Facebook Login JavaScript Example

 

 

 
 

> الصفحة الرئيسية - الفكر - مقالات أخرى

 

 

ماهو الوعي؟

 

 

إنه مسيرة الإنسان وغايته ، إنه الحلم والحقيقة منذ الأزل وإلى الأبد، إنه نظام الارتقاء والتبتل والإحسان، إنه معراج النفس في سلم الوجود الأزلي... إنه هدف كل الديانات الأرضية والوضعية، لأنه دستور مسجل في ذاكرة الأجيال.

يكون الشخص موحدا عندما ينطق في الشهادة (أشهد أن لا إله إلا الله) ومعنى كلمة شهادة (أشهد) أي أعي وأدرك وأرى... فعندما تقول إني شاهدت الفيلم، فإنك تابعت الفلم وأدركت مقاصده وعرفت بدايته وتطور الأحداث ونهايته.. أي إنك وعيت هذا الفلم...

إنما عندما نقول (أشهد أن لا إله إلا الله) فإننا ننطق بها في اللسان، ولكننا لم نشهد بعين اليقين، بالرغم إننا لا نشك بهذه الجملة إلا أن ينقصنا الوعي بها وتفعيلها في الحياة باللسان والقلب والجوارح...

الشهادة بالوحدانية هي غاية الحياة (ما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) وكيف يعبدون إن لم يعرفون ويفقهون ويدركون؟

وهل للعبد الزائل أن يدرك الرب الباقي؟
لا، إنه لا يستطيع أن يحيط به، لأن الله لا محدود، بينما العبد محدود وإن تعددت كراماته وخوارقه... إنما المعرفة هنا والشهادة بالحقيقة الإلهية والعلية... إن الإنسان كان في عالم الذر يشهد أن لا إله إلا الله، ونقصد في عالم الذر هو عالم الذرة، أي عالم النور، أي عالم العندية الإلهية، في العلم الإلهي... وكما آدم كان في الفردوس، كان يعلم الحقائق الإلهية، وهكذا كل نفس منا كانت تعلم الأسماء كلها (أشهدهم على نفسه، قالوا شهدنا) إلا أن إغواء الشيطان لآدم، الذي جعله يأكل من شجرة المعرفة
(معرفة الخير والشر- شجرة الازدواجية) فانقسم فكر آدم، من الوحدة، إلى التعددية والازدواجية (فعرف الحق والباطل) فأدرك رجولته وأنوثة حواء، لهذا غطى سوآتهما بورق من شجرة التوت، ولأن فكر آدم تجزأ، فقد نسي الحقائق العلية التوحيدية، لهذا هبط من قمة مدارج المعراج إلى دركات الدنيا، وبعد أن كان إنس، فقد دخل بالزمن المحدود وبـ(الآن) والأوان، حتى أصبح (إنس+آن=إنسان) حتى يستوعب الحقائق العلية بصورة مجزأة وليست بكلية شاملة.. وهذه رحمة من الله، لأن لو كان الله سيعلم الإنسان حقيقته الإلهية بشموليتها وكليتها لسحق عقل الإنسان من شدة النور الإلهي والفيض الرباني... لهذا فإنسان اليوم يحتاج إلى أن يزكي نفسه حتى يعرج عبر الصراط المستقيم إلى منتهاه، وإلى الله المنتهى من خلال سبعة طبقات وعي يخترقها ولا يحترق بها.

بعد أن كان الإنسان، إنس وروح منيرة، في عالم من نور(الذر)، عندما نسي الحقائق التوحيدية وأكل من الشجرة المحرمة، فإن نورة إنقشع، فصار عدما، ثم أوجدها الله مرة أخرى رحمة منه، فأشرقت اللاموجودات (من العدم) من خلال نور وجهه الكريم، ثم نفخ فيه من روحه، عبر الكلمة الأولى (وفي البدء كانت الكلمة)، والحركة الأولى، والشعلة الأولى وقال لها (كن)، فكانت الحياة... ولازالت هذه النفخة مستمرة، والكلمة مسموعة إلى أبد الآبدين، وعلى الإنسان أن يستقبل هذه النفخة ويسمع هذه الكلمة، بعد أن يرتقي ويزكي نفسه من جهلها ولا وعيها، حتى يحقق الشهادة بمعرفته بالحقيقة التوحيدية "لا إله إلا الله"

لهذا، تجسدت الموجودات من العندية الإلهية، في دركات كثيرة، في هذا العالم يحكمها سبعة طبقات، وعالم آخر أكثر من سبعة، وعالم غيره أقل من سبعة... إلا أن طريقنا نحن في هذه الدنيا تتكون من سبعة طبقات... ومن هنا الله يعلم أن لهذه الأنوار سبعة طبقات حجاب من جهل، لا بد وان تنير ذاتها حتى تعود إليه، ولا بد لهذه الأنوار المنطفئة –جميعنا نحن- من وسيط من خلاله يهبطون في عالم الدنيا، فخلق الله هذه السماوات وهذه الأرض، ثم خلق أبينا آدم لنأتي  من خلاله، ونعيش التعددية، ثم الازدواجية حتى نصل إلى التوحيد الذي منه نحن أتينا، لهذا نقول "إنا لله - من الله، وإنا إله راجعون"... لكن إن لم نرقي أنفسنا ونزكيها ونزيد نورها فإننا لن نستحق الرجوع إله، لان نوره في اليوم الموعود سيحرقنا.

