> الصفحة الرئيسية - الفكر - التأمل وتقنياته

توقف عن التفكيروابدأ بالشعور

وأنت جالس في الحديقة،  والشارع قريب منك، المركبات فيه تمر سريعا، كأنها نهر جاري،  مصدرة ضوضاء عالي وأصوات كثيرة تسمعها. اغمض عينك ببساطة شديدة، وحاول أن تجد بين هذه الأصوات والضجيج العالي، الصوت الألطف، الصوت الأجمل.. كتغريدة طير، عصفور، خرير ماء. وحاول أن تستمع لهذا الصوت، لهذه التغريدة، حاول أن تركز عليها... فسوف يذهب ضجيج المرور والمصانع بعيدا عنك.. سوف يختفي وتظل تغريدة الطير هي الموجودة فقط. سوف تسمع نغمات التغريدة المتنوعة بتفاصيلها وطبقاها المختلفة... كن متواجدا هناك، واستمر بالاصغاء لهذا الجمال الذي قد لا يلاحظه الكثير.

نمي ملكة الشعور والإحساس لديك. وأنت تتحدث، وأنت تسمع، وأنت تأكل.. تسبح... افتح صماماتك الحسية، وصمامات قلبك للشعور... لا تفكر، بل اشعر.

عندما تكون واقف في المسبح، تغتسل: اشعر بحرارة وبرودة الماء وهو يتساقط على جسدك. لا تفكر كم تكون درجة حرارته، بل اشعر مدى الحرارة التي يستشعرها جسدك. ولا تقول "إن ماء حار جدا، أو الماء بارد جدا، أو الماء جميل ..." لا تحكم على الماء، لأن اللحظة التي تبدأ بالحكم على الشيء فإن انتباهك يتشتت عن الماء المتساقط، ويتوقف الشعور به، وتبدأ بالتفكير والتحليل والحكم. اشعر بالحرارة ولا تقول "إن الماء حار".

نحن دائما ما نقول أمور لا نعيها، قد نفكر بها ونصدقها ولكنها لم تعطينا الوعي الكامل حتى نتحدث عنها، ومع ذلك نتحدث عن الكثير ونحن لم نعي ما نقول. إن بدأنا بالخطوة الأولى وهي ايقاظ ملكة الشعور والإحساس. فإن الأمر سوف يصنع لك المعجزات، خاصة عندما يكن الاختبار السابق للتعبير، فإن التعبير سوف يكون مليء بالطاقة. الأمر الذي يصل إلى قلوب الآخرين، ويدغدغ وجدانهم.

اغمض عينك، واشعر بالفكر والأفكار... سوف تجد سيل من الأفكار الجارية والمتدفقة، التي تخفي خلفها سيل جديد من الأفكار الكثيرة الجارية. اشعر بهذا السيل الجارف للأفكار... سوف تتكشف طبقات وطبقات من الأفكار المختلفة والمتنوعة.. سوف تأتي الكثير من الأفكار... وطبقات جديدة سوف تتكشف.

والطريقة التي نحن بصددها تقول لنا "فكري"، ونحن سوف نطلق على هذا السيل الجارف " هذا السيل هو فكري أنا" ولكن اشعر، هل هو حقا ملكك ؟؟ هل هو لك؟ هل يمكن أن يكون هذا السيل تحت اسمك ورعايتك وملكك؟ عندما تشعر بهذا السيل الجارف، سوف تدرك بأنه ليس لك ولا منك ولا إليك... أنت مجرد قناة لعبور الكثير من النعم. كل هذه الأفكار هي من الخارج، وإلى الخارج. لقد أتوا إليك ولكنها ليست ملكك، كما أن النفس يأتي إليك وليس ملكك. حاول أن تشعر من أي مكان تأتي لك الأفكار؟

إن الصمت العميق الداخلي هو الوحيد الذي قد يكون لك. لأن ليس هناك شخص أعطاك إياه أو منحك. لأنك ولدت وهو معك، وسوف تموت وهو معك. إن الفكر قد تَكَوّن بفعل تأثيرات الآخرين، فإن كنت هندوسي فسوف تحمل أفكار مختلفة عن شخص ما مسلم أو مسيحي... حتى لو كنت غير ملتزم دينيا، فسوف تحمل أفكار مختلفة عن الآخرين... وهذه الأفكار قد أعطاك إياها أو أخذتها من الآخرين، فهي ليست لك ولا ملكك.

إن لم تكون الأفكار هي همك، فلن يكون لك هم آخر، لأن "الملكية"، في نهاية الأمر هي عبارة عن فكرة... أنت زوجتي، أنت زوجي... هذا منزلي.. هذا ابني  وهذه أفكاري. عندما لن يكون الفكر والملكية هي همنا، فسوف نحيي العالم بدل أن نحيا فيه. وقد يبدأ هذا الأمر من خلال الشعور والاحساس.

* * *

مقال مترجم

ما كتبه أهل بيتنا بخصوص هذا المقال :