كن شاهداً على أفكارك
التأمُّل يحتاج عملاً عظيماً شاقاً....
إنه مهمة عسيرة.
من الأسهل نوعاً ما أن نبقى غير متأمّلين. ولا يمكن أن تفعل شيئاً حيال
ذلك، أنت غير متأمّل، كل شخص يُولَد وهو غير متأمل.
نحتاج إلى شجاعة عظيمة كي نصبح متأملين،
نحتاج إلى عزيمة و صبر كبير، لأنّ التجاوز والذهاب إلى ما وراء عقولنا
هو أكثر الظواهر تشابكاً.
نحن لا نعرف أي شيء عدا العقل. حتى
عندما نفكر بالذهاب إلى ما وراء عقلنا، إنه عقلنا الذي يفكر بذلك. حتى
عندما نحاول تجاوزه، عقلنا هو الذي يحاول تجاوز نفسه!
لكن كيف يستطيع العقل أن يتجاوزَ نفسه؟ هنا يَكمُن التعقيد... إنه مثل
محاولتك أنْ تجرَّ نفسك بواسطة ربطة حذائك! لا يمكنك ذلك. لكن هناك طرق
ووسائل تستطيع أن تساعدنا بشكل هائل.وهي كلّها غير مباشرة.
التأمل لا يكون بالإجبار، كل شيء مُجبِر يكون من صُنع العقل.
العقل قسريّ جداً، إنه نازي.. فاشي وعنيف. والتأمل يأتي عندما نخرج من
إطار العقل بدون أي قَسر، وبشكل طبيعي و تلقائي.
والوسيلة الأعظم المُستخدمة هي أن تكون
شاهداً.
فقط راقب أفكارك... عندما يكون لديك الوقت أغلق عينيك و انظر الى
أفكارك، رغباتك، و ذكرياتك على شاشة عقلك. لا تكن مهتماً أبداً.
لا تَحكم على أي شيء بالصحة أو الخطأ.
إذا حَكَمْتَ تكون قد تسرَّعت.
إذا قلت "هذا صحيح" فقد اخترت شيئاً ما، و في اللحظة التي اخترت فيها
أصبحت مُحدداً بهذا الشيء، أصبحت متعلقاً به.. ولن ترغب أنْ يذهب،
ستحبّ أنْ تحتفظ به لنفسك.
وعندما تقول أن هذا الشيء سيّء، فأنت تزيحه بعيداً، تتجنّبه، ولا تريده
بعد الآن.
لن تريده حتى على الشاشة. وبهذا، ستبدأ بالقتال والنضال، وستنسى أن
تكون شاهداً على ذلك.
لكي يكون الشخص شاهداً فقط: ينبغي عليه أن يجلس على ضفة النهر و يشاهد
تدفقه بجانبه.لا يوجد شيء لتَحكُم عليه، ولا شيء لتقوله، فقط
لتشاهده...
وإذا كان الشخص صبوراً بمقدار كافي،
سيتناقص الازدحام ببطء. ستتناقص الأفكار على الشاشة، وفي بعض اللحظات
لن ترى أي شيء على الشاشة، سترى الشاشة فارغة...هذه هي أكثر اللحظات
قيمة في الحياة.
في تلك الفترات عندما لا تكون الأفكار موجودة، ستكون أنت ببساطة
موجوداً. فالمُشاهد موجود لكن لا شيء للمشاهدة....
هذه هي لحظات النّقاء، البراءة، و يمكن أن تُسمّى باللحظات الإلهية
المقدّسة.
لا يوجد هنا أي إنسان، فقد تَجاوزْتَ الإنسانية في هذه اللحظات.
وببطء ستصبح هذه اللحظات أكبر فأكبر،
وذات يوم ستصبح عملية بسيطة، ستتمكن من الدخول لمرحلة (عدم التفكير)
متى ما شئت. وأنت واعٍ تماماً، ومع ذلك لا تفكر بأي شيء.هذا هو التأمل،
وهو الشيء الوحيد الذي يستطيع أن يخلّصك من كل أشكال العبودية، و يأتيك
بالسلام، و النعمة و الله و الحقيقة.
__________________
* *
*
مقال مترجم
____________________
المراجع:
1- من كتاب اوشو
unpublished talks
طباعة الصفحة
من أجل طباعة
الصفحة، تحتاج إلى قارئ
PDF |
|
|