي الباطن أو اللاشعور الذي يكمن في أعماق النفس البشرية ...  أي أن جانب الوعي هو الذي يعيش هذه اللحظة ويستوعب ويسمع ويدرج، أما اللاوعي هو العقل الباطن الذي يسجل كل شيء يستقبله من الوعي عن طريق الانتباه لمثير أو إشارة خارجية، كما أن اللاوعي يتحكم بالأفعال اللائرادية في الجسم كالتنفس ودقات القلب..

وجانب آخر من علم النفس يقول أن الوعي هو الذي يحاول دائما أن يتحكم في تصرف الإنسان في أعماق النفس البشرية والذي يحاول دائما أن يتحكم في تصرف الإنسان، كونه مزدوج الكيان: قسم يحوي الخير والجمال والفضائل ويتقيد بالنظام والمبادئ والقوانين العامة ويدعى الوعي... وقسم آخر يحاول الخروج عن العرف المألوف والانفلات من قيود المسلك العام وهو اللاوعي.

ونستنتج بعد هذا الشرح أو الوعي هو كل ما هو إيجابي إن كان في الفكر والمشاعر والأحاسيس والتصرفات، أما اللاوعي فهو نقيضه، وهذا ما يختلف عن المعنى الذي تقدم آنفاً فالوعي في علم النفس هو ما يتفق مع الأخلاق والفضائل ، وإلا فهو يعتبر لا وعيا.

وهل الشخص المجرم يعتبر واعيا أو لا واعيا؟
يجيب علم النفس أن المجرم واعيا بالتأكيد إنما تحت تأثير اللاوعي.

وهل اللاوعي أقوى من الوعي؟
يجيب علم النفس، أن الإنسان يمكن تصرفاته ويسيطر عليها، فإن هو أنصت إلى لاوعيه وسمح لنفسه الغنقياد له ضعف وعيه وتحكم لاوعيه في تصرفاته.

أي أن الوعي هو مجمل الإيجابيات وليس السلبيات. وذلك في عرف علم النفس.

أما العلوم الطبية تقول من الناحية الجسدية وتشريح الجسد، أن الوعي بالمعنى العضوي هو اليقظة أو حالة الصحوة وعدم الغفلة، وهو أي نتيجة الأحساس أو فعل الحواس الخمسة في الجسد، لأن الوعي مرادف للإدراك والإدراك يتم عن طريق الحواس، أما من ناحية الشعور والتفكير فوعيهما يصب بالنهاية في وعي الحواس الخمسة، لأنهما يؤديان وضائفهم من خلال الحواس التي تكون هي منافذ الوعي عند الإنسان.

فإذن العلوم الطبية تحصر مفهوم الوعي ضمن نطاق الحواس الخمسة فقط، نافية أي عامل أو مسبب آخر للإدراك وللشعور وللتفاعلات الفكرية والذهنية والنفسية. فهل الوعي فقط هو حصيلة ما يتفاعل بالحواس لا غير؟ وهل يقتصر تكوين الإنسان وخليفة الله على الجانب المادي فقط؟ وماذا عن العوامل الباطنية والحواس اللامادية ؟؟ وهل هذا يعني أن ليس هناك جانب باطني غير محسوس الإنسان؟ وبالحقيقة فإن الجانب الباطني للإنسان لهو أساس الجانب المادي للإنسان... وإن الحقيقة الخافية تكمن في الجانب الباطني للإنسان وليس المادي.

ولا يمكننا أن نشرح الوعي في بضع كلمات، وليس هناك كلمة تشرح الوعي وتفصله غير كلمة "الوعي"، وكما الحقيقة لا تنتقل من لسان إلى لسان إخر، إنما تدرك عبر البصيرة من الداخل، إنما وإن أخبرناك عن الحقيقة ووصفناها لك، فإنك ستتخيلها ولن تراها هي بذاتها... إننا نقرب المفهوم فقط... وعلى قدر النور الذي من خلالك يسري، ستجد الحقيقة لا محال.