وأول من شهد على هذه الحقيقة التوحيدية، في عالم الذر، وشهد على عبوديته لله هم أهل البيت عليهم السلام، والرسل (لهذا المسيح قال انا ملك وليس ملكي في هذا العالم... وهكذ كل الأنبياء)، لهذا بعثوا في الحياة الدنيا حتى يكونوا كالمنارة لباقي الخلق، لأنهم أول من وصل لهذه الحقائق واختبر طريق الارتقاء، لهذا كان توهج نور أهل البيت عليهم السلام أكثر من توهج الآخرين، وتوهج الأنبياء كذلك... وبعد أن توهجت أنوارهم، فكانوا يطوفون حول العرش يسبحون ويقدسون الله... واختاروا هم الهبوط إلينا، حتى ينيرون دربنا ويذكرونا بتلك الحالة الصمدية.

لهذا الله خلق الخلق وجسدهم بعد أن كانوا صورا، حتى يعودون إليه.. وإنما الآن لا نستحق العودة إلى النور النوراني، لأننا لا نستطيع استقبال هذا الفيض الإلهي، وعلينا أن نتزكا ونعرج هذا السلم بطبقاته السبعة، لهذا كانت السماوات سبعة والأراضي السبعة وغيرها من النظم السبعة، وذلك عن طريق العلم والحكمة والعبادة النابعة من المحبة اللامشروطة بجنة ولا بنار، ولكن لأن الله أهلا للعبادة حتى يسجد له ويعبد.

وهنا تكمن أهمية علم الوعي، الذي لا ينحصر عند دين معين أو علم مادي معين ولا لفلسفة او اتجاه معين، كما إننا نعترض على تسميته بـ"علم الوعي" بل نسميه الحكمة أو الشهادة... ونحزن عندما نجد رجال ديننا يتحدثون عن النعم والحياة ويقولون بان الله أنعم عليك هذه النعم، وعليك أن تشكره، ويقول جاهل آخر ردا على هذا الكلام "إنني لم أرغم الله على إيجادي في هذه الحياة، فكيف له ان يحييني ويجبرني على العبادة، وإن لم اعبده يعذبني في النار".

إنما من خلال هذه الأسطر التي تعطي لحياتنا معنا جديدا... ونعرف أننا نحن من اخترنا هذا الدرك الأسفل من العالم، لأننا كنا على مثال آدم في الجنة، إلا أننا جهلنا الحقيقة التوحيدية ونزلنا هنا لنرتقي مرة أخرى، بينما هناك أنوار لم تنزل ولا زالت إلى هذه اللحظة باقية في عالم الحقيقة والملكوت.

من هنا ابتدأت الشهادة بالوحدانية بكلمة (أشهد)، أي أعي وأرى وأدرك... ومن هو الذي يعي ويرى ويدرك هذه الوحدانية في هذه اللحظة؟

حتى مناهجنا الإسلامية في المدرسة تقول لنا، أن الإنسان يعرف ربه بالفطرة وكما جاء بالحديث، (كل مولود يولد بالفطرة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه)، وفي الدرس نفسه يقدمون للطلاب أدلة علمية وكونية على وجود الخالق ووحدانيته، ويكررون علينا صورة الشمس التي تشرق من المشرق وتغرب في المغرب، إنها دليل على وجود الخالق، ومن علم الطير الطيران ، إنه دليل على الخالق...

وإن كان الإنسان يعرف ربه بالفطرة، فلماذا يقدمون الأدلة ويحفظونها لنا؟ طالما إن من فطرة الإنسان التعرف إلى الخالق من خلال كتابة المفتوح أبدا وآياته في الآفاق؟

لهذا جاء علم الوعي... حتى يعرف الإنسان على حقيقة كلمة (الشهادة) بذاتها... وعندما يدرك الإنسان نظم الكون الدقيقة، سيتعرف على الوحدانية الموجودة في كل الديانات والمذاهب، وسيعرف حينها أن لا معبود ولا خالق يستحق العبادة والرضا إلا ذلك الموجود الأزلي الحق، وسيعرف أن كل المذاهب والديانات نوافذ تطل بجهتها على الحقيقة وتعرف الحقيقة من جهة واحدة، وعلى الإنسان أن يعرف الحقيقة بكل جوانبها الثمانية.

هذه هي رحلة الإنسان... رحلة قائمة طالما الإله قائم... ولك أن تبحث في كتابك المقدس عن هذه الحقيقة في أي مذهب كنت، ستجدها حتما مدونة هناك تقر بالتوحيد، ذلك الذي ليس كمثله شيء وليس لاسمه نظير.

 

أحمد الفرحان

***

 مقال حصري

 

طباعة الصفحة من أجل طباعة الصفحة، تحتاج إلى قارئ PDF

 

  

 

 

للاتصال بنا

ahmad@baytalsafa.com

أحمد الفرحان -الكويت.

 

 

 

facebook

أحمد الفرحان

مجموعة الاسقاط النجمي

مجموعة التحكم بالأحلام

 

 

 

 

 

"لو كان الفقر رجل لقتلته" رغم حجم الصدقات التي يدفعها الشعب البترولي. إلا أن لا زال الفقر والمرض والطمع موجود. نحتاج إلى حياة جديدة تنفض الغبار لتنتعش الإنسانية من جديد.

مالك أمانة، فانتبه أين تصرفه.. للسلاح أم للسلام.

 

الدعم المعنوي لا يقل أبدا عن الدعم المادي، لأن كلاهما يعبران عن قدرتنا على صنع واقع صحي جديد.

 

 

____________________________

جميع الحقوق محفوظة بالملح وبعلب صحية