Facebook Login JavaScript Example

 

 

 
 

> الصفحة الرئيسية - الحكمة - مقالات أخرى

 

 

ثنائية الادراك البشري

 

 

(( وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ )) [البقرة 235]

يتحكم في إدراك الأفراد عاملين مهمين: العقل والإيمان، الثنائية الخاصة بالإدراك. لفهم آلية الإدراك هذه يجب تحليل جميع كل ما نفكر به حسب وجهة النظر هذه, نحن في حياتنا نقبل المنطق كآلية لإدراك حقائق الأشياء والخبراء يؤكدون أن التكنولوجيا الحديثة ستبقى لمدة طويلة من الزمن لأنها مبنية على أسس قوية من المنطق والمعرفة. فالأشياء المنطقية بالنسبة لنا هي أشياء متماسكة وقوية. وهذه حقيقة واقعة فنادراً ما نسمع أن حاسوبا ما أخطأ.. هي وإن حدثت تكون نتاج أخطاء بشرية سواء في الصيانة أو التوصيل. الحواسب أجهزة منطقية، والمنطق بالنسبة لنا هو الطريق الوحيد للعصمة من الخطأ... أما الإنسان فليس "ملتصقاً" بهذا المنطق المجرد طوال الوقت لذلك يرتكب الخطأ ؛ والخطأ هي الحالة التي تصبح فيها تصرفاتنا مبنية على أسس غير منطقية. والبشر بطبعهم غير منطقيّين تماما وكثير من التصرفات التي تصدر منهم ليست ذات أسس منطقية، لذا فالبشر يخطئون وهذه التصرفات أو الأفعال  تؤدي إلى نتائج غير متوقعة، نتائج قد تتحول إلى كارثة ما.

المنطق هو الركن الأساسي للفلسفة، وبالتالي هو الركن الأساسي لجميع العلوم الطبيعية والهندسية كالفيزياء النظرية والرياضيات. المنطق هو قوة حقيقية تحكم الكون المرئي... فمعظم الظواهر الكونية ظواهر تخضع للقوانين والمعادلات الفيزيائية والتي تتكون من كميات فيزيائية يمكن جمعها وطرحها وإشتقاقها وتكاملها واستخراج كميات آخرى منها وتوقع نتائج التجارب قبل القيام بها. القوانين الفيزيائية تستمد قوتها من كونها قوانين واحدة وثابتة في جميع أرجاء الكون المرئي.. طبعا ذلك لا يشمل مناطق الثقوب السوداء أو أطراف الكون المظلمة أو عند الوصول إلى سرعات قريبة من سرعة الضوء حيث تبدأ تلك القوانين بالتكسّر والإنحدار نحو الصفر المطلق.

المنطق يستعين أحيانا بالحواس الخمس المادية كمداخل للإدراك المادي، ولكن العقل أو المنطق قوة أكثر رقياً من ذلك.. فهو يتوغل في قلب النسيج الطبيعي ويصل بالإدراك إلى مناطق موغلة في الصغر أو موغلة في الكبر.. مناطق ما كانت الحواس لتصل إليها أبداً. كذلك المنطق يمكن أن يتحطم في تلك الحدود المتطرفة، والوصول إلى حالة الصفر المطلق التي بيّنها أينشتاين هي إحدى تلك الحالات. ولسبب ما مجهول حتى الآن فإن الوصول بالأشياء إلى الحدود الدنيا العظمى أو الحدود الكبرى العظمى يجعل القيم الناتجة تبدو غير منطقية، وتبدأ القوانين الفيزيائية والمعادلات بالتصادم ببعضها. وقد يتساءل البعض ما المشكلة في ذلك ؟! بالنسبة إلى الفيزيائي، فهذه كارثة؛ فالعلم المنطقي كله قائم على هذه القوانين وعلى إفتراض أن هذه القوانين المنطقية ثابتة. والمبدأ السائد في علوم مثل الكوزمولوجيا (علم نشأة الكون) أو ميكانيكا الكم هو مبدأ اللايقين, فالنتائج هي عبارة عن إحتمالات فقط. ففي ميكانيكا الكم يمكن أن يوجد الإلكترون مثلاً في مكانين في الوقت نفسه. كما أن مفاهيم مثل الإتجاهات أو الزمن، أي قبل وبعد، لا قيمة لها وتصبح مشوشة تماماً. ويعود السبب في ذلك أن الكون أو الفضاء الذري بحد ذاته ممزق ضمن ذلك الحيز شديد الضيق.