إن الشخص الذي ينقصه الوعي فإن أفكاره تكون بليدة وغير مترابطة، وقصيرة المدى وأقل نتاجا.. فيما تكون مشاعرة بطيئة التفاعل، وأحاسيسة مخدرة، أما عن تصرفاته فينقصها الإنسجام مع المحيط الخارجي والمجتمع من حلوة، اما الشخص الواعي فغن أفكارة تعطي المزيد من ذاتها ولا تخلو من الابداع، وكذلك مشاعرة وتصرفاته.

وهذا ما يجعلنا نقول أن الوعي له علاقة بالأفكار والمشاعر والتصرفات لكنه لا يترادف معها، فالوعي لا يعادل مجموعة أفكار أو مشاعر، إنما هناك حلقة مفقودة بين الأفكار والمشاعر والوعي... فما هي؟

 

"..الوعي هو مجموعة ذبذبات في حركة دائمة كالحياة
في مقدورها احتواء ذبذبات جديدة أدنى منها حركة.."

 

هذا المفهوم غير كافي لمن لم يقرأ في العلوم الباطنية للإنسان، لهذا علينا أن نشرح الكثير الكثير عن حقيقة الذرات، من منطلق العلوم الفيزيائية التي تقر بأن ليس هناك ركون في أي مكان في الكون، والكل في طواف دائم وحركة لا متناهية، وحتى الشيء الساكن يطوف ويسبح الرب في الأرض وفي السماء..

إن كل شيء مكون من ذرة متذبذبة، تختلف درجة ذبذبتها وسرعتها وفقا للحياة التي وجدت لها في هذا الشكل أو هذا الجسم، أو هذه الكتلة، وإن هذه الغاية والهدف التي وجدت الذرة من أجلها هي التي تقرر درجة تذبذبها وسرعتها، وعن طريق هذه السرعة ودرجة التذبذب نحدد طبيعة هذا الجسم أو الشكل أو الكتلة.

فالغازات أو الهواء مثلا، مكون من ذرات على درجة عالية من الشفافية، تتذبذب بسرعة عالية لا يمكن رؤيتها، أما الشجرة فهي تتكون من ذرات مكثفة متراصة، تتذبذب ببطئ لهذا يمكننا رؤيتها... فكل شيء مكون من ذبذبات، لأن الذبذبة هي روح الذرة، ولولاها لما تحركت الالكترونات والبروتونات والنيترونات في عالم المادة، وفي كل مرئي ولا مرئي.

ولأن سرعة تموجات الذرات أو تذبذبها تتفاوت من جسم إلى آخر، فيتحتم على الجسم الأكثر تذبذب احتواء أو استيعاب الجسم الأقل تذبذب، وذلك بموجب القانون الذي يخضع له النظام الشمسي أو ما يسمى بقوة الجذب. فالشمس هي الأكبر وهي المغناطيس التي تجذب الكواكب السيارة حولها، وتحفظها حتى لا تذهب بعيدا... والأرض تجذب القمر لأنها الأقوى من حيث القوة المغناطيسية... وهذه هي فكرة الذرة الأسرع تذبذب أن تحتوي ذرة أقل تذبذب.

ومن ناحية أخرى، فالبصر مثلا يتكون من ذبذبات، تلتقط صور الأشياء وتطبعها في العين... ولكنها لا ترى ذبذبات ما تحت الحمراء أو ما فوق البنفسجية، لأن الأخيرتين أسرع ذبذبة من تذبذب حاسة البصر، ولكنها تستطيع أن ترى ما هو أبطئ منها تذبذب، كالمياه والجماد. وكذلك الأذن تعجز عن سماع بعض الأصوات في الطبيعة.

نستنتج من ذلك أن الحواس الخمسة الجسدية ليست إلا مقدرة الذبذبات التي تكون كل منها... قدرتها على احتواء ما تتدنى سرعة تذبذبه عن سرعة تذبذب تلك الحواس.

وهذه هي حقيقة الوعي... فتعريفه وتفسيرة هو المقدرة على الاحتواء، هو بمقدرة ذبذبات الكيان البشري على احتواء ذبذبات أخرى خارج كيانه والتفاعل معها، شرط ألا تتجاوز سرعة تذبذبها تذبذب ذبذباته.

