Facebook Login JavaScript Example

 

 

 
 

> الصفحة الرئيسية - الفكر - التأمل وتقنياته

 

 

تأمل في الغضب

 

 

سؤال: كيف لي أن أعي وأشاهد انفعالاتي وأحاسيسي؟ لأن غضبي وعصبيتي تبدو لي كأنها آلاف الخيول المسومة تجري. ولا أستطيع السيطرة عليها أو حتى أن أدرك أني غاضب، حينما اغضب أنسى نفسي.

الجواب: الغضب  شيء بسيط جدا...

الغضب شي صغير جدا وبسيط... إن استطعت أن تقف وتشاهد بساطة شديدة ما يحدث، فلن تجد (ألاف الخيول المسومة)... إن استطعت أن تجد حمار صغير جدا يجري، فذلك كافي جدا. فقط راقبه، وسوف يذهب ويختفي رويدا رويدا. سوف يدخل من هذا الاتجاه، وسوف يخرج من اتجاه آخر. تحتاج فقط لقليل من الصبر لكي لا تركب فوقه.

العصبية، الغضب والغيرة والحسد، والجشع، والتنافس. كل مشكلاتنا صغيرة جدا وبسيطة جدا. ولكن (الأنا) والذاتية تجعلها كبيرة جدا، ويزداد حجمها مع مرور الوقت إن لم تجد من يراقبها.

إن هذه الانفعالات، تغذي (الأنا) والذاتية، فإن كان الغضب كبيرا تصبح الأنا كبيرة، وإن صار الطمع عملاق كبرت الأنا وأصبحت عملاقة... وكل انفعال كبير، يجعل الأنا كبيرة. وإن كبرت الأنا صغرت الحكمة عند الإنسان وخسر الكثير من الأمور.

..أنت لست الأنا، أنت الشاهد والمراقب والحاضر.

..ببساطة شديدة، قف في الجانب ودع (آلاف الخيول) – الوحشية الهائجة - أن تمر وتذهب. سوف تمر وتذهب. ولن تجد لحمار صغير واحد. لن تحتاج لآلاف الخيول، وإن كان هناك حمار من بين الخيول التي ذهبت واختفت، وركبته، فسوف تمتلئ بالغضب والعصبية. وإن توقفت ونزلت منه وجعلته يذهب ويختفي، سوف تكتشف كم كنت غبيا حينها.

إن استطعت أن تشاهد وتراقب، من دون أن تتورط مع الانفعال، أو أن تركب خيل.

أي انفعال ولو كان بسيطا وصغيرا، قد بدا على شاشة مخيلتك، راقبه وشاهده كما تشاهد التلفاز أو فيلم السينما.. لست بحاجة لأن تقمعها أو تمنعها من العبور، أو أن تسحب سيفا لتقتلها وتنفيها عن الوجود.. وحتى لو وجدت سيفا لتقتلها، فسوف يكون السيف من الغضب نفسه، أي من ذات المشكلة، وهذا كله انفعالات تقتل انفعالات أخرى.

راقب، ولا تفعل شيئا.

سوف تتفاجئ، الأمر الذي كان كبيرا وعظيما، أصبح صغيرا جدا وبلا أهمية. ولكننا نعاني من المبالغة التي ليست لها أهمية أو سبب.

...في يوم ما ، جاء طفل صغير لم يتجاوز ثلاثة سنوات للمنزل، وقال لأمه : "ماما، هناك أسد كبير يلاحقني، يركض خلفي في أطراف المدينة، لكنني تمكنت من الهرب بطريقة ما، ولكنه كان يقترب مني كثيرا، ولكنني ركضت أسرع منه."

    الأم نظرت للطفل وقالت: "يا حبيبي، أنا أخبرتك ملايين المرات ألا تبالغ، كيف وجدت أسد في وسط المدينة والمباني ؟ وكيف ركضت عنه ؟ وأين هو الآن ؟"

    الطفل نظر من فتحة الباب، وقال :"إنه يقف هناك، ولكني أقولها لك، الحقيقة، إنه مجرد كلب صغير.. صغير جدا، ولكن عندما كان يلاحقني ويركض خلفي كان أسد متوحش"

 

عقولنا تبالغ في كثير من الأوقات، عندما تكون لديك مشكلة صغيرة، وإن توقفت عن المبالغة وشاهدت ما يحصل، سوف تجد الكلب الصغير الذي ينتظرك ليلعب معك... وسوف تعرف إن الأمر لا يحتاج الركض، لأن حياتك ليست في خطر.