المشكلة تكمن في كيفية التصديق بأن تلك العوالم الفوضوية تصنع العالم المرئي المنتظم الخاص بنا. وفي الكوزمولوجيا عند البحث في شكل الكون أو طريقة نشأته أو ما هو الفراغ، فإن النتائج عبارة عن ترجيحات وافتراضات وليس حقائق.

المشكلة في كل النظريات الحديثة أن فيها الكثير من الإفتراضات وبعضها يبدو غريباً. فنحن نفترض وجود عوالم متوازية وأبعاد إضافية فقط لجعل النظريات والمعادلات تعطي قيم منطقية. والحقيقة أننا نلجأ إلى الإفتراضات المسبقة بشكل كثيف في حياتنا اليومية , إن معظم المعرفة التي نختزنها هي افتراضات غير مثبتة، فأنت عندما تستيقظ من النوم صباحاً لا تتسائل عادةً إذا ما كانت الأرض في مكانها بعد، بل تفترض جدلاً أنها لم تتحرك من مكانها، كم ستكون الحياة صعبة إذا لم نستعن بكل تلك الإفراضات والمفاهيم المخزنة في عقولنا كحقائق مسلم بصحتها؟

العلوم الطبيعية والهندسة بشكل خاص مليئة بالمفاهيم والإفتراضات التي يُسلّم بصحتها، مثل ( الخط المستقيم أقصر مسافة بين نقطتين ). في الفيزياء يقضي العلماء قرونناً يفترضون وجود أشياء كمسلمات لابد منها، كالأثير مثلاً، أو الوجود الحسي للجاذبية دون تفسير آلية عملها. والعديد من المسلمات قائمة كحقائق ناتجة عن تراكم المحاولات الفاشلة لدحضها، مما يجعلها حقائق صحيحة مؤقتاً والنظرية النسبية العامة والقائمة على إفتراضات ومسلمات فمثلا: للضوء سرعة ، ويعتقد أن سرعته هي الحد الأعلى للسرعة في الكون،  وثبات سرعته في الوسط نفسه هي حقيقة لم يتم إثباتها إلى اليوم. وبالرغم من هذا فالنظرية النسبية تعتبر من النظريات القوية والمتماسكة والتي تعد من الأركان الأساسية في الفيزياء الحديثة.          

نحن مكرهون على التصديق بصحة الإفتراضات والمسلمات لا لشيء سوى أن وجودنا يعتمد على صحتها. وهذا ما يضيف مفهموم جديد لطبيعة الحقيقة الخاصة بالكون المرئي.

كل ما لا يمكن إدراكه بشكل واضح بالمنطق أو الحواس يدخل في دائرة الإيمان، فنحن نصدق بوجود تلك الأشياء. فهذا الإيمان أو التصديق قائم على الحدس والتوقع والاستنتاج العقلي المجرد وليس قائم على الإدراك المباشر (إدراك الحواس). نحن نقول في أنفسنا "أنه يجب أن يكون ذلك الشيء هناك... يجب أن يكون كذلك ليصبح الأمر منطقياً، ويعطي صورة مقبولة للأمور" فلا بد من وجود (جزىء الجرافتون) – الإفتراضي - لوجود الجاذبية ويجب أن توجد (الأبعاد الإحدى عشر) لتتمكن الأوتار الفائقة من الإهتزاز وتكوّن المواد والقوى الطبيعية من حولنا، ولابد من وجود (النقطة) لنبني (المستوى الإحداثي).

ولابد للكون من إله ليوجد. والبشر منقسمون إلى صنفين؛ صنف يعطي الأولوية للعلم والمنطق. وصنف آخر يعطي الأولوية للإحساس والشعور. ولكن من هو الصائب ؟؟ في الحقيقة نحن بحاجة لكلا القوتين: قوة المنطق، وقوة الإيمان؛ قوة المنطق والمعرفة تساعدنا في البقاء, وقدرتنا على الإيمان تساعدنا على تجاوز قدرتنا البشرية والإنجاز والإستقرار النفسي.

