|
|||||||||
> الصفحة الرئيسية - الفكر - علوم الطاقة |
|||||||||
مصداقية القول
الناس دائما ما يتحدثون مع بعضهم، فتنتقل القصص والأقاويل، وتنتقل الأفكار والمعومات والمشاعر. نتحدث مع المنافقين، والكاذبين والصادقين، ونسمع المدح والذم والمجاملات. كل هذه الأقاويل التي نسمعها عبارة عن "كلمات"، وهذه الكلمات إما أن تكون صادقة أو كاذبة، إما خبر كاذب؛ أي لا يطابق الواقع. وإما خبر صادق؛ يطابق الواقع. إما معلومة صحيحة، أو معلومة خاطئة، إما مشاعر صادقة وإما مشاعر كاذبة.. وهكذا. هناك قول مأثور "الذي يخرج من القلب يصل إلى القلب". وهو قول صحيح، يمكن أن نختبره في حياتنا اليومية. يمكنني أن أقول لك "إني أحبك" ولكن قد لا تحاكي هذه الكلمة مشاعر قلبك، بل تقف على حدود سمعك وعقلك فقط. يمكنني أن أشرح لك قول "لا إله إلا الله"، ولكنها لم تناجي روحك، بل تقف على باب عقلك، وتكون معلومة جامدة لا تثير فيك حالة الخشوع. فمتى تصل كلمة "أحبك" إلى قلبك ؟؟ ومتى تناجي عبارة "لا إله إلا الله" روحك؟
هناك ما يسمى بـ المصداقية؛ إلى أي مدى نحن صادقون في نقلنا الأخبار للآخرين ؟؟ إلى أي مدى نحن صادقون عند البوح بمشاعرنا ؟؟ إلى أي مدى نحن صادقون في كتابة المقالات والشعر ؟؟ إلى أي مدى نحن صادقون حينما نلقي الخطابات السياسية والدينية ؟؟ إلى أي مدى نحن صادقون في تعابير وجهنا ؟؟ إلى أي مدى نحن صادقون مع أنفسنا؟ حينما أخبرك "بأني أحبك"، وأنا أشعر بهذا الحب، فهو خبر صادق، يخرج من قلبي، وبكلمات صحيحة تحمل معاني وطاقة الحب، وبدورك تفتح قلبك لتستقبل هذا الخبر حتى يصل إلى قلبك. ولكن حينما أخبرك "بأني أحبك" وأنا لا أشعر بهذا الحب، يكون خبر كاذب، غير مدعم بمصداقية فإن العبارة ستكون جوفاء جامدة، لن تشعر بها في أعماقك، بل يمكن أن تحاكي أذنك، وعقلك، ولكنها لن تترك صدى يدوم طويلا في قلبك، لن تترك بصمة دائمة. قد تكون بصمة زائلة، وقتيلة، لحظية، تستمتع بها في هذا الوقت ولكنها تختفي، تماما مثل المخدرات أو الخمر. المصداقية بمثابة القوة، الطاقة التي تثري على الكلمة قوتها ومعناها. من دون مصداقية، تكون الكلمة خالية خاوية من أي معنى ومن أي طاقة، لن تطرب الأذن ولن تترك صدى في العقل أو القلب. وهذا الأمر مع الخبر السبي والخبر الإيجابي، الخبر المفرح والخبر المحزن. قد أقول لك "إنك قبيح" ولكني قلتها لك لأني أغار منك، أو لأني أعمى البصيرة، أو غيرها من الأسباب. وحينما لم يكون هذا الخبر صادر من قلبي، فإنه سيقف عند أذنك فقط، لن يشعرك بالحزن. وحينما يكون الخبر صادر من قلبي، وأرى القبح في وجهك، فإن الخبر سيهز وجدانك ويسكن قلبك ويثير الحزن فيك. وهذا أمر جدا طبيعي في البشر. نعم، هناك طريقة لكي تصنع في داخلك وعي يجعلك فرح حينما تسمع الآراء السلبية والإيجابية، تتقبلها وتتكيف معها بصدر رحب، لكن هذا موضوع آخر. نحن هنا نتحدث عن "طاقة الكلمة ومصداقيتها". الكلمات والأخبار التي تفتقد إلى مصداقية، تفتقد إلى الطاقة التي يضيفها المتكلم من نفسه، فتكون الكلمة كأنها صادرة من رجل آلي، تكون كلمة جامدة. بينما الصدق هو قول الحقيقة، دون تزييف أو بهرجة أو تغلييف. الصدق هو طاقة دافعة تقوي الكلمات ومعانيها. وحينما تفتقد الكلمات إلى المصداقية تكون ضعيفة. قد لا تحاكي شعورك، لا تناجي روحك – على مستوى الشعور - . نعم، يمكنك أن تتحقق من صدق الخبر من خلال التقصي والتحقيق "العقلي"، ولكن على مستوى الشعور والوجدان والعواطف، فإن الخبر الكاذب لن يحرك فيك شيء. من هنا نؤكد على أهمية اختبار المتكلم التجربة التي يتحدث عنها، فإن تحدثت عن الحب، فمن الأفضل أن تكون قد اختبرت تجربة حب لكي تتحدث عنه، إن تحدثت عن الجمال، لابد لك أن تكون قد شعرت بهذا الجمال، إن خطبت في المسجد أو التلفاز لن تصل هدايتك للمستمعين أو المشاهدين إلا حينما تختبر حالة الخشوع بصدق... وهذا ما يسمى بـ"الاختبار الذي سبق التعبير" أو "فسر الماء بعد الجهد بالماء".
* * *
19 اكتوبر 2010
ما كتبه أهل بيتنا بخصوص هذا المقال :
| |||||||||
|