عندما يزورك الغضب، فلن يقتلك، ولا تحاول قتله... إنه زارك وعاش معك ملايين المرات سابقا، وسوف يكون معا في الملايين المرات لاحقا.. ولازلت على قيد الحياة، لهذا، فالغضب هو الغضب، واحد ولن يتغير.. افعل شيء واحد فقط الآن... شيء لم تفعله سابقا. كل ما زارك الغضب سابقا تبدأ بالقتال معه أو ضده، هذه المرة راقبه فقط دون أن تقاتله ودون أن تحكم عليه أبدا. وعندما يختفي الغضب من دون أي مجهود أو نضال أو تفاعل وانفعال، فسوف يترك خلفه أثر جميل جدا، وصفاء وصمت تام وهادئ.

الطاقة نفسها التي يمكن أن تخلق معركة وعداوة، يمكنها أن تجعلك هادئ وصافي الذهن، وكما قال وليام بلاك (الطاقة هي النور)، مجرد الغضب، من دون أي اسم، من دون أي صفة أو حكم مسبق، ولكنك لن تحاول أن تجعل الطاقة تصبح نقية وشفافة، وهكذا مع باقي الإنفعالات، كالحقد أو الحزن أو الحب أو الطمع. كلها يمكن أن تعطي ذات الشيء، لانها كلها عبارة عن طاقة، والطاقة هي النور، ويمكن أن تحولها إلى فرحة واحتفال.

طوال الوقت، وفي كل مرة وأي شيء يزورك أو يلاقيك، هو فرصة ممتازة لاستقبال الطاقة الخيرة والنورانية، راقب فقط، وسوف يختفي الحمار. ربما سوف تقف عندك قليلا، ولكنها سوف تقف هناك، في مكانها، في تلك الشاشة السينمائية، أو في شاشة التلفاز، ولن يستطيع أن يخرج عنه. وليس عليك أن تطردها أو تغير الشاشة أو تقفل التلفاز، انتظر قليلا، شاهدها وكن صبورا. وقريبا سوف تجد نفسك محاط بطاقة نقية لن تستخدم العنف معها أو الغضب.

إن الطاقة هي سر السكينة والطمأنينة بالتأكيد، وعندما تعرف سر هذه السكينة، سوف تفرح مع كل انفعال، وكل انفعال ينتابك ويزورك يكون انفعال عظيم ونعمة كبيرة لا يمكن أن تعوض.

فقط راقب، واجلب معك شلال الفرح حينها، رويدا رويدا، سوف تختفي كل هذه الانفعالات، ولن تعود مرة أخرى. ولن يأتي الوعي، الترقب، السكينة، الصفاء، من دون دعوة...  وكلها أسماء مختلفة لنفس الظاهرة  "أشهد" هذا هو المفتاح.

 

 

 

* * *

 

مقال مترجم


 

 

 

 

طباعة الصفحة من أجل طباعة الصفحة، تحتاج إلى قارئ PDF

 

  

 

 

للاتصال بنا

ahmad@baytalsafa.com

أحمد الفرحان -الكويت.

 

 

 

facebook

أحمد الفرحان

مجموعة الاسقاط النجمي

مجموعة التحكم بالأحلام

 

 

 

 

 

"لو كان الفقر رجل لقتلته" رغم حجم الصدقات التي يدفعها الشعب البترولي. إلا أن لا زال الفقر والمرض والطمع موجود. نحتاج إلى حياة جديدة تنفض الغبار لتنتعش الإنسانية من جديد.

مالك أمانة، فانتبه أين تصرفه.. للسلاح أم للسلام.

 

الدعم المعنوي لا يقل أبدا عن الدعم المادي، لأن كلاهما يعبران عن قدرتنا على صنع واقع صحي جديد.

 

 

____________________________

جميع الحقوق محفوظة بالملح وبعلب صحية