وداخل كل كائن بشري توازن: حساس بين المنطق والإيمان, وهذه النقطة هامة جدا، ويجب فهمها بشكل جيد. التوازن الخاص بالمنطق والإيمان يبني الإدراك الفردي. إن طغت قوة الإيمان على المنطق فنحن أماما أشخاص حساسين جداً للبيئة المحيطة وهم بطبيعتهم يسلمون إدراكهم إلى المبادئ التي يؤمنون بها ويصنعون في ذهنهم صورة للعالم توافق تلك المبادئ، ويؤمنون بأن تلك المبادئ هي حقائق ثابتة. وكل ما يعترضها أمر ما يعتبرونه غير حقيقي ولا يستحق الوجود، كما أنها – قوة الإيمان - تجعلهم يشعرون بالطمأنينة و الراحة. وفي الحقيقة هم يرون العالم - ليس العالم الحقيقي- بل العالم الذي يبدو من خلال تلك القناعات والمبادئ الإيمانية داخل عقلهم. وخلال إحدى المرات قابلت رجلاً هندياً والهند تدين بالهندوسية كديانة غالبة. سألت ذلك الرجل مرة: "هل تعتبرون الأبقار فعلاً آله؟" فنظر إلي وكأنه يتحقق من جدية السؤال، ثم أجاب: "نعم". وتسائلت في نفسي: "إن كانت تلك الأبقار آله، فماذا تكون الحمير والبغال؟... هل تعتبر  من أوليائهم الصالحين؟!" فقلت له: "ألا ترون أن تلك الابقار أصلح أن تكون طعاماً منها أن تكون آله، بالتأكيد ستكون أكثر نفعاً" فقال: "لقد سألتني عن عقيدتي وأجبتك" وقد أبدى ملامح الشفقة عليّ والحزن لحالي وعدم قدرتي على إستيعاب جمال إلهه المزعوم.

وهذا حسب رأيي مثال للإدراك المستند كلياً على الإيمان والشعور دون إعطاء أي إعتبار للعقل أو المنطق. وفي هذا العالم آلاف الأديان ورغم ذلك فدين واحد فقط هو الصحيح.

في الدين الإسلامي لا يتحقق الإيمان دون العلم، فمن لقي الله على جهالة فكأنما لم يؤمن به. فالعلم وسيلة للوصول إلى الإيمان الصحيح بالله عز وجل.

يقول الله عز وجل:

(( شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ))  [18 آل عمران]

(( قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ )) [الزمر 9]

 

لقد عاب الله على المشركين العرب عبادتهم لما لا يضرهم ولا ينفعهم وهي أصنامهم، فهم لم يستخدموا عقولهم للإستدلال على خطأ إعتقادهم وإيمانهم، بل إتبعوا أهوائهم وشعورهم. وفي المقابل فإن نظرة مجردة إلى المنطق كقوة وحيدة مسيطرة على العقل تجعل المرء يستمر في طرح الأسئلة إلى مالانهاية. لكن إذا إستمررنا في طرح الأسئلة هل سندرك كل شيء؟

إن إختلال الإتزان نحو المنطق المجرد ودفع العقل إلى إدراك ما لايمكنه إدراكه، سيصل بالعقل إلى حالة الإنهيار الذاتي على نفسه ويمتص الإدراك أو المنطق إلى حالة تسمى "الجنون " فالمجنون غير قادر على الإدراك، وهو بذلك غير قادر على الإيمان أيضاً. وحالة الانهيار تلك نراها في الأجهزة والحواسيب "آلات المنطق" السبب الوحيد الذي يجعل تلك الأجهزة تتلف أو تتوقف هو جعل معالجاتها تتعامل مع كميات كبيرة جداً من البيانات تفوق قدرتها، فترتفع حرارة تلك المعالجات مع الوقت، فيصل النظام إلى النقطة التي ينهارعندها المعالج وهي اللحظة التي يتوقف الجهاز فيها عن العمل، وهذا ما يقابل حالة الجنون عند البشر. الجنون بحد ذاته منطقة موجودة داخل كل إنسان فكل إنسان له القابلية للامتصاص نحو الجنون. وما يحفظ الإدراك بعيداً عن تلك الفجوة المظلمة هي المنطلقات الإيمانية؛ الإيمان يردع المنطق عن الوصول إلى المناطق التي يبدأ عندها بالإنهيار. ونحن نلجأ إلى الإيمان بوجود الشيء لأننا ببساطة غير قادرين على إدراك وجوده بالمنطق المجرد.

يقول الله تعالى:

(( وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا مسؤولاً )) [الإسراء 36]

(( وَمَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا )) [النجم 28]

 

والإيمان دون وعي هو إيمان المقلّد والذي يهتز عند أول شبهه. ومن يريد إيماننا صحيحاً فعليه بالعلم. لذلك فإن الطريقة الوحيدة لإدراك الأشياء إدراكاً صحيحاً يتمثل بالموازنة بين الإيمان والمنطق.
إن الفرق بين الإيمان والجهالة وبين المنطق والجنون هو فارق رفيع جدا...لا يدركه إلا الفكر الصافي والوعي المستنير.