ولأن العين قادرة على الرؤية ما يكون في مجال رؤيتها، والأذن كذلك والشم واللمس والتذوق... فيمكننا القول أن الإنسان يعي من خلال حواسه ومن خلال مشاعره وأفكارة، كما يعي من خلال أجهزة الوعي الخفية في كيانه والتي نطلق عليها بالأجسام الباطنية الستة... والجسد يكون ردائه السابع... فيكون كيان الإنسان من سبعة أجسام ، تختلف درجة تذبذبها.

فالجسد فقط يتكون من ذرات، ويحيط بهذا الجسد ويتخلله جهاز وعي خفي مكون من ذبذبات يعرف بالحقل الكهرومغناطيسي حول الجسد (الهالة الأثيرية)، وجهاز وعي آخر مكون من ذبذبات أرق من سابقه وأسرع ذبذبه هو جهاز المشاعر (الجسم العاطفي الوهمي الكوكبي)، ثم يليه جهاز وعي يتكون من ذبذبة أكثر شفافية من سابقه وهو (الجسم الفكر)... ثم يليه جسم (المحبة)، ومن ثم جسم (القدر)، ومن ثم جسم شعاع (الروح).

فإن الوعي في جهاز الهالة الأثيرية يمثل مقدرة هذا الجهاز على احتواء الذبذبات الأثيرية فقط، أي تلك التي تتجانس مع طبيعته، والذبذبات هذه هي ذبذبات الطبيعة وعناصر الحياة والصحة.

أما الوعي في جهاز المشاعر هو المقدرة على احتواء والتفاعل مع ذبذبات المشاعر والعواطف، فمن خلال جهاز المشاعر هذا يشعر الإنسان، فتترجم مشاعره الأثيرية في تفاعلات حسية عن طريق حواس الجسد الخمسة.

وكذلك الوعي في الجسم العقلي فهو مقدرته على احتواء والتفاعل مع ذبذبات الفكر، مع الأفكار والآراء والمفاهيم والمنطق، بحسب مقدرة استيعاب كل إنسان، ويتم ترجمته حسيا في الدماغ... وكلما استطاع الإنسان أن يستوعب مختلف الآراء ويكشف الحقيقة من وراءها، كلما إزداد وعيا في هذا الجسم أو غيرة ... ولكن عليه أن يعمل على نفسه ويطور نفسه ، لان الوعي كالحياة يجب الإهتمام بها وإن توقفت عن الحركة فهذا يعني الموت بالنسبة لعالم النور والذبذبات.

وهنا نقول، أن الوعي ليس مجرد نتيجة احتكاك الفكر بالمحسوسات ولا المشاعر أو هو عمل الحواس الخمسة، ولا هو مجموعة أفكار ومشاعر... وملكنه مقدرة أبعاد الكيان الإنساني بأجساده السبعة على الفاعل مع كل ما هو خارج عنها، وذلك لتستحدث وعيا جديدا وتتوسع في بعد جديد من أبعاد الوعي.

 

بقلم ج ب م

مقال منقول

 

طباعة الصفحة من أجل طباعة الصفحة، تحتاج إلى قارئ PDF

 

  

 

 

للاتصال بنا

ahmad@baytalsafa.com

أحمد الفرحان -الكويت.

 

 

 

facebook

أحمد الفرحان

مجموعة الاسقاط النجمي

مجموعة التحكم بالأحلام

 

 

 

 

 

"لو كان الفقر رجل لقتلته" رغم حجم الصدقات التي يدفعها الشعب البترولي. إلا أن لا زال الفقر والمرض والطمع موجود. نحتاج إلى حياة جديدة تنفض الغبار لتنتعش الإنسانية من جديد.

مالك أمانة، فانتبه أين تصرفه.. للسلاح أم للسلام.

 

الدعم المعنوي لا يقل أبدا عن الدعم المادي، لأن كلاهما يعبران عن قدرتنا على صنع واقع صحي جديد.

 

 

____________________________

جميع الحقوق محفوظة بالملح وبعلب صحية