الخير والشر
دائما
ما نقسم المؤثرات حولنا إلى جيدة وسيئة وخير وشر وهذا تقسيم خاطئ, فكل ما يأتي من
الله خير، أما الشر فلا ينسب إليه , لأن حكم الله قائم على الحق والعدل والحكمة,
المصائب والشرور لا تأتي إلا من أنفسنا, قد نتساءل كيف نكون السبب في تعاستنا بما
يصيبنا وهو آتٍ من الخارج؟
إن السبب الأول
والأخير لكل الشرور والمصائب في هذا العالم هو نقص وعينا الداخلي.
إن جميع الأشياء والأحداث التي تصيبنا في هذا العالم وتؤثر فينا هي أمور قضى الله
حدوثها قبل وجود العالم بحد ذاته وهي أمور ضرورية لوجوده ونحن بقصور وعينا البشري
وكمستقبلين لهذه الأحداث والمؤثرات نصنّفها إلى جيدة وسيئة... وكأننا نفترض بأن
العالم كان يمكن أن يُخلق بصورة أفضل!
((
أَوَلَمَّا
أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ
هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ))
[سورة
آل عمران/آية 165]
((
فَكَيْفَ إِذَا
أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ
بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا
)) [سورة
النساء/آية 62] ((
وَمَا أَصَابَكُمْ
مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ
))
[سورة
الشورى/آية 30]
المشكلة الحقيقة لا تكمن في حقائق هذا العالم وما يرد منه بل في
طبيعة تفسيرنا لتلك المؤثرات. والله بعلمه المطلق يعلم أن جميع تلك الأحداث
والمؤثرات هي خير والأفضل لنا. ولكننا أحياننا بوعينا الناقص لا نستطيع أن نرى
الحكمة والخير في تلك الأحداث، فنحكم عليها ونصنفها على إنها خير وإنها شر.
جميع البشر الواعيين متصلون بهذا العالم بآلية ما لا يعلمها إلا
الله بحيث يؤثرون فيه ويتأثرون به.
يقول الله تعالى:
((
ظَهَرَ الْفَسَادُ
فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ
الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ
))
[سورة
الروم/آية 41]
فالعالم يفسد
بفسادنا ويصلح بصلاحنا... فالأمر بأيدينا إن كنّا نرغب بالعيش بسعادة أو شقاء.
والشيء الوحيد الذي يجب أن نفعله لإزالة جميع المؤثرات السلبية من حولنا هي بأن
نغيّر وعينا الداخلي اتجاهها وبالتالي نغير نظرتنا إليها فنغير العالم الحقيقي من
حولنا.. نحاول أن ندرك رحمة الله في عذابه... الحل بأيدينا لأنه:
((
إِنَّ اللَّهَ لَا
يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ
))
[سورة
الرعد/آية 11]
فالقدرة على تغير أنفسنا أساسي لتغير العالم من حولنا... وتحرير
أنفسنا ضروري لتحريرنا من المؤثرات السلبية تحريراً حقيقاً وليس مجرد أوهام أو
إنكار.
التعاسة والشقاء لا تنبع إلا من قصور وعينا... فالشخص الذي سلبك
حقاً لو أيقن أن الله سيعاقبه ما أقدم على فعلته.. وهذا ينطبق على كل من يكذب يسرق
يحتال أو يقتل.. وكل ما يجعل العالم مكانناً قذراً هو نتاج لقصور وعي مليارات البشر
حول العالم. فالعالم اليوم فاسد نتيجة فساد وعينا الداخلي، لهذا فالحل يكمن في
تغيير وعينا.. تغيير ويعنا يكمن في تغيير نظرتنا للأمور، وقراءتنا لهذا الواقع.
محمد العمصي
مقال معاد نشره
طباعة الصفحة
من أجل طباعة
الصفحة، تحتاج إلى قارئ
PDF |
|
|