 

* * *

 

قــــــــوة خفيــــة
هنالك قوة أخرى تلوح من بعيد وهي قديمة قدم الإدراك البشري بحد ذاته وهي ليست ظاهر لمعظم الناس، وهي القوة الكامنة في الخيال. نحن نعتقد أن الأطفال أو الفنانون المحترفون هم فقط من يستطيع التخيل. في الحقيقة جميع البشر بلا إستثناء قادرون على تحقيق مستويات عالية من الخيال. قوة الخيال لا محدودة لذلك قال نابليون بونابرت مرة: "الخيال يحكم العالم!". وقال ألبرت أينشتين: "الخيال أفضل من المعرفة". المعرفة جامدة بالأرقام والمعادلات والقوانين أما الخيال فواسع لا يحده قانون أو قيد. قوة الخيال تدفع الإبداع البشري إلى أقصى حدودة، هو الفضاء القديم الذي تنشأ منه جميع الإدراكات والمفاهيم. ما ندركه نستطيع تخيله، وما نتخيله يمكن أن ندركه. وكما يقول "روبرت بروس" فإن 99% من الناس لا يتخيلون. ليس لأنهم غير قادرين على ذلك، بل لأنهم ببساطة يعتقدون أنهم غير قادرين على التخيل. فقط قلة من الناس يستطيعون التخيّل دون مصاعب كبيرة. الخيال يمتلك القوة الكافية لصنع الحقائق، الخيال يقود العزيمة ويعطي الأهداف والتطلعات. الخيال ينجز المستحيل. وهذه القوة الكامنة في النفس البشرية تبقى قابعة في الظلمات لا تَدرك ولا تَعرف. إن الوصول إلى هذه القوة الهائلة وإستغلالها في صالح الفرد والبشرية إحدى الأهداف الرئيسية لعلوم مثل البرمجة اللغوية العصبية وبرامج توسيع الإبداع والتطوير الذاتي. وتوسيع الخيال والقدرة على التحكم به هو السبيل الوحيد للسيطرة على العناصر الآخرى في الإنسان كالجسد والعقل. القدرة على تصوير الأهداف والطموحات كصور مرئية واضحة في العقل وجعلها حقائق يؤمن العقل بوجودها. تدفع الإنسان إلى بذل أقصى طاقاته في الطريق إلى جعلها حقائق في الكون المرئي أيضاً...
الخيال هو القوة المحركة للعالم. والعديد من العباقرة الذين أنتجتهم البشرية هم متخيّلون ماهرون.

* * *

 

مبدأ الشــــــــــك
المبدأ المذكور هنا مغاير لمبدأ اللايقين الخاص بميكانيكا الكم. نحن لا نتحدث هنا عن علم بل عن فلسفة. خلال الملاحظة الدقيقة للاستجابة البشرية للمؤثرات القادمة من الكون المرئي، يمكننا أن ندرك أن الصورة التي نكوّنها لهذا الكون في عقولنا هي صورة ناتجة في الأساس من بوابات الإدراك الحسية. نحن نتحدث هنا عن الحواس الخمسة كالسمع والبصر والإحساس. نحن نبني صورة العالم من حولنا بناءاً على هذه الحواس. ولكننا في الحقيقة قاصرون حسياً, فبصرنا لا يرى إلا مجموعة محددة من الموجات الضوئية وسمعنا لا يلتقط إلا مجموعة محدد من الموجات الصوتية ولا يمكننا أن نشعر بجميع درجات الحرارة والضغط. وبناءاً على ذلك فإن الصورة المتكونة في عقولنا حول هذا العالم هي صورة ناقصة أيضاً. في الحقيقة نحن لا نرى من العالم الحقيقي سوى من شريحة ضيقة، نحن لا نرى سوى قطعة صغيرة من الحقيقة الكامنة. وهذا ما أطلق عليه "الكذبة" الحقيقة التي نراها في الحياة ليست كذبة. الكذبة هي أن نعتقد بأن ما نراه هو الحقيقة... نحن نرى فقط جزءاً صغيراً جداً من الحقيقة المطلقة.
وهذا يعطي مقولة أن "حواسنا يمكن أن تخطىء" معنناً جديداً...

إن جميع حالات الوهم هي حالات تخفق فيها حواسنا عن إدراك الأمور على حقيقتها.كما أن هناك فشل أيضاً في الربط بين العقل مركز الإدراك وبين هذه الحواس ومنها نحصل على نتيجة خاطئة لحقيقة الشيء. ولا يمكن أن نجزم أيضاً بأن مبدأ الشك لا يمكن أن يصل إلى المنطق وهذه ستكون كارثة للفلاسفة الذين ينظرون للمنطق كإله لا يخطأ وكشيء ثابت وقادر على التماسك في وجه تيارات الزمن. ورغم أن حالات إنهيار المنطق نادرة وهي ما يجعل هذا العالم مستقراً إلا أن هذا لا يعني أنه كذلك في الحقيقة. بل إن مفاهيم مثل الحقيقة تبدو مفاهيم فضفاضة فكل شخص يرى جزءاً من الحقيقة الكاملة. ولذلك تنتج الآراء والتقديرات المختلفة. فنحن عاجزون على الإدراك الكامل للمفاهيم التي تبني العالم من حولنا.. إن الخطوة الأولى والأساسية نحو تحرير الذاتي هو بإدراك حقيقة هذا العالم، وحقيقة هذا العالم هي: أننا لا ندرك حقيقته. إن الإفاقة من حالة السُكر الجماعي التي يعيشها معظم البشر هو الأساس والطريقة الوحيدة التي قد توصلنا إلى الإدراك الصافي وحقيقة مكنون الأشياء.

(( وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (6) يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآَخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ (7) )) [سورة الروم]

رغم مرور أكثر من 1400 عام على آخر عملية تحرر للعقول بنور الإسلام فإن الناس بحاجة اليوم إلى التحرر مرة أخرى ... التحرر من عبادة المادة ... إلى عبادة الله الخالق لكل مادة.

 

 

 

 

محمد العمصي

 

 

 

مقال معاد نشره

 

 

طباعة الصفحة من أجل طباعة الصفحة، تحتاج إلى قارئ PDF

 

 

ما كتبه أهل بيتنا بخصوص هذا المقال :

بسم الله الواحد الاحد الفرد الصمد وصلى الله على المصطفى احمد واله الطيبين الطاهرين
شكرا لجهودكم وعلى المقال الجميل وعلى اهتمامكم بزواركم .

 

سيد عادل الموسوي

 19 سبتمبر 2010  -  الكويت

 

تلك الثنائية أول جذرين من جذور الشجرة المتفرعة، أقصد بأنها تقوم عليها مختلف الادراكات التي بدورها تؤثر على الكائن ومحيطه. أن نفهم كيفية عملهما والتحكم بهما لا تحكمهما بنا, اعتبره أمر هو بالواقع فطري ولكن كوننا نعيش في بيئة معاكسة للفطرة فتصبح تلك المهمة بها صعوبة عالرغم من شدة بساطتها بالاصل, فإن يكون لي قلب أعقل به, طريقة لأن أصل الى استشعار الإيمان بجفاء العقل.. الا لا يزال هنالك من يفكك تلك الثنائية ويميل لأحدهما بتطرف معتبرا في ذلك قوة, أو يكون خاضع جهلا تحت قوة رسمت له هذا النمط من التطرف.

أخي محمد أهلا وسهلا بك بيننا في بيت الصفا..

 

".. ح .."

   20 سبتمبر 2010  -  الكويت

 

سطور رائعة، تناولت احدى القضايا الفكرية الفلسفية والعلمية، وأكثرها جدلا، بين الخيال العلمي، وبين الحقيقة العلمية المؤكدة. جمل طويلة متماسكة بالمعنى والتسلسل، تبين لي مدى عمق ذلك الفكر، وطول نَفَس صاحبه.

 

إلا إني أحب أن أضيف مداخلة بسيطة على تلك المقالة، وهي أن الأخ محمد تحدث عن الفرضيات العلمية التي تصف شكل الكون - مثلا - حتى لو كانت منطقية وتستند على معطيات ومقدمات علمية ما، ولكنها بالنهاية فرضيات لا يمكن أن تكون حقائق، بينما العلماء أو حتى الباحثون والقراء، يأخذونها على إنها حقيقة، بينما هي "خيال" محاولة لتكوين صورة واضحة عن الكون وابعاده.. وهذا الخيال الذي يحاول الوصول لشيء ما يجب الانتباه منه.

 

أما الخيال الآخر المفيد، والذي تحدث عنه تحت عنوان "قوة خفية" فهو الخيال الذي لا يتعدى حدود كيان المرء لنفسه، خيال يتحكم بقوة العقل الباطن، لأن بالنهاية الخيال عبارة عن عملية صنع أفكار، والأفكار هي قوة كهرومغناطيسية تحمل شحنات كهربائية، يمكنها أن تأثر على العقل الباطن، وبالتالي على فسيولوجية الجسم وكذلك على الهالة. وبالتالي فإن الخيال الأول يعتبر خيال ذو فائدة مبتورة، بينما الخيال الثاني يمكن الاستفاد منه، في التنويم المغناطيسي،  ومعالجة بعض الحالات المرضية، والتحكم بطاقة العقل.

 

الخيال قريب جدا من الحلم، فالخيال يبني عالم آخر من عالمنا هذا، وكذلك الحلم يبني عالم متحرر من القوانين، من صور ومعطيات من عالمنا هذا. فيمكن للخيال أن يعالج ويفيد، كما الحلم يعالج حالات نفسية وجسدية مثل الكبت العاطفي أو الكبت الجنسي من خلال الاحتلام أو غيرها.

 

كذلك يمكن للخيال أن يكون قوة كما تفضل أخي محمد، فهو له علاقة بصياغة المنطق، فالخيال يعطينا فرضيات واحتمالات، من خلالها نجعل المنطق يحللها ويختار مايصلح ومالا يصلح منه. فيمكن أن نشبه الخيال بمساحة خاصة متحررة من القيود المنطقية الصارمة، يمكن للمنطق فيها أن يغتسل ويستزيد من طاقته.
 

أحمد الفرحان

   21 سبتمبر 2010  -  الكويت

 

المقال جميل ومفيد حيث أنه يقوم على ترتيب الأفكار والمعلومات ووضعها تحت تسمياتها الصحيحة، وفي مكانها الصحيح وايضاح الروابط بينها.

 

كما نلاحظ أن الأديان تستمد قوتها ونفوذها من البشر علما أن العكس يجب أن يكون ومع تسليمنا لوجود دين صحيح واحد فقط.. إلا أننا لانزال نسيء فهم هذا الدين وهذا الفهم الخاطىء هو الذي يقودنا إلى الأفعال غير المسئولة والخاطئة, كل منا يحتاج لأن يتصالح مع نفسه حتى يستطيع الانطلاق نحو الآخر. والشكر لكاتب المقال.

 

حسن

   24 سبتمبر 2010  -  سوريا

 

مقالة رائعة جداً.
فالثنائية في الادراك البشري موجودة ولكن عدم توازنها لدى الناس أدى إلى هذا الوهم والضياع الموجود.
عندما نصل الى مستوى فكري يمكننا من تميير الخطأ من الصواب هنا تكمن القدرة في المحافظة على هذا التوازن.
 

أما بالنسبة للخيال فهي نظرية صحيحة وجربتها.
فعند كتابتك لقصيدة ما تتولد في ذهنك الاف من التخيلات والصور التي تأخذك الى عوالم بعيدة جدا عن عالمنا وهذا ما يفسر الراحة والطمأنينة التي أشعر بها عند انهاء القصيدة.
وكما قال الأخ حسن هذه المقالة عبارة عن تسميات لأشياء موجودة من الصعب تسميتها فشكرا لك يا أخ أحمد وشكرا للكاتب وبانتظار كل جديد.
 

رواد

   29 سبتمبر 2010  -  سوريا

  

 

للاتصال بنا

ahmad@baytalsafa.com

أحمد الفرحان -الكويت.

 

 

 

facebook

أحمد الفرحان

مجموعة الاسقاط النجمي

مجموعة التحكم بالأحلام

 

 

 

 

 

"لو كان الفقر رجل لقتلته" رغم حجم الصدقات التي يدفعها الشعب البترولي. إلا أن لا زال الفقر والمرض والطمع موجود. نحتاج إلى حياة جديدة تنفض الغبار لتنتعش الإنسانية من جديد.

مالك أمانة، فانتبه أين تصرفه.. للسلاح أم للسلام.

 

الدعم المعنوي لا يقل أبدا عن الدعم المادي، لأن كلاهما يعبران عن قدرتنا على صنع واقع صحي جديد.

 

 

____________________________

جميع الحقوق محفوظة بالملح وبعلب صحية